دينا محمود (لندن)
أكد المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية مايكل روبن أن كبح جماح نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومطامعه الإقليمية وسياساته التوسعية، سيشكل على الأرجح أول اختبار، ستواجهه إدارة الرئيس الجديد جو بايدن. وأشار إلى أن التحدي المتزايد الذي أصبح هذا النظام العدواني يشكله للأمن والاستقرار والقانون الدولي، خاصة في منطقة شرق المتوسط ناجم عن التساهل الذي لاقاه خلال السنوات الماضية من جانب إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب والقوى الكبرى في الاتحاد الأوروبي.
وشدد روبن على أن هذا التساهل، الذي يرجع إلى «جهل ترامب وخوف ميركل، شجع أردوغان على أن يرى خصومه ضعفاء، ما حدا به لاتخاذ مواقف أكثر تطرفاً وعدوانية، انعكست سلباً على الاستقرار الإقليمي، ما يضع الرئيس التركي، المناوئ لسيادة جيرانه وللنظام العالمي الذي أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، في مصاف القادة المستبدين الديكتاتوريين».
واستعرض في مقال نشرته صحيفة «كاثيميرني» اليومية اليونانية أبرز أوجه السياسات العدوانية التي يتبناها نظام أردوغان على الساحة الإقليمية، من قبيل غزو جيشه والميليشيات المدعومة منه، لمنطقة عفرين السورية وتطهيرها عرقياً، بجانب ضمه بلدات أخرى في الشمال السوري، وذلك بالتوازي مع قصف الطائرات الحربية التركية مناطق في شمال العراق، فضلاً عن إرسال مرتزقة سوريين، بمن فيهم متطرفون مرتبطون بتنظيمي «داعش» و«القاعدة»، إلى ليبيا. ويُضاف ذلك إلى تهديد جهود الحكومة القبرصية للاستفادة من احتياطيات الغاز، وإرساله السفن التركية للتنقيب بشكل غير مشروع في المياه الإقليمية لقبرص واليونان، وتشكيكه في معاهدة لوزان عام 1923، التي نظمت عملية تفكيك الدولة العثمانية.
وتوقع روبن، الباحث في معهد «أميركان إنتربرايز» للأبحاث والدراسات في الولايات المتحدة، أن يُصعّد الرئيس التركي من سياساته العدوانية، لإلهاء مواطنيه عن الكارثة التي تسببت فيها سياساته الاقتصادية ومغامراته العسكرية الخارجية، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة وتركيا أصبحتا الآن في الطريق إلى صدام دبلوماسي واقتصادي، حتى وإن تصور المسؤولون الأميركيون أن التحديات الأكبر بالنسبة لواشنطن على الساحة الدولية تتمثل في التعامل مع دول مثل الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
فالسياسات التركية الاستفزازية ستدفع بايدن على الأرجح، على التركيز بشكل مباشر على منطقة شرق البحر المتوسط لمواجهة أطماع نظام أردوغان هناك. ويمكن للرئيس الأميركي الجديد، أن يستفيد في هذا الشأن، من القرار الذي اتخذه وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو في الصيف الماضي، برفع حظر السلاح جزئياً عن قبرص. ودعا روبن الإدارة الأميركية الجديدة إلى البناء على هذا القرار، وإمداد قبرص بالمعدات والتقنيات، التي تحتاج إليها للدفاع عن نفسها، خاصة وأن فريق معاوني الرئيس الديمقراطي لن يسمح باستمرار أجواء التساهل التي سادت حقبة الإدارة الجمهورية، حيال أردوغان، ما أتاح له الفرصة للإفلات من المساءلة على أفعاله.
ومن هذا المنطلق، يُنتظر أن تواجه تركيا ومؤسساتها عقوبات أميركية بسبب تعاملات أردوغان مع روسيا، لا سيما شراء أنقرة منظومة (إس - 400) للدفاع الصاروخي. وشدد على أن هشاشة الاقتصاد التركي في الفترة الحالية، ستزيد من تأثير أي عقوبات أميركية من هذا القبيل، مُشيراً إلى تضاؤل تأثير نظام أردوغان حالياً على أعضاء الكونجرس، مقارنة بما كان الحال عليه قبل سنوات. وحذر النظام التركي من مغبة التقليل من مدى تصميم بايدن وكبار معاونيه على انتهاج سياسات صارمة حيال الخطر في شرق المتوسط، الذي وصل إلى هذا الحد، بسبب عدم تصرف إدارتيْ ترامب وباراك أوباما بحزم إزاء أنقرة.