تولي دولة الإمارات العربية المتحدة الكرامة البشرية أولوية قصوى، وهي تقوم بكل ما يلزم من أجل حفظ وحماية كرامة الإنسان بكل تجرد وبعيداً عن أي معايير غير موضوعية سواء تعلق ذلك بالعرق أو الدين أو القرابة أو اللون أو الوضع الاقتصادي أو أي معيار آخر لا يتوافق واحترام كرامة الإنسان، كما تعمل الدولة بكل أجهزتها على محاربة كل السلوكيات أو المظاهر التي تمس كرامة المرء أو تحط من قدره كمخلوق كرمه الله سبحانه وتعالى وجعله محور هذا الكون، ومن بينها ظاهرة الاتجار بالبشر التي تعد من أخطر الجرائم، التي لا يمكن حصرها في نطاق جغرافي محدَّد في العالم، وتتمثل في أشكال متنوِّعة من الاستغلال، الذي يشمل الاستغلال الجنسي، أو السخرة، أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق، أو الممارسات الشبيهة بالرقِّ، أو الاستعباد، أو تجارة الأعضاء، وغيرها.
ولقد كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، سبَّاقة إلى مكافحة هذه الجرائم الخطِرة، التي تتنافى وأمر الله سبحانه وتعالى الذي كرم بني آدم على العالمين، وقيم الدين الإسلامي الحنيف وتعاليمه، وعادات المجتمع الإماراتي وتقاليده الأصيلة، بل وحتى أبسط مبادئ الإنسانية. وقد حققت الدولة نجاحات كبيرة وربما غير مسبوقة على مستوى المنطقة، فقد كشفت إحصاءات اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر أن قضايا الاتجار بالبشر على مستوى الدولة شهدت تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية، حيث انخفضت من 58 قضية موثقة في عام 2010 إلى 16 قضية فقط في عام 2017، ما يعطي مؤشرات إيجابية على نجاح دولة الإمارات في التصدي لمثل هذه الجرائم.
وقد تحققت هذه النتائج المهمة نتيجة خطط منظمة وجهود فعالة بذلتها الدولة ومختلف الجهات والأجهزة المعنية حيث، قامت، أولاً بوضع كل القوانين التي تحمي الإنسان من الاستغلال ووضعت عقوبات رادعة، فمع بداية انطلاق حملتها الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة، عام 2006، تم سن القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 لمكافحة الاتجار بالبشر، والذي تم تعديله بقانون اتحادي رقم (1) لسنة 2015 لتعزيز الدعم للضحايا وحماية الشهود. ثانياً، أطلقت العديد من المبادرات والبرامج المبتكرة من بينها دبلوم مكافحة جريمة الاتجار بالبشر عام 2016، الذي تم بالتعاون بين اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والقيادة العامة لشرطة دبي ومعهد دبي القضائي، وهو البرنامج المهني التخصصي الأول من نوعه في المنطقة والمعني بمعالجة جريمة محددة من الجرائم الجنائية، وقد لاقى هذا البرنامج نجاحاً كبيراً. وثالثاً، عززت الدولة التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال حيث وقعت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر مذكرات تفاهم عدة في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مذكرة تفاهم مع إندونيسيا عام (2015) وأستراليا (2013) وأذربيجان (2011). ورابعاً، واصلت الدولة تعاونها الوثيق مع كل الجهات والمسؤولين المعنيين بإنفاذ القانون إقليمياً ودولياً. وقد أصبحت الإمارات بفضل فاعلية قوانينها وجدية سياستها وما حققته من نتائج بارزة في هذا السياق طرفاً رئيسياً في الحملة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر، حيث تحظى تجربة الإمارات في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وحماية حقوق الإنسان بتقدير دوليٍّ متزايد من المنظمات الحقوقية الدولية المعنيِّة، لما تتضمَّنه هذه التجربة من أطر قانونية وتشريعية تتصدَّى لأسباب تلك الظاهرة السلبية، وبرامج دعم اجتماعي تستهدف توفير الحماية والرعاية لضحايا تلك الجرائم بشكل سريع ومنصف، وقدرة الدولة على التزام جميع الاتفاقيات والمعايير الدولية المعنية، ومواكبتها، ما يؤهلها لأن تكون بالفعل نموذجاً يحتذى به ليس للمنطقة فقط ولكن على مستوى عالمي أيضاً.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية