شأنهم في ذلك شأن «الإخوان» إبان حكمهم في مصر قبل نحو سبعة أعوام، عندما أحكموا قبضتهم على مفاصل السلطة عقب وصول مرشحهم لسدة الرئاسة في مصر، فعاثوا فساداً على نحو لم تشهده بلاد الكنانة على مر عقود طويلة.. كذلك فعل «إخوان» تونس ممثلين في حزبهم «حركة النهضة» الذي تصاعد فساده وظهر في جميع مفاصل السلطة، بالضبط كما حدث مع سيناريو «الإخوان» في مصر عندما استلموا زمام الأمور هناك.
وليس صدفة أن مصدر التمويل مشابه للتمويل في مصر، وهو تمويل أجنبي في الحالتين، مما يوضح مدى خطورة هذا التنظيم، خاصة عندما يتمكن من بسط نفوذه في بيئة ما، محاولاً فرض فساده وتحقيق مصالحه الخاصة بعيداً عن مصالح من ائتمنوه أو اختاروه ليمثلهم في الحكومة والبرلمان.
ولعلنا هنا نشير إلى ماهية الخطر الحقيقي لهذا التنظيم، والتي قد تبدو غير ظاهرة أو لنقل غير معلومة لدى الكثير من الناس خصوصاً وسط شعوب منطقة الشرق الأوسط التي تجهل حقيقة هذا التنظيم ومآربه الخفية، وتقع في كثير من الأحيان ضحيةً له وتعاني معه الأمرين. ويكتوي بنار التنظيم الإخواني من لا يأخذون حذرهم منه إلاّ بعد فوات الأوان، كما حصل في العديد من المواقع والأحداث. وعودةً إلى الانتفاضة الأخيرة التي قام الشعب التونسي ممثلاً بأعلى سلطة في البلاد، وذلك حين أعلن الرئيس التونسي تجميد كل سلطات مجلس النواب، ورفع الحصانة عن جميع أعضائه، وإعفاء رئيس الوزراء من منصبه، وتوليه بنفسه رئاسة النيابة العمومية للوقوف على كل الملفات والجرائم التي ارتكبت بحق البلاد، على أن يتولى السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس وزراء جديد يقوم بتعيينه.
وفي هذا الصدد، فقد كان للكلمة التي أدلى بها الرئيس التونسي عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، عندما أكد على عدم السكوت عن أي شخص، مهما يكن، يقوم بالتطاول على البلاد أو أي رمز من رموزها، أو يطلق رصاصة واحدة، فإنه سيتم إطلاق وابل من الرصاص عليه.. «فقيمة المواطن التونسي لدينا أغلى من أي شيء.. ولا يوجد أي سبيل للتهاون في هذا الأمر».
إنه خط أحمر لدى الرئيس التونسي، وفي النهاية هنا لا يصح إلا الصحيح، فما قام به الرئيس التونسي كان في الوقت والمكان المناسبين، وقد تم درءاً لأي تمادٍ في الفساد والطغيان من جانب حزب النهضة وأتباعه من الإخوان. وعلى صعيد آخر، فإنه يتوجب القول بأن الحد من فساد «الإخوان» في تونس كان أسهل بشكل كبير مما حصل في كثير من بؤر الفساد الذي تم في المنطقة، وآخرها ما تم في مصر كما أسلفنا القول.
الحديث عن عالم «الإخوان» حديث طويل وعريض، لأن أطماع هذا التنظيم لا تقف عند حد، وتجري على مدار الساعة عبر التخطيط للخطوة التالية عقب أي انتكاسة يتعرض لها. إن فساد إخوان تونس من خلال حزب النهضة التي سيطر على البلاد، انتهى خطره الآن مع قرارات الرئيس التونسي الأخيرة، بعد أن سيطر حزب النهضة على القضاء وجيّره لصالحه في جميع مشاريعه ومخططاته، وبعد بات أخطبوط الفساد ينخر الإدارات والهياكل العمومية.
الخطوة التي قام بها الرئيس التونسي كانت ضربة موفقة ضد حزب «الإخوان» بغية إنهاء معاناة الشعب التونسي الذي عانى ما عاناه على يد هذا التنظيم الهدام.
*كاتب كويتي