أحمد مراد (القاهرة)
هل سألت نفسك يوماً: لماذا يسود الطقس الحار والأجواء الساخنة غالبية الدول والمناطق الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية خلال شهري يوليو وأغسطس من كل عام؟..
السر يعود إلى ما يُعرف بـ«أيام الكلب»، وهي الفترة الموسمية التي يشتد فيها الحر كل عام، وتُوصف بأنها أشد أيام فصل الصيف حراً وسخونة ورطوبة.
التسمية.. رومانية
تعود تسمية هذه الفترة بـ «أيام الكلب»، إلى عصر الرومان الذين ربطوا الأجواء الساخنة والطقس الحار بظهور نجم الكلب أو ما يُعرف بـ «نجم الشعرى اليمانية» أو «سيريوس»، وهو نجم لامع في السماء يشبه الكلب، وكان علماء الفلك القدماء يلاحظونه بسهولة، وتتزامن هذه الفترة الموسمية مع ظهور هذا النجم اللامع الذي يوصف بأنه النجم الأكثر لمعاناً في كوكبة الكلب الأكبر، والكوكبة هنا تعني مجموعة من النجوم تكون شكلاً معيناً أو صورة محددة.
كما كان الرومان قديماً يشبهون هروب البشر من حرارة الشمس الشديدة خلال «أيام الكلب» وخروجهم من المنزل للتنزه بهروب وفرار الكلاب، ولم يكن الرومان وحدهم الذين استخدموا هذا المصطلح، حيث استخدمه الإغريق وكانوا يستعدون لبداية موجة الحر الشديد.
وبحسب معتقدات البابليين الذين يعدون أول من قاموا بتسمية هذا النجم بـ «الكلب» وتبعهم الرومان، أن هناك نجماً شريراً يخافون من شره، ويتقوه بتقديم القرابين له من جثث الكلاب، وكانوا يربطون بين بزوغ هذا النجم وظهور الأمراض والعلل.
نظرية خاطئة
يشرق نجم الكلب أو «الشعرى اليمانية»، ويغرب مع الشمس خلال فصل الصيف، وفي يوم 23 يوليو يقترن بالشمس، وبسبب أنه نجم شديد السطوع اعتقد الرومان القدماء أن الحرارة تنبعث منه، ويضيف إلى دفء الشمس، مما يتسبب في امتداد الطقس الحار خلال هذه الفترة.
ولكن في العصر الحديث توصل العلماء والباحثون إلى أن الحرارة الشديدة في فترة «أيام الكلب» لا تعود إلى أي إشعاع مضاف من «نجم الشعرى اليمانية» إلى الشمس بغض النظر عن سطوعها، وأن هذا النجم ليس له أي تأثير في حرارة الشمس، حيث إن حرارة الصيف نتيجة مباشرة لميل الأرض، فخلال فصل الصيف في نصف الكرة الشمالي، يتسبب ميل الأرض في اصطدام أشعة الشمس بزاوية أكثر مباشرة، ولفترة زمنية أطول على مدار اليوم، وهذا يعني أياماً أطول وأكثر سخونة.
ويشير علماء الفلك، إلى أن نجم «الشعرى اليمانية» حرارته 25 ضعف حرارة الشمس، كما تبلغ درجة حرارة سطحه نحو 10.000 «كلفن» مقارنة بالشمس، حيث تبلغ درجة حرارة سطحها نحو 5700 «كلفن».
60 % من اليابسة
يمتد تأثير أيام «الكلب» إلى العديد من الدول والمناطق الواقعة في نصف الكرة الأرضية الشمالي الذي يشكل 60% من مساحة اليابسة على سطح كوكب الأرض، حيث تتأثر دول شمال إفريقيا، ودول قارتي أميركا الجنوبية والشمالية وأميركا الوسطى، والدول الآسيوية، وأيضاً مناطق القطب الشمالي المتجمد بحرارة «أيام الكلب»، مع العلم أن آثار حرارة الصيف وأنماط هطول الأمطار تختلف في هذه المناطق باختلاف خطوط العرض والموقع وبعض العوامل الأخرى.
ضحايا وحرائق
في فترات زمنية سابقة، عانت بعض دول القارة الأوروبية من موجات حارة وأجواء ساخنة، تزامنت مع فترة «أيام الكلب»، الأمر الذي أسفر عن سقوط ضحايا من البشر، فضلاً عن اندلاع حرائق هائلة، وانتشار مستويات عالية من التلوث، وتخطت درجة الحرارة حاجز الـ 40 درجة مئوية، وهي نسبة قياسية لم تُسجل من قبل في التاريخ الأوروبي، وفي العام 2003 تحديداً ضربت موجة حر غير مسبوقة بلدان القارة الأوروبية، بالتزامن مع بدء فترة «أيام الكلب»، وأدت هذه الموجة الحارة إلى سقوط عدد ضخم من الوفيات.