دينا محمود (لندن)
كشف تحقيق بريطاني أن النظام التركي أقدم على شحن أطنان من الأسلحة الثقيلة إلى حكومة فايز السراج المتحالفة مع الميليشيات المتطرفة في ليبيا، وذلك بعد أيام قليلة من تعهد رئيسه رجب طيب أردوغان، باحترام الحظر المفروض من جانب الأمم المتحدة، على توريد السلاح إلى الأطراف المتصارعة في هذا البلد.
وأشار التحقيق إلى أن الشحنات، التي شملت ناقلات جنود مدرعة ومدافع مضادة للطائرات وبطاريات مدفعية ذاتية الحركة، سُلمَت لحكومة السراج، في وقت كان فيه المجتمع الدولي يبذل جهوداً محمومة، لفرض وقف لإطلاق النار في ليبيا، في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ عدة سنوات.
وبحسب التحقيق الذي أجرته الخدمة الدولية في هيئة الإذاعة البريطانية، تم نقل جانب من هذه الأسلحة على متن سفينة شحن تحمل اسم «بانا»، غادرت ميناء مرسين التركي يوم 24 يناير الماضي، أي بعد أقل من أسبوع من توقيع أردوغان على بيان صدر عن مؤتمر برلين الذي عُقِدَ بشأن الأزمة الليبية، وتعهد في ختامه المشاركون فيه باحترام حظر السلاح الأممي المفروض على الفرقاء الليبيين.
وأشار التحقيق إلى أن السفينة التي استخدمتها السلطات التركية في عملية توريد السلاح هذه، زعمت في البداية أنها متوجهة إلى تونس، ولكنها أغلقت أجهزة الإرسال والاستقبال الموجودة على متنها مع اقترابها من السواحل الليبية، لترسو في نهاية المطاف برفقة سفينتين حربيتين تركيتين في ميناء طرابلس، الخاضع لسيطرة ميليشيات حكومة «الوفاق».
ووفقا لصحيفة «دَيلي تليجراف» البريطانية، التي أوردت مقتطفات من التحقيق، كُشِفَ النقاب عن هذه الرحلة المشبوهة، بعد أن رست السفينة بعد ذلك في ميناء جنوة الإيطالي، وأبلغ أحد أفراد الطاقم الشرطة هناك، بتفاصيل الأسلحة التي جرى تسليمها إلى مسلحي حكومة السراج، وتضمنت مركبات قتالية للمشاة من طراز «آيه سي في - 15»، ومدافع مضادة للطائرات من طراز «أورليكون جي دي إف».
وتتطابق الصور التي التقطتها عناصر الشرطة الإيطالية للأجزاء الداخلية من السفينة، التي كانت ترفع العلم اللبناني خلال رحلتها، مع ما ورد في مقاطع مصورة سبق تداولها على موقع تويتر في أواخر يناير، وأظهرت كميات من الأسلحة موضوعة في حاوية سفينة راسية في طرابلس.
وقالت «دَيلي تليجراف» إن الصور المُلتقطة في جنوة، تطابقت كذلك مع صور حديثة حصل عليها القائمون على التحقيق، لأسلحة ومعدات عسكرية، كانت مُخزنة في السفينة «بانا».
وكشف التحقيق نفسه أن تركيا أرسلت بعد ذلك سفينة أخرى تحمل اسم «آنا» إلى ليبيا، نقلت على متنها شحنات أخرى من السلاح إلى الحكومة المحاصرة في طرابلس. وقال إن طاقم السفينة الثانية أغلق بدوره أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها، لدى اقترابها من المياه الإقليمية لهذا البلد الممزق بالحروب.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الأدلة تفيد بأن عمليات تهريب السلاح التركية لـ«الوفاق» مستمرة منذ عام 2019 على الأقل. وقالت إن هناك صوراً التقطت العام الماضي، تُظهر مركبات مدرعة تركية الصنع في يد مسلحين موالين لصلاح بادي، وهو قائد ميليشيا تُطلق على نفسها اسم «لواء الصمود»، وتُدرج الأمم المتحدة اسمه على قائمة عقوبات أصدرتها أواخر عام 2018، لاتهامه بالمشاركة في أنشطة تزعزع الاستقرار في ليبيا.
وأوضحت «دَيلي تليجراف» أن بادي -وهو من مدينة مصراتة- يقاتل حالياً إلى جانب حكومة السراج، مُشيرة إلى أنه كان من مؤسسي ميليشيات «فجر ليبيا» التابعة لجماعة «الإخوان» الإرهابيين، المتهمة بالمشاركة في عملية أسفرت عن تدمير مطار طرابلس عام 2014.