أتذكر جيداً في احتفالات رأس السنة عام 2016، كيف تحولت حادثة تتكرر في بلدان عدة، إلى حدث رئيسي لوسائل الإعلام، عندما نشب حريق في أحد فنادق دبي، وتم التعامل معه بحرفية ومهنية عالية من قبل إدارة الدفاع المدني في دبي، حيث تم وقتها إطفاء الحريق في وقت قياسي لتعود الحياة لطبيعتها في محيط الفندق كأن شيئاً لم يكن، لكن ما فاجأني هو كم الاتصالات التي انهالت عليّ وقتها من قبل وسائل إعلام عربية ودولية، تسألني عن حيثيات الحادثة وتداعياتها، وأنا مجرد كاتب، ولست الشخص المناسب للتواصل معي في مثل هكذا حوادث. ومما اكتشفته لاحقاً أن بعض هذه القنوات لها توجهات إخوانية يبدو أنها كانت تسعى لتسييس هذه الحادثة العرضية لذلك كان يتم استضافة محللين سياسيين بدل أشخاص من إدارة الدفاع المدني أو الجهات الرسمية المعنية، وقد قلت للبعض وقتها إنني لا أستطيع تقديم أي معلومة في هذا الشأن، لكنهم كانوا مصرين على المقابلة ورفضت رفضاً تاماً التعليق في غير اختصاصي.
تمر السنوات وتتكرر القصة نفسها، لكن هذه المرة مرتبطة بحريق في ميناء جبل علي، وهو أيضاً حريق عرضي يمكن أن يحدث في أي مكان من العالم، وعادة تتم تغطية مثل هكذا قصص في صفحات الحوادث، لكن وسائل الإعلام العربية، خاصة تلك الإخوانية، أفردت مساحة واسعة للحادثة لتتناولها بالتحليل بشكل مبالغ فيه، لتصبح الخبر الرئيسي لبعض القنوات المغرضة وليفارقوا المهنية ويحولوا الحادثة إلى حدث، ويحاولوا ربطها بتداعيات دولية بشكل مبالغ فيه أيضاً، فعادة يجب أن تتم استضافة الجهات الرسمية والمعنية مثل إدارة الدفاع المدني وليس محللين سياسيين يربطون الأحداث بطريقة هزلية غريبة.
تتعرض دول العالم لحوادث وكوارث، فبعض الدول يحدث فيها انهيار مبانٍ مثل ما حدث مؤخراً في فلوريدا الأميركية أو ربما أعاصير أو حتى حوادث سيارات وحرائق مصانع وغابات، وهذه اسمها حوادث يجب التعامل معها بحذر ومهنية وليس عبر التطبيل والمبالغة، وعدم التقيد بتقارير وتصاريح الجهات الرسمية، خاصة أننا في الإمارات لدينا جهات رسمية إعلامية تقدم تصريحات بشكل شفاف في بلدنا، وعلى قلة الحوادث التي نتعرض لها، نتيجة الحرص الشديد والمتابعة والمعايير العالية من قبل القائمين. لكن الحوادث لا يمكن منعها وغالباً بسبب مخالفات تكون من قبل شركات أو أفراد لا يلتزمون بالمعايير وشروط السلامة، ولعل هذا ما حدث عندما احترقت حاوية على ظهر سفينة يبدو أنها تحمل مواد قابلة للاشتعال.
بالنسبة لقنوات الإخوان ووسائل إعلامهم فهذا ديدنهم، فقنواتهم التحريضية تعمل من أجل زرع الفتنة وخلق الأكاذيب بما يخدم أجندتهم، لكن بالنسبة لتلك التابعة لدول غربية تبث باللغة العربية، فمن المعيب أن تفارق المهنية والحرفية في العمل الإعلامي. والمفارقة أن القسم الإنجليزي يلتزم بتلك المعايير الصحفية والمهنية، أما بعض الأقسام العربية فقد تجنبت المعايير وخاصمتها، وربما عليهم مراجعة إدارتهم التحريرية للأقسام العربية والعاملين فيها، إذ لعل بعضهم يخضع لأجندات معينة.
نرفع القبعات عالياً للدفاع المدني وشرطة دبي وسلطات ميناء جبل علي وكافة الجهات المختصة، حيث تعاملوا جميعاً مع الحادثة بمهنية عالية وبإطفاء الحريق في 40 دقيقة والسيطرة عليه دون أي أضرار أو ضحايا أو حتى تعطيل عمل الميناء العريق في المنطقة والعالم، وهذا ما يحسب لنا ويجب أن تركز عليه وسائل الإعلام، وليس عبر التسييس وخلق الأكاذيب التي لا طائل منها، فإماراتنا تسير بثبات نحو المستقبل وستظل دائماً منارة الشرق الأوسط والعالم.