الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
الترفيه

السعادة الحقيقية

السعادة الحقيقية
15 نوفمبر 2018 00:41

منذ سنوات كنت في زيارة لأستاذنا البروفيسور مارتن سليجمان، مؤسس علم النفس الإيجابي في مركزه بجامعة بنسلفانيا، وتبادلنا الحديث في موضوعات عدة.. منها أنني اقترحت عليه شعاراً قمت بتصميمه لهذا العلم المعني بدراسات السعادة..
كانت فكرة التصميم بسيطة.. أخذت شعار علم النفس هذا Ψ وقمت بتعديله ليبدو وكأنه وجه مبتسم.. هكذا Ψ.. فما رأيك يا بروفيسور سليجمان؟ نظر إليه وقال: لا يعجبني
سألته: لماذا؟
فأجاب: بسبب الابتسامة
ابتسمت وقد فهمت ما يرمي إليه.. لم يعجبه أن أرمز للسعادة بالابتسام، لأنه لا يعتبر السعادة عاطفة..
قلت: بسبب سعادة الفضائل Eudaimonia؟
هز رأسه قائلاً: نعم، بالضبط
سعادة الفضائل هذه -عزيزي القارئ- مفهوم فلسفي قديم، عاد اليوم ليصبح موضوعاً خصباً للبحث العلمي.. ويتلخص في أن السعادة الحقيقية، ليست مجرد شعور مؤقت (كالفرحة والسخرية والضحك..) بل هي حالة عامة.. تقييم للحياة ككل.. أن يشعر الإنسان أنه في المكان الصحيح يفعل الشيء الصحيح المتناسب مع قدراته ورغباته، في بيئة اجتماعية تدعمه، في سبيل تحقيق هدف ذي قيمة عليا يعطي معنى لحياته.
ما يجعل السعادة صعبة المنال هو عدم وضع تعريف واضح لها.. أو وضع تصور خيالي مستحيل البلوغ أصلاً، يشبه بوستر فيلم جيم كاري Yes man الذي يقفز فيه في الهواء مبتسماً فاتحاً ذراعيه وكأنه يحتضن الكون.. لا يمكن لإنسان أن يعيش طيلة حياته في هذه الحالة الانفعالية، وإلا كان مضطرباً نفسياً! ليست هذه هي السعادة يا عزيزي.
السعادة ليست الابتسام.. ليست الانتشاء.. ليست الضحك والقهقهة.. ليست الفرحة العارمة.. هذه من مكونات السعادة اللحظية - وتكرارها قدر الإمكان مهم طبعاً- لكنها ليست كل السعادة، وليست الغاية النهائية!
هل تريد أن تكون سعيداً حقاً؟
لو حددت معنى حياتك، ولك هدف تصحو لأجله كل صباح، وتستمتع بما تفعله، وحولك أناس تحبهم ويحبونك، وتفعل من حين لآخر ما يبهجك وما يحقق قيمك العليا، فأنت إنسان سعيد في الحياة يا عزيزي.. وهو المعنى الذي لخصه فرويد ببراعة حين قال:
جوهر إنسانيتنا.. هو أن نعمل وأن نحب.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©