في يوم الحادي عشر من أغسطس الجاري، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهي لجنة من العلماء تحظى برعاية الأمم المتحدة، تقريراً رسمياً مخيفاً حول المخاطر التي يواجهها كوكب الأرض جراء ارتفاع درجات الحرارة، ومما جاء فيه: «إن التأثير البشري أدى إلى ارتفاع حرارة المناخ بمعدل غير مسبوق خلال الألفي عام الأخيرة على الأقل». وفي رد فعله، وصف أمين عام الأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش التقرير بأنه «تحذير للبشرية». 
التقرير يوضح بشكل مفصل جداً الوقت القصير المتبقي من أجل إنقاذ الكوكب من الكوارث المتزايدة جراء الظروف المناخية المتطرفة، بما في ذلك موجات الحر والفيضانات والجفاف والبراكين والأعاصير وتفشي الحرائق وارتفاع مستويات البحر عبر العالم. ويشير إلى أنه إذا لم تُتخذ تدابير غير مسبوقة خلال العقود القليلة المقبلة، فإن أي احتمال لمنع تزايد الحوادث الكارثية سيكون مستحيلا. 
ومما لا شك فيه أن كمية البيانات العلمية الواردة في التقرير وعدد المتخصصين الدوليين المرموقين الذين اعتمدوا الوثيقة، سيجعلان من الصعب على المشككين في تغير المناخ تجاهله أو التقليل من شأنه. وحتى الآن، فإن أقوى ردود الفعل الصادرة خلال الفترة التي تلت الإفراج عن التقرير جاءت من البلدان الأقل تقدماً، والتي تُعد الأكثر هشاشة والأقل قدرةً على حماية نفسها من التهديدات المحدقة، والتي حاججت عن حق بأن المشكلة الأساسية للأزمة إنما تتعلق بالكميات الضخمة من انبعاثات الكربون التي تطلق في الجو من قبل القوى الصناعية التي اغتنت من توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري، وخاصة الفحم والنفط. 
ومن جهة أخرى، فإن حقيقة أن التقرير نُشر قبل ثلاثة أشهر من التاريخ الذي من المقرر أن يعقد فيه مؤتمر الأمم المتحدة الكبير المقبل حول تغير المناخ في مدينة غلاسغو الاسكتلندية، تؤكد أن الاجتماع لن يتم في توقيت موات فحسب وإنما حاسم أيضاً. والجدير بالذكر في هذا السياق أن إدارة بايدن انضمت من جديد إلى اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 التي انسحب منها الولايات المتحدة خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب في يونيو 2017 بدعوى أن من شأنها أن «تُضعف الاقتصاد الأميركي». ومن المرتقب أن يترأس الوفدَ الأميركي إلى المؤتمر وزيرُ الخارجية السابق جون كيري الذي سيلعب دوراً بارزاً في المفاوضات. أما ما إن كان المؤتمر سيشهد إحراز اختراق مهم بين القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة والصين والهند، فإن ذلك سيتوقف على ما إن كانت هذه الدول الثلاث المذكورة ستتفق على جداول زمنية ذات معنى من أجل تقليص انبعاثاتها من الكربون، وأن تكون جزءاً من الحل بالنسبة للأزمة وليس جزءاً من المشكلة. 
«الجمهوريون» الذين ينكرون تغيّر المناخ ويعارضون في الوقت نفسه عمليات التلقيح وارتداء الكمامات من أجل الحد من تفشي وباء «كوفيد-19» يواجهون خطر أن يُنعتوا بأنهم مناهضون للعلم ومنفصلون عن آراء أغلبية الأميركيين. وإذا كان موقف التحدي هذا تجاه العلم قد يروق لأكثر أعضاء «قاعدة» دونالد ترامب تشدداً، فإنه يبدو من المرجح على نحو متزايد أن هذه الآراء ليست خاطئةً فحسب وإنما خطيرةً للغاية بالنسبة للمجتمع. 
بيد أن الخبر المشجع ربما هو أن معظم استطلاعات الرأي الوطنية والعالمية تُظهر أن الشباب ليسوا واعين بأخطار تغير المناخ فحسب، وإنما يدركون أيضاً ضرورة معالجتها بشكل فوري إذا كنا نريد تجنب كوارث مستقبلية. وعليه، فإن صوت الشباب مهم بشكل متزايد بالنسبة لمعظم البلدان الديمقراطية. ولا شك في أن هذه الحقيقة ستؤثر على الوقائع السياسية في نهاية المطاف وستساعد على التصدي لآراء مَن يعارضون التغيير الضروري في المواقف البيئية للأفراد والدول. 

مدير البرامج الاستراتيجية بمركز «ناشيونل إنترست»