بعد شهور من جمع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في الولايات المتحدة، أصبح هناك جرعات لتحصين 13 مليون شخص على الأقل عرضة لانتهاء الصلاحية. وفي الوقت نفسه، أبطأ معدل إعطاء اللقاحات محلياً، وتزايدت الحاجة العالمية للقاحات، وانتشرت سلالات جديدة خطيرة. وفي عالم مترابط ببعضه البعض يمثل عدم إهدار جرعات أمراً إنسانياً وحصيفاً في الوقت نفسه، وهناك عدة حلول. 
لا يمكننا المغامرة بإهدار هائل للقاحات تعلقاً بأمل غير واقعي، مفاده أن يتصاعد فجأة وبسرعة كبيرة معدل الحصول على اللقاحات في الولايات المتحدة. وأدركت حكومات الولايات هذا. فقد ذكر موقع «ستات نيوز» للأنباء أن عدداً من الولايات «بدأت تطلب مساعدة اتحادية في إعادة توزيع الفائض من اللقاحات على مستوى العالم في أبريل»، لكن لم تأت هذه الولايات مساعدة. 
فما الذي يحول دون إرسال الجرعات إلى الخارج؟ هذا ليس واضحاً تماماً لأن المسؤولون الاتحاديين لم يتحلوا بالصراحة. والمسائل اللوجستية من بين الاعتبارات. وعلى سبيل المثال، قد يكون جمع الجرعات الفائضة حتى يمكن شحنها إلى الخارج، أمراً شاقاً ومكلفاً. والولايات لديها، لكنها لا تملك، الجرعات التي قدمتها إليها الحكومة الاتحادية مما يستلزم تصريحاً من المسؤولين الاتحاديين قبل تصرف الولايات. وأحد العراقيل المحتملة تتمثل في بنود التعاقد التي أضافها مصنعو اللقاحات ووافقت عليها إدارة ترامب. ومن بين هذه البنود «عدم السماح للحكومة باستخدام أو إجازة استخدام أي منتج أو مواد مقدمة بموجب اتفاق المشروع هذا، ما لم يكن هذا الاستخدام في الولايات المتحدة» أو في الأراضي الخاضعة للسيادة الأميركية. 
لماذا يهتم مصنعو اللقاح بالمكان الذي تستخدم فيه منتجاتهم؟ لأنهم يريدون حماية من المسؤولية القانونية إذا تسببت اللقاحات في ضرر. والقانون الأميركي يقوم بهذا فحسب بتعهده بتقديم تعويض عن الضرر للمرضى. لكن أي محام سيخبرك أن التعاقدات نادراً ما تكون محصنة تماماً. فعلى سبيل المثال، «أقرضت»- وهو المصطلح المسموح به فيما يبدو للتحايل على القيود التعاقدية- الولايات المتحدة لقاحات لدول مثل المكسيك وكندا، لكن مازال يتعين على هذه الدول التوصل لاتفاقات لتعويض المصنعين مقابل المسؤولية القانونية. ولا يوجد سبب واضح لعدم تطبيق هذا على دول أخرى مستعدة للقيام باتفاقات مشابهة. 
ومن الحلول الأخرى، يمكن تقديم اللقاحات الفائضة إلى الأجانب على الأراضي الأميركية في مناطق الحركة مثل المطارات الدولية، أو الوصول إلى السكان الأكثر عرضة للخطر عند نقاط التفتيش على الحدود التي ينتقل عبرها العمال يومياً. ويمكن السماح بدخول سكان الدول المجاورة لفترة قصيرة لتلقي اللقاح، كما فعلت ذلك بعض قبائل الأميركيين الأصليين مع جيرانهم الكنديين. وحتى إذا لم تستنفد هذه الاقتراحات كل الفائض، فهي أفضل من عمل لا شيء. ومن الخيارات الأخرى، أن تنتهك الولايات المتحدة هذه الاشتراطات التعاقدية المقيدة وتترك الشركات لتقاضيها. وقد نجد دولاً تحصل على اللقاحات توافق على تعويضنا عن كلفة مثل هذه القضايا أو نتحمل نحن هذه الكلفة كنوع من المساعدة الدولية. بل قد يتعين على المصنعين الذين حصلوا على الأموال بالفعل مقابل اللقاحات إثبات الضرر الذي لحقهم من التبرع باللقاحات. 

وهذا غير مرجح إذا أرسلت الولايات المتحدة اللقاحات إلى دول تقدم حمايتها الخاصة أمام المسؤولية القانونية. أضف إلى هذا أن اللقاحات مستخدمة في الولايات المتحدة منذ شهور الآن وآمنة للغاية، مما يقدم حماية إضافية من المسؤولية. كما يتعين على المصنعين الأخذ في الاعتبار صورتهم في الرأي العام إذا تمخضت التهديدات القانونية عن إهدار اللقاحات. ومع الأخذ في الاعتبار، حصة الولايات المتحدة من السوق، لا يقلقنا أن يؤدي الانتهاك إلى عرقلة المفاوضات في الجوائح المقبلة. وإرسال اللقاحات الفائضة سريعاً إلى الخارج سينقذ على الأرجح أرواحاً كثيرة. 
ومحلياً، يجب توسيع إجازة نطاق إعطاء اللقاح. وهذا النهج لحسن الحظ يحصد دعماً متزايداً رغم أن اللقاحات مازالت خاضعة لإجازة استخدام الطوارئ. والسماح بإعطاء بعض الجرعات لغير المؤهلين حالياً، يدعم الطلب أيضاً في الداخل. وهناك عدد من الوسائل لتنفيذ هذا، صحيح أن بعضها أكثر إثارة للجدل من الأخرى، لكن لا وسيلة منها أكثر تطرفاً من السماح بإهدار اللقاحات. وتستطيع الإدارة الأميركية للعقاقير والأغذية توسيع شروط إجازة استخدام الطوارئ، أو يستحسن أن تمنح الموافقة الكاملة كما اقترح كثيرون بالفعل. ومن الواضح أنه يُفضل توافر بيانات إضافية لدعم الاستخدامات الموسعة، لكن وصف جرعات «دون تصريح» أمر شائع إلى حد كبير في مجالات طبية مختلفة مثل طب الأطفال وطب الأورام والإيدز. 
فماذا يتعين عمله لنتأكد من عدم انتهاء الصلاحية بالجملة للجرعات الموجودة على الأرفف الأميركية؟ أولاً، يجب على الإدارة الأميركية للأغذية والعقاقير مخاطبة مصنعي اللقاحات لمد تاريخ انتهاء الصلاحية بالقدر العلمي المسموح به. ثانياً، يتعين على الحكومة الاتحادية الاضطلاع بمهمة تولي أمر ما فائض الجرعات لدى الولايات والإدارات المحلية، وهذا قد يكون صعباً لوجستيا، لكنه ليس أصعب من أعمال بطولية أخرى أنجزتها البلاد أثناء هذه الجائحة. ثالثاً، يتعين على المسؤولين الاتحاديين التوقف عن القلق بشأن الملاحقة القانونية والتحرك سريعاً لمقاسمة اللقاحات على مستوى العالم. فإنقاذ الأرواح أهم والمخاطر القانونية لن تستعصي على الحل. ورابعاً، يتعين علينا فحص الخيارات المحلية، ويتصدرها توسيع إجازة إعطاء اللقاحات. 

جوفند بيرساد

أستاذ مساعد في كلية ستورم للحقوق في جامعة دينفر

هولي فرنانديز لينش
أستاذ مساعد في الأخلاقيات الطبية في مدرسة بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»