100 يوم مضت على استلام جو بايدن سدة الحكم في الولايات المتحدة، التي هي بلا شك ستكون مؤثرة على دول العالم وعلى كافة الأصعدة، لكن ما الجديد في خطاب حالة الاتحاد وهل فعلاً هناك تغييرات جذرية في سياسة الولايات المتحدة الخارجية؟
على الصعيد الداخلي هناك تحديات كبيرة من كبرى الشركات والأثرياء الذين باتوا متوجسين من مخططات بايدن الضريبية، التي لن تكون مريحة لهم وستكلفهم الكثير من المال، فزيادة الضرائب على الشركات بلا شك مغازلة للطبقة الوسطى، لكنها تفتح أسئلة عدة حول النظام الاقتصادي، وأيضاً مدى الضغوطات التي ستتعرض لها هذه الإدارة. وهناك قضية الحد من السلاح، وهو ملف شائك كان لفترة طويلة عصياً عن المساس به، خاصة أن الدستور الأميركي يكفل حق حيازة السلاح للأفراد للدفاع عن النفس، كما أن الشركات المصنعة للسلاح لها تأثير على صانعي القرار في الولايات المتحدة، وهناك الكثير من السياسيين المؤيدين لها ولحق حمل السلاح، ويعدون المساس به يمس ملف الحريات في هذا البلد.
ملفات داخلية عدة ركز عليها بايدن، لكن ما يهمنا في الشرق الأوسط هو ملف السياسات الخارجية والتغيرات التي تطرأ عليها، حيث يبدو أن بايدن أكثر ميلاً نحو الدبلوماسية من المواجهات المباشرة، لكنه حذر في خطابه من خطر برامج النووي الكوري الشمالي والإيراني، كما تطرق إلى ملف أفغانستان واليمن، وهي ملفات تؤثر على استقرار المنطقة برمتها. بداية من أفغانستان، فخطته للانسحاب من هذا البلد المأزوم مستمرة ومن المقرر سحب كامل القوات الأميركية بحلول 11 سبتمبر، لكن المشككين يقولون إن هذا الانسحاب جاء لمصلحة «طالبان» وسط مخاوف من زيادة عملياتها ومحاولتها السيطرة المطلقة على أفغانستان، وما سيجلبه ذلك من نشاط جديد لجماعات إرهابية قد تجد ضالتها في هذا البلد، وهو ما يعيد للذاكرة نشاط «القاعدة» وعملياتها التي طالت أميركا في أكثر من موضع. 
ليس فقط الملف الأفغاني، فهناك ملف حساس للغاية وهو ملف اليمن، حيث يبدو أن قرارات بايدن لم تسهم في نهاية الحرب في هذا البلد، فلا تزال جماعة «الحوثي» مستمرة في محاولتها للسيطرة على المدن اليمنية، كما أن الاعتداء على السعودية بالطائرات المسيرة مستمر، وهنا يمكن أن نطرح سؤالاً مشروعاً حول خطط أميركا تجاه اليمن، وهل ستضغط على «الحوثيين» لإنهاء الصراع أو ربما الأجدى الضغط على طهران التي تتحكم بالجماعة «الحوثية»، التي تنفذ ما تؤمر به في اليمن، ونحن في المنطقة ننظر بقلق تجاه ما يحدث في هذا البلد، فمصلحتنا جميعاً أن تنتهي الأزمة اليمنية. 
أما أصعب الملفات وأكثرها تأثيراً على الشرق الأوسط فهو الملف الإيراني، حيث إن وعود بايدن في العودة للاتفاق النووي مع طهران تمر بمراحل عصيبة، فحتى الآن من غير المعروف إلى أين تسير وهل ستفشل أم ستنجح؟ وحتى في حال نجاحها فهل ستلتزم طهران بوقف محاولاتها في صناعة سلاح نووي يهدد المنطقة؟ هذا الملف الشائك يجب أن يتم حله بشكل شامل. أي يجب أن يشمل بنوداً تسعى إلى كبح طموحات إيران التوسعية وسعيها للسيطرة على البلدان التي دمرتها الحروب والصراعات، مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان، ودفع طهران إلى العودة لحجمها ووضعها الطبيعي في هذا الشرق، أي أن تكون مسالمة تهتم بشؤونها وشعبها وتسعى لحياة أفضل لهم، أي أن تلتفت للداخل وللاقتصاد وحياة وكرامة شعبها، فهل تنجح إدارة بايدن بعد الـ100 يوم في تحقيق ذلك؟ وهل ستولي هذه الملفات الحساسة ما يكفي من الاهتمام؟ 

* كاتب إماراتي