مع مشارفة العام الدراسي 2020-2021 على نهايته، تستحق التجربة الإماراتية في إدارة الملف التعليمي في ظل جائحة كورونا أن تدرَّس وتُستخلص منها الدروس وتُستلهم منها العِبر حول كيفية صناعة القدوة في التعامل مع الطوارئ وكيفية تكامل جميع مؤسسات الدولة وتسخير طاقاتها وإمكاناتها للتقليل - ما أمكن- من التأثيرات السلبية لها، والمحافظة على سير الحياة بشكل طبيعي، تمهيداً لتجاوز تلك الظروف بأمان، وبالحد الأدنى من التأثيرات السلبية، أو من دون وجودها مطلقاً.
ففي الوقت الذي عانت فيه كثير من دول العالم، على اختلاف مقدّراتها الاقتصادية وتباين مستوياتها التقنية والعلمية، عقبات وعثرات في تسيير عملية التعلّم بشقّيه المدرسي والجامعي، أدّت إلى تعطّلها في بعض الأحيان، وجعلتها تعاني عيوباً واختلالات انعكست على أداء الطالب والمعلم وعلى رضى الأهالي، كانت دولة الإمارات تدير هذه العملية بكفاءة عزّ نظيرها، وتحشد كل الجهود لضمان توفير بيئة تعليمية تحاكي البيئة المدرسية من خلال استمرار التعليم التفاعلي بين المعلّم والطالب وعدم الركون إلى أساليب التلقين عن بُعد، واستمرار التواصل الحيّ والمباشر بينهما بما يقود في النهاية إلى نتائج مشرّفة، سواء من حيث استكمال المنهاج التعليمي أو تحصيل الطلبة واستيعابهم وتقييمهم، أو من حيث اكتساب المعلّمين مهارات وقدرات جديدة تثري تجاربهم وتعزّزها.
لقد استطاعت دولة الإمارات تحييد آثار «الجائحة» وتبعاتها على التعليم، وحوّلت -كما هو دأبها دائماً- التحدي إلى فرصة لتجربة جديدة ثرية ومفعمة بالحيوية والمرونة، من خلال القدرة على التحوّل في أي وقت إلى التعلّم عن بُعد، أو المزج بينه وبين الحضوري في المدارس، حيث نجحت في مواصلة العملية التعليمية عبر أي من الأسلوبين من دون معيقات تذكر، بل وتطوير أساليب جديدة في نقل المعلومة وشرحها وإيصالها للطالب بسلاسة واقتدار، الأمر الذي انعكس إيجاباً على الطرفين الأساسيين في هذه المعادلة وهما الطالب والمعلّم، اللذين اكتسبا من هذه التجربة قدرة على استيعاب التطورات التقنية ووسائل تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها لخدمة الهدف السامي الذي يتطلّع الجميع إلى تحقيقه، وهو نجاح العام الدراسي بعناصره كافة وفق أفضل المعايير.
نعم، ضربت الإمارات أروع الأمثلة في التعامل مع «الجائحة»، ونجحت في إدارة ملفّها بجوانبه ومحاوره كلّها، وتمكنت من أن تكون واحدة من أفضل دول العالم في هذا المجال، سواء من حيث تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية بحنكة وكفاءة، وهو ما ساعد على احتواء الفيروس والتقليل من انتشاره، ومن ثمّ المحافظة على صحة الإنسان وسلامته، وفي الوقت ذاته التقليل من تأثيرات تلك الإجراءات على حياة الناس، بحيث لم يشعر أيٌّ ممن يعيش على أرض الإمارات بأنها أعاقت سير الحياة الطبيعية وسلاستها، أو بأن هناك ظروفاً استثنائية يعيشها العالم كلّه، وكان التعليم خير مثال على الإدارة الحصيفة والحرص على المصلحة العامّة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية