أحمد مراد (القاهرة)
تتعدد المصطلحات الخاصة بالطقس والأحوال الجوية، ولكل مصطلح تصاحبه مظاهر وظروف جوية معينة، وكثيراً ما نسمع في النشرات الجوية عن مصطلح «المرتفع الجوي»،
الذي يؤدي إلى موجة استقرار في الأحوال الجوية، وعادة ما يكون الطقس المصاحب له صافياً ومشمساً، وفي بعض الأحيان تكون هناك سحب ولكن دون حدوث هطول للأمطار.
ويمكن للمرتفع الجوي أن يغطي منطقة جغرافية تتراوح مساحتها ما بين 320 إلى 3225 كيلومتراً مربعاً. وفيما يتعلق بالامتداد العمودي، فإن المرتفع الجوي غالباً ما يكون ضحلاً، حيث لا يزيد ارتفاعه على 3000 متر.
هواء ثقيل
يُعرف المرتفع الجوي بأنه عبارة عن هواء ثقيل الوزن فوق منطقة معينة من الكرة الأرضية، ويتميز بضغط أعلى من ضغط الهواء الموجود في المناطق المحيطة به.
وينتج المرتفع الجوي نتيجة تحرك الهواء إلى أسفل، وعندما يتم دفع الهواء إلى الأسفل، يزداد ضغطه كلما اقترب أكثر فأكثر من السطح، ويتسبب الهواء المتجه إلى الأسفل في تغيرات كبيرة في الطقس والأحوال الجوية. ويُرمز إلى المرتفع الجوي في خرائط الطقس المعروفة بحرف «H» وباللون الأزرق.
الرياح والحرارة
يشكل المرتفع الجوي منطقة توزيع الرياح، حيث تتجه من المركز إلى جميع الاتجاهات، واتجاه الرياح حول المرتفع الجوي يكون مع عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، والعكس تماماً في نصف الكرة الجنوبي.
وفيما يتعلق بدرجة الحرارة، فإن المرتفع الجوي لا يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع في درجات الحرارة، فإذا كانت الرياح المصاحبة للمرتفع الجوي قادمة من الشمال أو الشمال الشرقي، فإن هذا الأمر يؤدي إلى هبوب رياح ذات درجات حرارة باردة، أما إذا كانت الرياح المصاحبة للمرتفع الجوي رياحاً جنوبية أو رياحاً جنوبية غربية أو رياحاً جنوبية شرقية، فإن هذا الأمر يؤدي إلى ارتفاع في درجات الحرارة.
السيبيري.. موجة برد قارس
يمثل المرتفع الجوي السيبيري واحداً من أشهر المرتفعات الجوية القارية الباردة، وينشأ فوق شمال شرق سيبيريا وأواسط آسيا، ويُوصف بأنه أكبر منظومة للضغط العالي تؤثر في شتاء النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وهو عبارة عن كتلة ضخمة من الهواء البارد تتجمع فوق منطقة سيبيريا الواقعة شمال شرق أوراسيا، ولأن ضغط الهواء البارد مرتفع، فإنه يسود ضغط مرتفع في المناطق التي يؤثر عليها، وتنخفض فيها درجة الحرارة، حيث تعتبر البرودة الشديدة والجفاف من أهم سمات المرتفع الجوي السيبيري.
ويعتبر المرتفع الجوي السيبيري هو المسؤول عن موجات البرد القارس والجاف في مناطق واسعة من قارتي أوروبا وآسيا، وقد يعبر تأثيره المحيط المتجمد الشمالي ليؤثر على كندا والولايات المتحدة الأميركية. ويمثل شهر سبتمبر من كل عام بداية نشأة المرتفع الجوي السيبيري، ويشتد ويتوسع في فصل الشتاء، وتحديداً خلال الفترة ما بين شهري ديسمبر ومارس، ويمثل شهر مارس النهاية الفعلية لتأثيرات المرتفع الجوي السيبيري.
بارد ودافئ
هناك نوعان من المرتفع الجوي، ويختلف كلاهما عن الآخر حسب طريقة التكون:
الأول: مرتفع جوي بارد، وينشأ فوق المناطق القطبية والباردة، ويتكون بسبب تزايد كثافة الهواء نتيجة ملامسته للسطوح الباردة، وتنشأ من ذلك كتلة هوائية باردة تغطي مساحة جغرافية هائلة، ويُعد المرتفع الجوي السيبيري من أشهر المرتفعات الجوية الباردة، فضلاً عن كونه أكبر المرتفعات الجوية اتساعاً على الإطلاق.
ويتميز الهواء القريب من سطح الأرض في المرتفع الجوي البارد باستقرار نسبي، ويصاحبه طقس حسن وبرودة واضحة مع الجفاف، وفي حالات نادرة يحدث هطول خفيف للأمطار. أما الطبقات العليا من هذا المرتفع الجوي، فتكون مضطربة، وتنشأ رياح شديدة حول مركز المرتفع الجوي، وتهبط إلى قلبه بحركة دورانية لولبية.
الثاني: مرتفع جوي دافئ، ويحدث عندما يتضاغط الهواء القادم من قمم المنخفضات الجوية نزولاً نحو الأسفل مما يسبب تسخيناً ذاتياً للهواء، ومن ثم يغلب على المرتفع الجوي الدافئ ارتفاع واضح في درجة الحرارة لكتلة الهواء قرب سطح الأرض، وبالأخص خلال أشهر الصيف، وتسود معه ظروف الجفاف والحر وصفاء الجو واستقرار الرياح، وذلك لأن ظاهرة التسخين الذاتي تعمل على تبخير أي سحب أو قطرات ماء عالقة في الجو. وتتولد هذه المرتفعات الجوية الدافئة في مناطق الحزام شبه المداري، مثل الصحراء الكبرى في أفريقيا والصحراء العربية، وتسير هذه المرتفعات الجوية في اتجاه أوروبا وأميركا، ويعد المرتفع الجوي الأوروبي من أشهر هذا النوع من المرتفعات الجوية.
وتصاحب المرتفعات الجوية الدافئة ظاهرة جوية تعرف باسم «ظاهرة الحجز السطحي»، حيث يعمل الهواء الهابط من الأعلى على حصر الأدخنة والغبار والملوثات الجوية في الطبقات السطحية من الهواء، ويعمل على منع تشتتها والتخفيف منها، وبالتالي تعمل هذه الجسيمات على تركيز الحرارة وتحجزها في الطبقات السطحية، ولهذا السبب يصبح الجو شديد الحرارة.