الابتكار عنصر أساسي لنمو المجتمعات وتطورها لأسباب عدة، من أهمها: أولاً، يلعب دوراً مهمّاً في تسريع عجلة التنمية الاقتصادية، حيث يسمح بتخفيض كُلفة المنتجات ويساعد في الحصول على أفضل المخرجات. وكلما زاد معدل الابتكارات في الدولة تحسنت إنتاجيتها ونما اقتصادها، وبالتالي يرتفع مستوى ازدهارها ورفاهية أبنائها. وثانياً، يتيح الابتكار للمؤسسات والشركات، وكذلك الجهات المختلفة في أي دولة، القدرة على المنافسة في عالم يشهد تطورات متسارعة في كل شيء، ويساعدها أيضاً على زيادة قدرتها على الاستخدام الأفضل للموارد والمهارات والمعرفة. وثالثاً، الابتكار يمكّننا من التعامل مع أكثر التحديات إلحاحاً في مختلف مجالات الحياة، بما فيها الاجتماعية والإنسانية، حيث تعتمد القدرة على حل المشكلات المستعصية بشكل كبير على الابتكارات الجديدة. ورابعاً، الابتكار يرفع مستوى الفاعلية، حيث يختصر الوقت والجهد والمال بشكل لا يؤثر في كفاءة المنتج أو الخدمة المقدمة. ولهذا كله فإن الابتكار يمثّل محركّاً للتطور والنمو والازدهار. 
وتولي دولة الإمارات العربية المتحدة اهتماماً كبيراً بالابتكار، وهناك نهج واضح لتعزيزه وتعميمه ليكون منهج حياة، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو المجتمع كله. فالدول التي تسعى للرقي وإلى أن تكون في مصافّ الدول المتقدمة أو تجتازها، كما هو الأمر بالنسبة لدولة الإمارات، لا بد أن يكون الابتكار منهج حياة فيها. واهتمام الدولة بالابتكار، ليس جديداً، فهناك حرص، ومنذ وقت مبكر، على توفير الظروف التي تساعد على الابتكار، ولكن هذا الاهتمام زاد بشكل كبير جداً في السنوات الأخيرة، إذ تسعى الدولة لأن تكون الأفضل في مختلف المجالات على مستوى العالم وفقاً لمئوية الإمارات 2071، وهذا لن يتأتى من دون وجود عنصر الابتكار في كل الحقول والمجالات، وعلى جميع المستويات، في المدارس والجامعات ومعاهد التدريب والتقنيات والشركات والمؤسسات والجهات الحكومية المعنية بالخدمات على مختلف أنواعها وغيرها. 
وقد عملت الدولة على جعل الابتكار منهج حياة، فخصّصت -في خطوة ربما غير مسبوقة إقليميّاً ودوليّاً- عاماً كاملاً للابتكار هو عام 2015، وعيّنت شهراً خاصّاً به كل عام، حيث يشهد نشاطاً مكثفاً ومبادرات كثيرة. وفي هذا الإطار تنطلق اليوم فعاليات «الإمارات تبتكر 2021» على مستوى الدولة في الفترة من 21 إلى 27 فبراير، بمشاركة الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية، وذلك بهدف ترسيخ ونشر ثقافة الابتكار، وتعزيز المشاركة المجتمعية في تصميم وتطوير التجارب والمبادرات والمشروعات المستقبلية.
وتعكس الجهود التي تبذلها الدولة والفعاليات المختلفة التي تنظمها أو ترعاها، حرص الحكومة على ترسيخ منهجية وممارسات الابتكار في العمل الحكومي وبين فئات وأفراد المجتمع، وتحفيز الجميع للمشاركة في ابتكار حلول للتحديات التي تواجهنا وتطوير المقترحات والرؤى لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة. وتكتسب فعاليات «الإمارات تبتكر 2021» هذا العام أهمية خاصة، لأنها تتزامن مع احتفالات الدولة باليوبيل الذهبي، حيث ستشهد هذه الدورة إطلاق العديد من المبادرات الجديدة التي ستسهم في تعزيز وعي الأفراد بأهمية الابتكار وتأثيره الإيجابي في واقعهم ومستقبلهم، وتنمّي فيهم روح التفكير الإبداعي الذي يقوم على التجربة بطريقة علمية ومنهجية، واختبار الأفكار القائمة والجديدة، لإيجاد حلول للمشكلات والتحديات التي تواجه المجتمع.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.