في الأيام القليلة الماضية، أعلنت جوجل وآبل عن مكاسب متصاعدة مما كان من دواعي سرور وول ستريت. لكن الأنباء المالية الجيدة خفف من وقعها الحسن تصاعدُ إصابات سلالة دلتا من فيروس كورونا الذي ينتشر حول العالم، ويهدد بعواقب طويلة الأمد للجائحة العالمية. وذكر تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، في مقابلة بالفيديو عبر الإنترنت مع محللين، يوم الثلاثاء 27 يوليو المنصرم، أنه «كما أظهرت الشهور الثمانية عشر الماضية، فإن التقدم الذي يتحقق ليس مضموناً.
هناك تعاف غير متسق من الجائحة وسلالة دلتا تتصاعد في دول كثيرة حول العالم، مما يوضح لنا مرة أخرى أن الطريق إلى التعافي سيكون لولبياً». وكانت الجائحة العالمية، من عدة نواح، بشارة خير لشركات التكنولوجيا الكبيرة مع بقاء المستهلكين في المنازل وتصاعد الطلب على الخدمات الرقمية والأجهزة الإلكترونية لمساعدتهم على اتصال بالآخرين، ومواصلة العمل والحصول على الترفية أثناء الإغلاق.
لكن الجائحة أضرت أيضاً صناعة الإعلان وضغطت على سلاسل الإمداد، وأدت إلى عجز عالمي في شبه الموصلات وفرضت عراقيل في الشحن.
صحيح أن الجائحة أضرت قليلاً بمبيعات آبل العام الماضي، وأضر الركود في الإعلان بعائدات جوجل، لكن ربع العام الأخير كان رائعاً لكلا الشركتين. فقد حققت آبل عائدات بلغت 81 مليار دولار في ربع العام الأخير، وهو أكثر مما حققته في أي ربع عام مالي في تاريخها بفضل تصاعد مبيعات من آيفون ومن خدمات الشركة التي تتضمن خدمات تدفق الوسائط والتخزين السحابي.
وحققت جوجل عائدات بلغت 62 مليار دولار، بزيادة 62% عن الربع المماثل من العام الماضي. لكن المديرين التنفيذيين في الشركتين حذّروا من أنهم ليسوا في أمان تام. فقد صرّح روث بورات، كبير المسؤولين الماليين في جوجل، في مؤتمر عبر الإنترنت، يوم 27 يوليو الماضي، قائلاً: «نعتقد أنه ما زال من السابق لأوانه كثيراً أن نتنبأ بالتوجه الأطول أمداً مع إعادة فتح الأسواق، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الزيادة في الآونة الأخيرة في حالات الإصابة بكوفيد-19 على مستوى العالم».
وصرّحت آبل لمحللين أنها لن تقدم معلومات استرشادية عن العائدات بسبب «عدم اليقين المستمر حول العالم»، بحسب قول لوكا مايستري، كبير المسؤولين الماليين في الشركة. وحطمت مايكروسوفت أيضاً توقعات وول ستريت مسجلةً عائدات بلغت 46 مليار دولار بزيادة 21% عن الربع المماثل من العام الماضي، وهذا يرجع إلى حد كبير إلى قوة نشاطها في الحوسبة السحابية.
وتسمح الحوسبة السحابية للمستهلكين باستئجار مساحة تخزين بيانات وتوفير إمكانيات معالجة عبر الويب بدلاً من إدارة مراكزهم الخاصة للبيانات. ومثل كل عمالقة التكنولوجيا، أنعشت الجائحة مايكروسوفت مع انتقال الأنشطة الاقتصادية سريعاً إلى تكنولوجيا الحوسبة السحابية التي يبيعها عملاق إنتاج البرامج التطبيقية. وتتوقع مايكروسوفت استمرار تصاعد استخدام هؤلاء المستهلكين لمنتجاتها حتى بعد تراجع حدة الجائحة، بحسب قول ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت في مقابلة عبر الإنترنت.
وهذا يرجع إلى تعودهم على هذه البرامج وعلمهم بأن الخدمات السحابية يمكن الاعتماد عليها في البنية التحتية الكمبيوترية التي يديرها المستهلكون أنفسهم. ويعتقد ناديلا أن النمو الذي حفزت عليه الجائحة «قابل للاستمرار». وذكرت كاتي هوبيرتي، مديرة الأبحاث في مورجان ستانلي، في مؤتمر آبل عبر الإنترنت، أن هناك جدلاً في السوق بشأن استفادة عمالقة التكنولوجيا من الجائحة العالمية.
وسألت هوبيتري، تيم كوك ولوكا مايستري ما إذا كانت الجائحة لها تأثير صافي إيجابي أم سلبي على الشركة، فرد مايستري على السؤال بالإشارة إلى بعض الجوانب الإيجابية والأخرى السلبية، وقال: «نتطلع جميعاً إلى عالم خال من كوفيد-19. وهذا سيكون جيداً للغاية، لنا ولعملائنا أيضاً». وآبل وجوجل لم تعالجا مشكلة محتملةً أخرى، وهو احتمال صدور لوائح في واشنطن وأوروبا تستهدف التصدي لممارساتهما الاحتكارية المزعومة. وبالنسبة لآبل فهذا يعني تراجعاً محتملاً في عائدات البرامج التطبيقية التي ذكر كوك أنها حققت 643 مليار دولار في صورة مبيعات عام 2020.
وبالنسبة لجوجل، فقد تعني اللوائح انفصال أقسام من الشركة أو التخلي عن بعض نشاطها الإعلاني لمنافسين يزعمون أن لديها قبضة قوية للغاية على هذه الصناعة. وارتفعت نفقات جوجل قليلاً بعد أن دفعت الشركة 268 مليون دولار كغرامة للجهات التنظيمية الفرنسية بعد إثبات إساءة الشركة استغلال موقعها في سوق الإعلانات عن التكنولوجيا لتحابي منتجاتها. لكن الكلفة كانت ضئيلة مقارنةً بأرباح جوجل الإجمالية في ربع السنة المالي، مما يؤكد استمرار الشركة في المضي قدماً رغم ما تواجهه من تمحيص شديد فيما يتعلق بالاحتكار في عدد من الدول.
ريد البيرجوتي وجيريت دي فينك وجاي جرين*
*محررون متخصصون في قضايا التكنولوجيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»