لا أعرف سبباً للعلاقة المتوترة بين المسؤول والصحفي والتي تزداد سوءاً يوما بعد يوم من جراء الإجراءات الصارمة والعراقيل التي توضع أمام الصحفي في محاولته للبحث عن الخبر أو الاستفسار عن موضوع يهم الناس، ففي الوقت التي تسعى فيه الحكومة الاتحادية وبعض من المؤسسات والهيئات والدوائر المحلية إلى ترسيخ مبدأ الشفافية، وإعطاء المعلومات وكشفها أمام المجتمع من خلال مختلف وسائل الإعلام، فإن الغالبية العظمى من هذه الوزارات والدوائر والمؤسسات تبدي تعنتاً أمام نشر المعلومات من خلال الالتفاف حولها أو تأخير خروجها، وقبل ذلك وضع العراقيل أمام الصحفي ما يضطره للبحث عن المعلومة بطرق أخرى قد لا تكون سليمة. لقد ابتدعت الوزارات والدوائر والمكاتب الإعلامية بحجة التنظيم والحفاظ على سلامة المعلومة قبل خروجها وتحديد مصدرها، وشيئا فشيئا تحولت مهام هذه المكاتب إلى وسيلة لحجب المعلومات وزيادة الهوة بين الصحفي ومصدره الأصلي. المشكلة أن المسؤول أو الجهة المخولة بالتصريح لوسائل الإعلام تعي تماما أن العالم قد تغير وأصبحت المعلومة تصل إلى الناس بعد حدوثها وقبل أن يعلمها المكتب الإعلامي أحيانا، وذلك بفضل التطور المثير الذي واكب تقنية الاتصالات والتواصل ما بين البشر لدرجة أن العالم بعدما كان قرية صغيرة أصبح في الوقت الحالي غرفة صغيرة. إلا أن أصحاب العقول المتحجرة لا تفهم هذا المعنى وتصر على حجب المعلومة أو تأخيرها بعد عرضها على أكثر من مسؤول، الأمر الذي يؤثر بالسلب على عمل الزملاء الصحفيين وكأن التحديات التي تواجهها الصحافة التقليدية لا يكفيها فكان لابد من زيادة الأعباء عليها! الحديث عن التحديات الكبيرة التي تواجه الصحف المطبوعة بل والوسائل المرئية أيضا والتطورات الكبيرة التي صاحبت الإعلام الإلكتروني وجعلته في مقدمة وأولويات وفي متناول يد الجميع بفضل التقنيات الحديثة في وسائل الاتصال يطول، ويكفي أن تعلم عزيزي القارئ أن العالم يزداد تحولاً يوما بعد يوم إلى الإعلام الإلكتروني ومتابعة الأخبار والتصفح عبر المواقع والجرائد الإلكترونية التي تتيح لها التقنية نشر المعلومة بصورة سريعة وخالية من أي قيود أو عراقيل يضعها جهابذة التقليدية وأصحاب الروتين المزمن، وأعرف مواقع على الإنترنت تتيح لكافة البشر متابعة الكوارث والحوادث والأحداث لحظة وقوعها مباشرة. إن فكرة مكاتب إعلامية في كل وزارة وهيئة ودائرة محلية أو اتحادية هو بمثابة مقص الرقيب، وهذا أسلوب قديم تخلت عنه الدول المتحضرة التي تنشد على الأقل بعضاً من الشفافية لنقلها إلى مجتمعاتها والغريب أنه في الوقت الذي تحرص فيه القيادة على أهمية حصول الصحفي على المعلومة من مصدرها الأصلي وفتح المجال أمامه ليكون مرأة المجتمع يصر صغار الموظفين وأصحاب الأفكار التقليدية على حبسنا داخل المكاتب الإعلامية، إن مقولة «ليس كل ما يقال يكتب» تغيرت وأصبحت من الماضي، وأصبح من حق الجميع معرفة كل ما يقال عبر مختلف وسائلنا الإعلامية.