تجاوز رئيس الوزراء الإيطالي «جوسيبي كونتي» بالفعل كل توقعات معظم خصومه السياسيين، بعد أن نجا من انهيار حكومته الأولى في الصيف الماضي. لكن ائتلافه الثاني هش للغاية، لدرجة أن مجموعة من القضايا يمكن أن تتسبب في تعثره في وقت مبكر من هذا الشهر. في شهر يونيو 2018، قام «كونتي» بقيادة ائتلاف بين حركة «خمس نجوم» المناهضة للمؤسسة والشعبويين اليمينيين في «حزب الرابطة». وعندما انهار الاتفاق، ساعد على تأسيس تحالف جديد مع حركة «خمس نجوم» والحزب «الديمقراطي»، وهو مجموعة «يسار الوسط» التقليدية في إيطاليا.
وبعد توجيه موازنة عام 2020 عبر البرلمان، قال «كونتي»، 55 عاماً، للصحفيين في 28 ديسمبر المنصرم، إنه يريد بدء السنة الجديدة بالتفاوض على برنامج حكومي يساعده على الوصول إلى نهاية الولاية البرلمانية في عام 2023.
ولكن مع تصدر «حزب الرابطة» استطلاعات الرأي، ومع استمرار معاناة زعيمه «ماتيو سالفيني»، بعد محاولته الفاشلة للاستيلاء على السلطة العام الماضي، سيتطلب النجاح استغلال رئيس الوزراء لمقومات ذكائه السياسي. وقد وضعت هشاشة الائتلاف المستثمرين في حالة تأهب، مع تراجع أداء السندات الإيطالية عن نظيراتها في منطقة اليورو.
وفيما يلي العقبات الرئيسية التي يواجهها في شهر يناير فقط:
- محاكمات بلا نهاية: استدعى «كونتي» قادة الائتلاف لحضور اجتماع يوم 7 يناير، بخصوص دعوة حركة «خمس نجوم» لتغيير المهل الزمنية للمحاكمات للمرة الثانية. وتريد حركة «خمس نجوم» تغيير قانون التقادم، لأن نظام العدالة البطيء في إيطاليا يعني أن المحاكمات غالباً ما ينتهي أجلها قبل الوصول إلى الحكم النهائي.
لكن «الديمقراطيين» يعارضون إحداث تغييرات جذرية، ويقول حزب إيطاليا الحية (إيطاليا فيفا) –بزعامة رئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي – إنه على استعداد للتصويت مع المعارضة لمنع إهدار حقوق المتهمين بسبب محاكمات لا تنتهي.
- استفتاءان: من الممكن إجراء استفتاءين منفصلين هذا الشهر حول الإصلاح الانتخابي، أحدهما حول مبادرة حركة خمس نجوم –التي تمت الموافقة عليها بالفعل – لتقليص عدد المشرعين، والثاني حول اقتراح «حزب الرابطة» بتقديم نظام «الفوز للأكثر أصواتاً» على الطراز البريطاني.
وكان الاستفتاء الأخير الذي أجري في إيطاليا، قد وضع نهاية مبكرة للفترة التي أمضاها رينزي في منصبه. وإجراء استفتاء آخر من شأنه أن يعرض «كونتي» للخطر، لأن المجموعات التي ستخسر في ظل قواعد التصويت الجديدة، ستفكر في إجراء انتخابات مبكرة قبل دخول النظام الجديد حيز التنفيذ. وقد تسبب هذا الخطر بالفعل في قلق المستثمرين.
- قضية سالفيني: يواجه سالفيني دعوى قضائية محتملة لرفضه السماح لسفينة إنقاذ مهاجرين بالرسو في صقلية في شهر يوليو الماضي، عندما كان وزيراً للداخلية. ومن المقرر أن تصوت لجنة في مجلس الشيوخ في 20 يناير الجاري، حول ما إذا كانت ستحظر أي محاكمة لسالفيني، وهو أيضاً عضو في مجلس الشيوخ، قبل التصويت من قبل المجلس بكامل هيئته. ومن جانبه، يقول سالفيني إنه كان يطبق سياسة الحكومة.
والقضية هي عامل آخر لزعزعة الاستقرار في التحالف مع تهديد «رينزي» بالخروج عن الصف ودعم زعيم «حزب الرابطة».
- المعقل الأحمر: تريد كتلة سالفيني التي تمثل «يمين الوسط» السيطرة على معقل «إميليا رومانيا» اليساري في الانتخابات الإقليمية المقرر إجراؤها في 26 يناير الجاري، بينما تقاتل حركة «خمس نجوم» و«الديمقراطيون» بعضهم البعض.
وانتصار كتلة «سالفيني» من شأنه أن يجعله يبدو وكأنه لا يمكن إيقافه، وسيقدم الذخيرة للمنشقين عن الحزب «الديمقراطي» الذين يريدون الانسحاب من الائتلاف، بحجة أن دعمهم لكونتي يأتي بثمن مرتفع للغاية.
- إزعاج الشركات: يتعين على «كونتي» أيضاً التفاوض مع سلسلة من ملفات الأعمال الصعبة، التي تبرز التناقضات بين المؤسسة والجماعات المناهضة لها في ائتلافه.
ويريد «لويجي دي مايو» زعيم حركة «خمس نجوم» إلغاء امتيازات الطرق السريعة التي حصلت عليها شركة «إس بي إيه أتلانتا» المملوكة لعائلة الملياردير«بينيتون»، بعد الانهيار القاتل لجسر في جنوة، بينما يريد «الديمقراطيون» التفاوض للتوصل إلى تسوية. ومع اقتراب اتخاذ قرار في هذا الشأن، اتخذت الحكومة الخطوة الأولى لخفض مدفوعات التعويض المحتملة. وقد يتعين على الحكومة أيضاً أن تقرر مدى استعدادها للإنفاق لإنقاذ شركة الطيران الرائدة «أليطاليا».
ومن ناحية أخرى، يريد نشطاء «خمس نجوم» من الحكومة أن تضع حداً للتلوث الناجم عن مصنع للصلب في منطقة بوليا الجنوبية – دون تعريض عشرات الآلاف من فرص العمل التي تدعمها للخطر. ويفكر «دي مايو» و«الديمقراطيون» في وسيلة لتلبية هذه المطالب، ولكن بعد سلسلة من الإحباطات بشأن السياسة البيئية، تهدد قاعدة خمس نجوم بالثورة، ما لم تحصل على ما تريد.
جون فولين
صحفي متخصص في السياسة الإيطالية والشؤون الأوروبية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»