ربما تغيب عن كثيرين الأهميةُ القصوى لـ«الاستثمار في التسامح»، الذي تحرص عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، وتوليه اهتماماً بالغاً، غير أن أي تقييم دقيق لخسائر التعصب والكراهية، وما يجرّه انتشارهما من ويلات على الأمم والشعوب، جدير بأن ينبّه كلَّ ذي رُشد إلى أن الاستثمار في التسامح شرط جوهري لبناء مستقبل أكثر إشراقاً، وركيزةً أساسية لتحقيق النجاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع يتطلع إلى الإنجاز والنهوض والحياة الكريمة.
من هنا، يأتي عقد مهرجان «إشراقات» الذي تنطلق أعماله غداً، الاثنين 20 سبتمبر 2021، تحت شعار «التسامح معرفة»، بشراكة بين وزارتَي «التسامح والتعايش»، و«التربية والتعليم»، ليكون حلقةً مضيئة في سلسلة طويلة من الفعاليات التي تحرص دولة الإمارات على أن تضمن لها عوامل الاستدامة والتنوع والابتكار، بدعم من القيادة الرشيدة التي تقود هذه الجهود. ويعكس العمل المُضني، الذي شاركت فيه الوزارتان، نموذجاً للتعاون المثمر والخلَّاق الذي يُكسب المهرجان قيمة مضافة، وتأثيراً مضاعفاً، وقدرة أكبر على تحقيق الأهداف.
ويتزامن انعقاد المهرجان -الذي يتوجه إلى الطلبة- مع بدء العام الدراسي الجديد، إيماناً من الدولة ومؤسساتها بأن رسالة التسامح تصبح أعمق وأرسخ حين تصل إلى الأطفال والشباب في المرحلة التي لا يزال فيها وعيهم قيد التشكُّل، إذ تسهم في تشكيل عقولهم، وتندرج بيسر ضمن منظومة رؤيتهم للحياة، وتنعكس تلقائيّاً في حياتهم وسلوكهم وعلاقتهم بأنفسهم ومحيطهم والعالم بأسره.
تمتد أعمال المهرجان ثلاثة أيام، ويشارك فيها نحو عشرة آلاف طالب من مدارس الإمارات وجامعاتها وعدد كبير من دول العالم، إلى جانب أساتذة وأولياء أمور ومدرسين وأساتذة جامعات من كل أنحاء العالم، ما يجعل التنوع والتعدُّدية جزءاً طبيعيّاً من بنية المهرجان، ويهيّئ أرضاً أخصب لقبول التسامح والاختلاف، ويمنح المشاركين تصوُّراً دقيقاً لطبيعة العالم الذي يجب أن يتسع لكل الآراء، باعتبار ذلك «حتمية إنسانية» ناجمة عن الطيف البالغ الاتساع للخصوصيات الثقافية والحضارية.
ويكتمل المشهد مع المحاور التي اخْتِيرت لتكون موضوعات للحوار، بحيث تتجاوز العناوين التقليدية إلى فتح الباب أمام قضايا، من قبيل: تلقي القيم الإنسانية من خلال الذكاء العاطفي، ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم والمجتمع، ودور الإعلام في التعايش المعرفي، بما يعكس اتساع المدى الذي يضمّه مفهوم «التسامح»، بمشاركة عدد من أبرز الخبراء والمختصين الذين يقدِّمون –إلى جانب البعدين القيمي والإنساني- وجهاً جديداً للتعلم، بمعناه الحديث الذي يخلق شغف المعرفة وينميه، على النحو الذي تطمح إليه وتطبّقه دولة الإمارات العربية المتحدة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية