يُنتظر أن يعلن البيت الأبيض عن سياسة جديدة لتصدير الأسلحة، يتم فيها التركيز على سجل الدول في مجال حقوق الإنسان، إذ تسعى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإعادة تعريف حقوق الإنسان كواحدة من المصالح الأميركية، ولإرساء تغييرات في سياسة تصدير الأسلحة لزيادة التأكيد على أهمية ملف حقوق الإنسان في صياغة السياسة الخارجية الأميركية في عهد بايدن.
وأكد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن السياسة الجديدة المتعلقة بتصدير الأسلحة قيد الإعداد و«ستساعدنا على بناء شراكة استراتيجية والحفاظ عليها بشكل يعكس بطريقة أفضل القيم والمصالح الأميركية»، مضيفا أن السياسة الجديدة «ستناقش بشكل أكبر» الصلة بين نقل الأسلحة وحقوق الإنسان. ويتوقع أن يشمل التغيير في سياسة تصدير السلاح في مرحلته الأولى وبشكل أساسي مبيعات الأسلحة الأصغر، مثل البنادق ومعدات المراقبة التي يمكن لقوات الشرطة والقوات شبه العسكرية استعمالها ضد السكان المحليين».
كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وعد خلال حملته الانتخابية بعودة الولايات المتحدة إلى سياسة خارجية متعددة الأطراف تدعم حقوق الإنسان، وفي بداية ولايته تراجعت وزارة الخارجية الأميركية عن قرار الرئيس ترامب في أواخر عهده بتصنيف جماعة «الحوثي» في اليمن كمنظمة إرهابية، كما علقت الولايات المتحدة مبيعات الأسلحة إلى بعض الدول الشرق أوسطية. وأبدت الإدارة «الديمقراطية» استعداداً لإدماج قضايا حقوق الإنسان في عملية صنع القرار . وتمتلك الولايات المتحدة عددا من الأدوات وتظهر الاستعداد لاستخدامها وتفعيلها، إذ تمكنها تلك الأدوات الحقوقية، إن صح التعبير، من محاسبة المسؤولين الحكوميين وغيرهم ممن يهددون أو يحاكِمون أو يؤذون المدافعين عن حقوق الإنسان -حسب التعريف الأميركي - في جميع أنحاء المنطقة، باستخدام أدوات مثل قانون «ماغنيتسكي» للمساءلة حول حقوق الإنسان الذي دعمه الحزبان «الديمقراطي» و«الجمهوري»، وصدر في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والذي يهدف إلى معاقبة المسؤولين الحكوميين الروس المتّهمين بالفساد. وتم تعديل القانون في 2016، ليشمل فرض عقوبات على انتهاكات حقوق الإنسان والمسؤولين المتهمين بالفساد في أي مكان في العالم، فضلاً عن تجميد أصولهم المالية ومنعهم من دخول الأراضي الأميركية. وتم تفعيل القانون في عهد الرئيس ترامب في 2017 ضد مسؤولين حكوميين وشركات ورجال أعمال عبر العالم.
وستعمل إدارة بايدن على استحداث أدوت قانونية تستند إلى ملفات حقوق الإنسان في الدول لفرض الاشتراطات الأميركية والتأثير وإعادة توجيه سياسة الدول، بما يتوافق مع السياسة الخارجية الأميركية.
وبالطبع سيكون للسياسات الخارجية الأميركية التي تشهر سلاح حقوق الإنسان انعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط، لكن النظرة الشرق أوسطية لإرث الرئيس «الديمقراطي» السابق باراك أوباما ليست إيجابية، إذ ارتبطت رئاسته بإشعال فتيل حرائق لم تنطفئ حتى اليوم في تونس واليمن وليبيا وسوريا، وتأججت معها حرائق العراق. وفي ظل أوضاع اقتصادية فاقمتها جائحة كورونا، سيكون من الصعب على شعوب وحكومات المنطقة على حد سواء ربط الرؤية الفنتازية للسياسة الأميركية بالواقع، وتجاوز الحديث عن دور السياسات والممارسات الأميركية في تأجيج الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في مناطق الصراع في الشرق الأوسط.
عائشة المري
كاتبة إماراتية