أحمد مراد (القاهرة)
في وسط العاصمة النمساوية «فيينا»، وبالتحديد في منطقة «ميخالإلاكوبل»، وبالقرب من ميدان «ماريا تيريزا» الشهير، يقع قصر «هوفبورغ» الذي يوصف بأنّه أحد أهم مقرات السلطة في القارة الأوروبية، فضلاً عن كونه أحد أقدم القصور التاريخية الإمبراطورية في العالم.
746 عاماًً
يعود تاريخ إنشاء قصر هوفبورغ إلى القرن الثالث عشر الميلادي، وبالتحديد إلى عام 1275 ميلادية، وظل مقراً رسمياً للعائلة الملكية في النمسا حتى عام 1918، وأقام فيه بعض الشخصيات التاريخية التي تعد الأكثر قوة في التاريخ الأوروبي والنمساوي، بما في ذلك سلالة إمبراطورية «هابسبورغ»، وحكام إمبراطورية النمسا والمجر.
وفي أعقاب هزيمة الإمبراطورية النمساوية في الحرب العالمية الأولى، تحولت النمسا من إمبراطورية ملكية إلى جمهورية، وفي العام 1945، أصبح القصر مقراً لرئيس الجمهورية.
أنماط معمارية مختلفة
على مدى السبعة قرون الماضية، ظل قصر هوفبورغ شاهداً على أبرز الأحداث التاريخية في القارة الأوروبية، وأُضيفت إليه العديد من الأجنحة والمباني التي تُبرز معالم التاريخ المعماري الأثري، حيث كان كل إمبراطور يحرص على إجراء بعض التعديلات والإضافات على مباني القصر من الداخل أو الخارج، الأمر الذي يُظهر القصر بمثابة خليط من الأنماط والأساليب المعمارية المختلفة، من القوطية إلى عصر النهضة، إلى الباروك، إلى الروكوكو، وغيرها من الأنماط المعمارية الكلاسيكية، وكان ذلك نتيجة للتعديلات التي أدخلها الكثير من الحكام على القصر منذ تأسيسه في العام 1275.
وشهد القصر العديد من أعمال التوسعة في المنطقة المحيطة به، حتى بات يشتمل على بعض المقرات للسكن والإقامة، وبعض المتاحف، والإبراشية، وكنيستين، والمكتبة الإمبراطورية، والمسرح القومي، بالإضافة إلى مدرسة للفروسية والإسطبلات، ومركز للمؤتمرات.
2600 غرفة
تبلغ مساحة القصر 59 فداناً، ويضم 18 مجموعة من المباني، و2600 غرفة، بالإضافة إلى 19 فناءً، ونتيجة لتعدد مباني القصر يوصف بأنه «مدينة داخل المدينة». وتعد قاعة الجمهور الكبيرة أبرز غرف القصر، وكانت بمثابة غرفة الانتظار لجماهير الإمبراطورة خلال الزيارة الأسبوعية. كما يحتوي محيط القصر على العديد من المقاهي، والمطاعم، والساحات والحدائق العامة التي تجذب ملايين السياح سنوياً.
7000 قطعة فضية
يضم قصر هوفبورغ ما يُعرف بـ «متحف الفضة»، وهو جناح إمبراطوري كامل يحتضن بين جنباته أكثر من 7000 قطعة فضية تمثل مجموعة أدوات المائدة، وحجرة الطعام الفضية، بالإضافة إلى المطبخ الإمبراطوري، والأدوات التي كانت تُستخدم في الحياة اليومية، ومجموعة أخرى كانت تُستخدم عند السفر.
متحف سيسي
يُعد ما يعرف بـ «متحف سيسي» واحداً من أبرز محتويات قصر هوفبورغ، وهو مخصص للإمبراطورة إليزابيث، زوجة إمبراطور النمسا في ذلك العهد، والتي كانت تلقب من قبل العائلة والأصدقاء بـ «سيسي».
ويضم المتحف مجموعة فريدة ورائعة من المقتنيات، مثل القفازات والمذكرات الخاصة بنظام حمية الإمبراطورة الغذائية، وبعض الأعمال الفنية، ونسخة من فستان خاص بالإمبراطورة إليزابيث كانت ترتديه عند الانتقال من ميونيخ إلى النمسا في العام 1854، وكان عمرها وقتها 16 عاماً، بالإضافة إلى ثوب التتويج.
وكانت الإمبراطورة إليزابيث تهتم بالرياضة اهتماماً كبيراً، ولأجل ذلك أنشأت صالة كبيرة كانت مليئة بالأجهزة الرياضية المختلفة.
الشقق الملكية
يضم القصر بعض الشقق الملكية التاريخية والأثرية، وهي متاحة للزيارة أمام الزوار والسيّاح من داخل النمسا وخارجها، وتعد شقق «فرانز جوزيف»، إمبراطور النمسا والمجر، أبرز الشقق الملكية في القصر الإمبراطوري، وما زالت تحتفظ بحالتها الأثرية القديمة. بالإضافة إلى شقق الإمبراطورة إليزابيث، وهي تشمل غرفة معيشة فخمة تعد أفضل وأجمل غرف القصر، والصالون الضخم الذي يضم مجموعة من الأثاث الذي يرجع إلى عهد لويس الرابع عشر.
مقر الرئيس
منذ عام 1945 وإلى الآن، يُستخدم قصر هوفبورغ كمقر لمكاتب رئيس الجمهورية النمساوي ومستشاريه، ووزراء الدولة، فضلاً عن كونه مركزاً مهماً لانعقاد المؤتمرات والاجتماعات الرسمية. كما يضم في داخله مقر الكونغريس، ومقر الخزينة، ومركز المؤتمرات المحلي والدّولي.
يوم الزيارة
في السادس والعشرين من شهر أكتوبر من كل عام، تُفتح أبواب بعض أماكن القصر للزيارة أمام المواطنين والسياح، ويُخير السياح بين ثلاثة أنماط لزيارة القصر: الأول زيارة الأجنحة الملكية، والثاني زيارة متحف سيسي، والثالث زيارة متحف الفضة. كما يتوجّه السياح إلى ساحة القصر لمشاهدة العروض العسكرية التي تقام هناك.