من وجهة نظر الكاتب الإعلامي المصري إبراهيم عيسى، أنّ الصادق الوحيد في القضية المعروفة إعلامياً بـ«خلية داعش إمبابة» هو المتهم الذي اعترف بأنه تلقى الفكر الإرهابي من بعض الدعاة، وعلى رأسهم محمد حسين يعقوب، ومحمد حسّان، وأبو إسحاق الحويني، ومصطفى العدوي، وهم رموز ما يسمى بـ «السلفية» في مصر.
وكانت النيابة المصرية قد أحالت اثني عشر متهماً إلى محكمة جنايات أمن الدولة بتهمة تفجير كمين أمني، واستهداف الخدمة الأمنية على أحد البنوك، وحيازة المفرقعات والأسلحة، فضلاً عن تأسيس وإدارة خلية «داعشية»، تدعو إلى تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه، وتغيير نظام الحكم بالقوة، والاعتداء على القضاة وأفراد الجيش والشرطة، واستباحة دماء المسيحيين واستحلال أموالهم.
وكان أحد المتهمين قد أنكر في تحقيقات النيابة انضمامه إلى تنظيم «داعش»، مؤكداً أنّ علاقته بالدين كانت مقتصرة على سماعه خطب أولئك الدعاة، وأنّ ما اقترفه من جرائم لم يكن بدافع الإرهاب، وإنما تطبيقاً لتفاسير أولئك المشايخ، وقد ذكر أنه مرّ بالتزام ديني في أول شبابه، ثم تأثر بالفكر «السلفي»، ثم انتقل إلى الفكر «السلفي التكفيري»، ثم إلى «الفكر الجهادي»، الأمر الذي دعا محاميه إلى الطلب من المحكمة سماع أقوال كل من يعقوب وحسّان، ومناقشتهما في الفكر الذي يروجان له وتأثر به المتهم.
وقد مَثُل كل من الشاهدين أمام المحكمة، وأدليا بأقوال أصبحت مثارَ جدلٍ كبير، لغرابتها، وعدم صدقها، خصوصاً أقوال الداعية محمد حسين يعقوب الذي أنكر حتى كونه سلفياً، إلى درجة أن دعوات ظهرت لمحاكمته بتهمة الشهادة الزور، هذا فضلاً عن إنكار الشاهدين أن يكون المتهم قد تتلمذ على أيديهم، أو كان متأثراً بما كانا يدعوان إليه على مدار عقود من خلال الفتاوى والخطب والمحاضرات والبرامج والأشرطة والمواقع الإلكترونية. 
وهذا الإنكار صحيح وغير صحيح، فهو صحيح من حيث إنّ الداعية منهم، إذا كان يعمل في العلن، لا يمكن أن يحرّض من خلال خطبه ومحاضراته على إنشاء الخلايا الإرهابية، أو حمل السلاح والمفرقعات، أو اقتراف الجرائم ضد الدولة والمواطنين، أو الدعوة إلى سفك دماء الأقباط وهدم كنائسهم. 
وذلك الإنكار غير صحيح من حيث إنّ المنهج الذي يدعون إليه، كما يقول إبراهيم عيسى، يصنع مناخاً ضد مَدنية الدولة، بالطعن في دين الحاكم، وتشكيك الناس في إسلامهم، وتكفير الأقباط والفتنة الطائفية، وتحقير المرأة وتصويرها كرمز للغواية وبضاعة جنسية، وتقديس التراث وإلغاء العقل لصالح النقل، وتقسيم المواطنين إلى مسلمين وغير مسلمين، وتقسيم المسلمين إلى ملتزمين وغير ملتزمين، وتقسيم النساء إلى محجبات وغير محجبات، وهكذا.
بطريقة أخرى، يعمل أولئك الدعاة على التهيئة الكاملة للفرد ليصبح حاداً في سلوكه، متزمتاً في أفكاره، متحفزاً ضد من يخالفه، مستوحشاً العالم بأسره، يشعر بالعزلة عن مجتمعه، وواقعه، ومتطلبات عصره، ليكون بذلك صيداً سهلاً للتنظيمات الإرهابية التي تنقله من المرحلة النظرية إلى المرحلة العملية.
كاتب إماراتي