فاطمة عطفة (أبوظبي)
كانت رواية «الظل الأبيض: تجربة في الاستنارة» للشاعر عادل خزام موضوع جلسة الحوار الافتراضية التي نظمها أول أمس صالون «الملتقى الأدبي»، وأدارتها أسماء صديق المطوع، مؤسسة الملتقى، بحضور الكاتب وسيدات الملتقى وأصدقائه، مشيرةً إلى أن الرواية تتناول حياة إبراهيم ابن دبي الذي يعيش في مدينته الشهيرة وحيداً، ويمتهن الصحافة والعمل الحكومي، ثم تنقلب حياته رأساً على عقب حين يتعرف بسيدة الظل الأبيض، التي يتبعها لتنفتح أمامه آفاق معرفة ذاته، وذلك في سياق حبكة درامية تتجاوز جمالية السرد إلى تثقيف القارئ بمفردات النفس والذات والروح والمشاعر والصمت والحقيقة.
واستهل الكاتب خزام حديثه مشيراً إلى أنه اتجه إلى كتابة روايته هذه استجابة لهاجس وجداني عميق يعلي من قيمة التأمل وأهميته في اكتشاف الذات، منوهاً بأن الكتابة تتطلب العزلة والتأمل، وهي التي تمنح الكاتب لحظات الاستنارة والرضى الذاتي. وإبراهيم الشخصية الرئيسة في الرواية، في الأربعين من عمره، وقد استقال من عمله، وهو يعيش في أزمة لا يخرج منها إلا باتباع طيف الظل الأبيض «نور» وزوجها برهان ليعيش في بيتهما، وهؤلاء الثلاثة يشكلون بنية الرواية وأهم أحداثها، وخاصة أن «نور» فرضت على إبراهيم جلسات التأمل المرهقة والمؤلمة. وأوضح الكاتب أن الألم مصدره العقل، وحين يحاول الإنسان أن يبعد فكرة الألم أو الخوف عن خاطره يخف ويزول. ومن هنا جاءت أهمية فكرة التأمل وطقوسها المنتشرة في جنوب شرق آسيا، ولفت الكاتب إلى أنه عاش هذه التجربة في التأمل، بكل ما فيها من ألم واستنارة روحية، لكنه لم يتابعها.
وحول تجربة التأمل وصعوبتها أوضح الشاعر خزام أن الشخص لا يستطيع أن يركز على تنفسه ويتأمل عملية الشهيق والزفير ولا يتحمل ذلك أكثر من دقيقتين أو ثلاث، وسرعان ما يتشتت تفكيره في أكثر من موضوع. أما الوصول إلى حالة الاستنارة، فهذه طريقها طويل وشاق جداً، مستحضراً شهرة جلال الدين الرومي في العالم، بينما شيخ الصوفية ابن عربي محكوم بعمق نصوصه وصعوبتها.
وحول العديد من عناوين الكتب وأسماء الشخصيات الثانوية الواردة في الرواية، أوضح أنها من نسج الخيال ولا وجود لها في الواقع. ولفت النظر إلى أن تجربة برهان ونور التأملية وبلوغهما درجة الاستنارة، يقابلها تلك الحركات الظلامية المولعة بالقتل، مشيراً إلى أن والدي برهان قتلاً في تفجير إرهابي في بيروت، وبذلك يطرح الخلاص الروحي والسعادة المطلقة في التأمل والتخلي عن رغبات النفس وكل ما في الحياة من صراعات وأحقاد وحروب، مؤكداً أن خطاب الرواية يريد للبشرية أن تتيقظ.