تدعو نفقات قائمة هذا الصيف القاتمة والمتنامية من الكوارث البيئية التاريخية إلى الذهول. فنحن ندفع بالفعل ثمن عقود من تقاعس الحكومة عن اتخاذ إجراءات بشأن أزمة المناخ المتسارعة في صورة خسائر في المحاصيل واضطراب اجتماعي ومنازل متضررة بشدة وبنية تحتية مبنية على فرضية أن المناخ مستقر.
ومن المرجح أن تزداد هذه التكاليف سوءا إذا لم يتم اتخاذ إجراء، كما يوضح تقرير حديث للأمم المتحدة. ولكن هناك تكلفة خطيرة أخرى يصعب إحصاؤها: التأثير الشديد لتغير المناخ على الصحة العامة. نحتاج إلى إصلاح كيفية حساب هذه المشكلة المتزايدة – وبسرعة. بسبب تلوث المناخ الناتج عن الوقود الأحفوري، والذي يتراكم في الغلاف الجوي، أصبحت الظواهر المتطرفة التي لا يمكن تصورها شائعة هذا الصيف.
تُظهر الأحداث الأخيرة بوضوح مجموعة المخاطر المناخية التي تهدد بلدنا من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي. فقد سجلت منطقة شمال غرب المحيط الهادئ وكاليفورنيا مؤخرا عشرات من درجات الحرارة المرتفعة بشكل قياسي، في موجة من الحر الشديد وجد الخبراء أنها «مستحيلة عمليا» من دون تغير المناخ. وتشير التقارير المبكرة إلى أن قرابة 200 شخص لقوا حتفهم بسبب أمراض مرتبطة بالحرارة في ولايتي أوريجون وواشنطن، بينما حدث التواء في الطرق وتوقفت خدمة النقل العام بسبب الحرارة الحارقة.
في غضون ذلك، يكافح الغرب من خلال موجة طويلة وشديدة من «الجفاف الضخم»، الذي يهدد المزارعين بشكل خاص. ويستعد ملايين الأشخاص ربما لأسوأ موسم حرائق غابات في الذاكرة الحية، وللدخان السام الذي يخنق الهواء لمئات الأميال في اتجاه الريح، مما يجعل التنفس صعبا. ويواجه سكان منطقة الغرب الأوسط العليا فيضانات شديدة، بينما يواجه سكان الساحل الشرقي موسم الأعاصير بوتيرة قياسية. قامت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بتتبع الأضرار الاقتصادية لكوارث المناخ والطقس منذ عام 1980.
وهي تقوم بحساب إجمالي الدمار المادي الذي تسببه الأخطار، بما في ذلك حرائق الغابات والأعاصير والجفاف والعواصف وموجات الحر. وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات، عانت الولايات المتحدة في عام 2020 من 22 حدثا قياسيا تسببت بأضرار في الممتلكات والمحاصيل والبنية التحتية بما لا يقل عن مليار دولار. ويتزايد ضرر العديد من هذه الكوارث كل عام بسبب تلوث المناخ الذي يستمر في التراكم وزيادة سخونة عالمنا. ندرة البيانات تعني أن لا أحد يحسب التكاليف الصحية الإجمالية لهذه المشاكل المتفاقمة. لذلك، من المرجح أن يكون الدمار المالي الحقيقي الذي تسببه الكوارث المناخية أعلى بكثير مما تشير إليه الإحصاءات الحكومية.
قام فريقنا البحثي في «مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية» وجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو مؤخرا بتقدير التكاليف الصحية لجزء بسيط من الأحداث التي تتأثر بالمناخ، من خلال تحليل البيانات العامة لعشر كوارث أميركية، مثل حرائق الغابات والحرارة الشديدة وإعصار ساندي، لمدة عام واحد. وكشفنا عن أكثر من 10 مليارات دولار من النفقات المتعلقة بالصحة نتيجة 900 حالة وفاة و17 ألف زيارة لحالات طوارئ و20 ألف من حالات العلاج بالمستشفى في عام 2012. وتتضمن هذه الفاتورة تكاليف علاج قائمة طويلة بشكل مثير للقلق من الإصابات والأمراض ومشاكل الصحة العقلية، بالإضافة إلى التأثير الاقتصادي الناجم عن فقدان الأرواح.
