في محاضرة «روح الاتحاد» التي ألقاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في يناير 2012 بمناسبة الذكرى الأربعين لقيام اتحاد الإمارات، وصف سموّه ما جرى في منطقة السديرة في 18 فبراير عام 1968، وهو الزمان والمكان اللذين مهّدا لتأسيس دولة الإمارات، حيث التقى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بالشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمهما الله تعالى، وكان مع كل واحد منهما ثلاثة مرافقين فقط. 
ونُصبت خيمتان صغيرتان على كثيب رملي، خُصّصت الأولى للقائدين لوحدهما، وخُصّصت الثانية لإعداد الطعام والقهوة، وكان الشيخ محمد يدخل عليهما الخيمة... وسمع في نهاية المباحثات الشيخ راشد يقول للشيخ زايد: «على بركة الله، وأنت الرئيس». والشيخ زايد يقول للشيخ راشد: «على بركة الله، وضعنا حجر الأساس، وسنبني الجدار إن شاء الله». 
تذكرتُ هذه المحاضرة وأنا أقرأ سلسلة المقالات التي كتبها الكاتب اللبناني سمير عطا الله بعنوان «خواطر في الصحراء»، جواباً على وزيرٍ لبناني قال عن شعوب الخليج «أهل البدو»، معتقداً أن هذا الوصف يُصغّر من شأنهم، فاستحال صغيراً جداً أمام ما كتبه مواطنه عن مدرسة البدو والخيمة. 
ويمهّد الكاتب سمير عطا الله بالقول إن النفط لم يكن العامل الحاسم في تطوّر الدول الخليجية، فثمة دول كثيرة تعوم على بحار من النفط، لكنها غارقة في الأزمات والصعوبات، كالعراق وليبيا وإيران وفنزويلا. إذن العامل الحاسم أو سبب الفارق بين الدول الخليجية والدول العربية برأي الأستاذ عطا الله ليس النفط، ويتساءل: «لماذا تزداد الدنيا خصوبة وطمأنينة كلما تقدّمت في الصحراء؟ لماذا يصير كل شيء أفضل كلما بعدت عن بيروت نحو بلاد «البدو»، كما تأفف منها وزير خارجية لبنان؟». 
هناك ألف جواب وسرد يحتاج إلى ألف يوم ويوم، يقول الكاتب، ثم يحسم الأمر: هو الفارق بين مدرسة الخيمة ومدرسة الحربية، ويسارع إلى التوضيح أنّ الكثير من حكام الخليج هم خريجو «ساندهيرست»، لكنهم تعلّموا هناك: الجندية لا العسكريتاريا، وتدرّبوا على: حماية الوطن والناس.
و«لأن البدو بنوا دولة، والحربية بنت عسكراً وانقلابات وقهراً وسجوناً وجلّادين بلا حدود. تاهت جيوش فلسطين في الصحراء. وأمس شاهدت صورة رائعة للقطار الكهربائي الذي يقطع 1.400 ميل في صحاري الإمارات، يغني وحيداً في الفلاة، لا كثبان ولا قطعان»، فقد «أدرك المؤسسون بحكمة البادية، وصلابة البدو، أنْ لا وطن من غير دولة». أما في لبنان، يقول الكاتب: «تركتُ بلداً لا دولة فيه. أي لا أمل ولا حياة. كل شيء فيه على الحضيض. كل طريق مقطوع. كل خطر ماثل أو آتٍ. كل يأس معلن. كل حزن عام».
وبينما كانت مدرسة الحربية في بعض الدول العربية توزّع شعوبها على الملاجئ والخيام، كانت مدرسة الخيمة تحوّل الصحراء إلى مدن وأجيال. وبينما كانت مدرسة الحربية غارقة في الشتائم، لم تصدر كلمة نابية واحدة في هذا الجانب من العالم، فهنا -أي في الخليج- يسمّون المواطنين بأسمائهم، لا باحتقارهم، فأهم درس في الخيمة هو التواضع، ويقول: «أبناء زايد الذي بنى هذه الدولة، لا يخاطبونك إلا«يا سيدي».