أحمد عاطف (القاهرة)
«بيت العائلة الإبراهيمية» في جزيرة السعديات بأبوظبي، صرح عالمي، يبرز رؤية القيادة الرشيدة للأخوة الإنسانية التي مثلها مجتمع الإمارات باحتضانه أكثر من 200 جنسية يمارسون عاداتهم وثقافاتهم ودياناتهم بحرية..
البيت رؤية حملتها وثيقة الأخوة الإنسانية التي انطلقت من العاصمة أبوظبي إلى العالمية، في دعوة للناس لإعلاء مفاهيم التآخي والتعاضد والتلاقي والتعاون في مواجهة التحديات الإنسانية من حروب ومآسٍ وصراعات وكوارث طبيعية وبيئية ومجاعات وأمراض وأوبئة وأفكار هدامة تفرق ولا تجمع.
مسجد وكنيسة وكنيس يهودي، ثلاثة مبانٍ في موقع واحد، تحمل ملامحها السكينة وتبعث رسائل المحبة والسلام من الأديان الثلاثة، وتبرز كل ما هو مشترك في ثقافات المسلمين والمسيحيين واليهود، وتحافظ على خصوصية كل دين، وتوجه رسالة عرفان لأصحاب المواقف النبيلة من القادة الدينيين الذين بذلوا جهودهم في سبيل إعلاء قيم الأخوة الإنسانية.
الصرح الاستثنائي صممه المعماري الرحالة، السير ديفيد أدجاي، وسيكون حاضنة لكل ما يخدم التعايش الإنساني من برامج ومبادرات ولقاءات وقمم عالمية، ومنارة تشع بالتسامح وتضيء طريق السلام أمام الأجيال المقبلة.
ووصف السير أدجاي المشروع بأشجع الأشياء التي تحدث في الهندسة المعمارية؛ لأنه سيكون رمزاً للعالم الذي نريد أن نعيش فيه جميعاً، حيث السلام والتسامح يعمان الأرجاء بين أصحاب الديانات الثلاث، وكل هذا يصب في مصلحة الأجيال القادمة التي ستنشأ على التعايش السلمي.
ويؤكد المعماري العالمي أنه حرص على إضافة تفصيلية فريدة على كل مبنى، فعلى الرغم من أنها ستتشابه جميعها من الخارج وكأنها مبنى واحد، إلا أن كلاً منها سيكون معبراً عن دين معين، وعلى سبيل المثال سيتجه المسجد إلى مكة، والكنيسة إلى الشرق، والكنيس اليهودي إلى مدينة القدس، إلا أنها جميعها تجتمع في بيت واحد.
وأوضح أدجاي، في تصريحات صحفية، أن المشروع يحمل قيمة كبيرة للعالم، وسيكون محط أنظار الديانات الثلاث، وأعرب عن سعادته وشعوره بالفخر لفوز تصميمه بتنفيذ المشروع بعد المناقصة التي قارنت بين أكثر من تصميم لبيت العائلة الإبراهيمية.
ويعتبر أدجاي الأنسب لتصميم المشروع لخلفيته المعمارية المختلطة، حيث ينتمي لأصول غانية، وتنقل كثيراً بين البلاد الأفريقية؛ نظراً لظروف عمل والده الدبلوماسي، حتى استقر به المقام في لندن، وهذه الرحلات كونت مصمماً ينظر للأمور بطريقة مختلفة، كما أنه تأثر بحالة شقيقه الذي استخدم الكرسي المتحرك طيلة حياته واحتاج إلى مساحات ممهدة للسير، ولهذا تدمج تصميماته بين العمارة والإنسانية على حد سواء.
وحصل المصمم البريطاني على العديد من الجوائز الرفيعة، أبرزها لقب فارس بعد 10 سنوات من عمله في الهندسة المعمارية، وكذلك الميدالية الذهبية الملكية لعام 2021، وهي واحدة من أرفع الجوائز في مجاله، وقد تنوعت تصاميمه وطالت العديد من المجالات، وكان أبرزها مركز جائزة نوبل للسلام في أوسلو، ومتحف الفن المعاصر في دنفر، ومكتبة لوكبريدج بواشنطن، ومجمع سكني متعدد الاستخدامات في نيويورك، وغيرها الكثير.
ملتقى الأديان
يجمع التصميم بين المباني الثلاثة بحديقة خضراء واسعة، ستكون ملتقى الأديان الثلاثة، ورغم أن كل مبنى له مدخل خاص به، فإن الحديقة ستكون المساحة الآمنة التي سيتقابل فيها الزائرون من كل الأديان وتتوسطها مصطبة مرتفعة لزاوية جديدة من المباني الثلاثة تجعلها تبدو متقاربة وكأنها بيت واحد بالفعل. وتتشابه المباني الثلاثة هندسياً من الخارج، ولكن من الداخل سيكون لكل واحد منها نقوشه وتصميماته المختلفة، وبهذا يحفظ التصميم لكل دين شخصيته الخاصة، ولكن ضمن بوتقة واحدة هي التعايش السلمي والاندماج في المجتمع الإنساني.