للأسف، فإنه حتى هذه التكلفة هي أقل بكثير من القيمة الحقيقية بسبب ندرة حساب الخسائر البشرية للكوارث التي يسببها المناخ. وعلى الرغم من أن دراسات الإسناد تربط بشكل متزايد بين تغير المناخ وأعباء الموت والمرض المتزايدة، فإننا نعرف ما يكفي عن هذه المخاطر في الوقت الحالي للعمل على الحد منها. تظهر العديد من الدراسات البحثية أن تغير المناخ يصيب أكثر المجتمعات ضعفا. ووفقا لأبحاثنا، يتحمل المرضى الأكثر فقرا وكبار السن نصيبا غير متناسب بشكل كبير من تكاليف الأمراض الناجمة عن التغير المناخي.
وأشار ما يقرب من 1 من كل 3 بالغين أميركيين إلى صعوبة دفع تكاليف الرعاية الطبية اللازمة في دراسة استقصائية حديثة، وعندما يتأخر الناس أو يتجنبون العلاج الطبي للأمراض الموجودة فقد يكونون أكثر عرضة لمزيد من الضرر من مناخ مزعزع للاستقرار بشكل سريع. يوضح تقرير صادر عن الإدارة الوطنية للمحيطات وكبار المتخصصين في المجال الصحي أن أزمة المناخ ليست مجرد مشكلة بيئية، إنها حالة طوارئ صحية عامة. ويُظهر تحليلنا أن العمل المناخي وصفة لصحة أفضل، حيث يتعين علينا تحسين أنظمة الطاقة والنقل والغذاء لدينا من خلال الانتقال السريع إلى مصادر الطاقة النظيفة، مثل الرياح والطاقة الشمسية وتسهيل الوصول إلى الخيارات الصحية منخفضة الكربون. إن الوقت ينفد بالنسبة لمنع التنبؤات المناخية من أن تصبح حقيقة معيشية.
الآن نحن بحاجة إلى الكونجرس لتمرير تشريع قوي لتنفيذ أجندة الرئيس لإعادة البناء بشكل أفضل. ويتضمن ذلك التأكد من إدراج أحكام المناخ في خطة الوظائف الأميركية الخاصة به في مشروع قانون البنية التحتية. وسيؤدي القيام بذلك إلى إطلاق الجهود الفيدرالية من خلال القيام باستثمارات ذكية طال انتظارها في مجالات الطاقة النظيفة والتكيف مع المناخ.
إن العلم واضح، والأضرار الصحية وتكاليف تغير المناخ موجودة هنا اليوم، وستتزايد إذا فشلنا في معالجة سببها الجذري: استخدام الفحم والنفط والغاز كمصادر للطاقة. من ناحية أخرى، يقلل التحول إلى الطاقة النظيفة من تلوث الهواء المميت ويساعد على استقرار المناخ، بينما يمنع الاستثمار القوي للتكيف مع المناخ حدوث المعاناة، ويقلل فواتير الرعاية الصحية وينقذ الأرواح، من خلال إعداد المجتمعات لمخاطر تتزايد بسرعة من حولنا. نحن بحاجة إلى قيادة حازمة من واشنطن، مدعومة بتأييد قوي من جميع أنحاء البلاد، حتى نتمكن نحن والأجيال القادمة من عيش حياة صحية وآمنة ومزدهرة. إن تكاليف التأخير المستمر والتقاعس عن العمل باهظة للغاية.
*عالم المناخ والصحة بمركز العلوم في «مجلس الدفاع عن الموارد البشرية»- نيويورك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»