الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
التعليم والمعرفة

راشد الملا: نساء لوحاتي لديهن الكثير للبوح

جانب من أعمال راشد الملا (الصور من المصدر)
12 أكتوبر 2020 00:24

نوف الموسى (دبي)

كنّا نجلس بمحاذاة اللوحات، بينما صوت الموسيقى الحاملة لثقافة قارة أميركا الجنوبية، وتحديداً جمهورية بيرو البعيدة، تتسرب بين أحاديثنا كأنها سفن شراعية، تحمل جُملنا والأحاديث كأغنيات. سعيدان بضوء الشمس المتدلي كخيوط تروي تعابير وجوه النساء في لوحات الفنان الإماراتي راشد المُلا، حيث يقول عنها: «ما زال لديهن الكثير للبوح»، ويقصد تلك القصص التي تبرع المرأة في إخفائها بوجدان عميق، محدثةً حالة شبيهة بالحزن والاكتئاب، واللذين قد يظهران بشكل استثنائي في لغة جسدية حيّة.. هنا اللوحات مرآة لذلك الشعور الخطير والمخيف القابع في الروح.. يستمر الفنان راشد في وصف حالته وهو يعيش اللحظة داخل اللوحة، يستميل النساء للمكاشفة، محاولاً استعارة تحديها، خوفها، استسلامها، صبرها، حزنها، مجازفتها، وأحياناً كثيراً جمودها وحياديتها رغم الألم، ليسردها علينا بصرياً بوضوح، اعتمد فيه الأسلوب الأكاديمي، فيه عنصر الشعر الطويل، يمثل الاحتضان اللانهائي، لمختلف التحولات الداخلية في كونها امرأة في هذا العالم. 
تحركنا نحو اللوحات، واختبرنا مواقع جلوس القادمين إلى مطعم كويا، بفندق فور سيزونز دبي جميرا بيتش، «موقع الحدث»، خاصة أن هناك نساء في لوحات الفنان راشد الملا، ارتبطن بطبيعة ثقافة المكان نفسه، نساء من بيرو، يلاحظ المشاهد تفاصيلهن التقليدية عبر ملابسهن.. في تساؤلنا هنا يبتسم الفنان راشد، مؤكداً أنه يحب فكرة رسم الثقافات الأخرى، لديه مجموعة لوحات حول الثقافة المحلية، وأيضاً الثقافة المرتبطة بالقارة الأفريقية، وفي لوحاته الأخيرة، يبرز الحس الإنساني، ذاك الخيط الرفيع الشفيف القادر على أن يجمع جّل الثقافات، وهو «الشعور»، وطرق التعبير عنه.. وحول المكان يقول راشد: «أفضل أن تحضر لوحاتي في فضاءات عامة، في (الغاليرهات) يحضر عادةً محبو الفنون، أما هنا فيتشارك أناس من مختلف الثقافات والاهتمامات بينهم سياح، وجميعها أبعاد تساهم في انتشار الفنان، وإلقاء الضوء على أعماله الفنية». وما أشار إليه أقرب للتأثير غير المباشر، والإيحاء اللاواعي للمرئي، في الأماكن العامة. 
وبينما يستمر الفنان راشد المُلا في حديثه عن التناغم الثقافي للأمكنة، وأهمية أن تكون للفنان أمكنة يحبذ أن ينتمي لها عبر لوحاته، تتبادر إلى الذهن العلاقة التي بالإمكان أن تحدث تأثيراً للوحة وقراءتها، وهي تعبر من خلال ثقافة الأطعمة في بيرو، التي يُعرف عنها كونها مبنية على التناقض في مستوى الذائقة، فمثلاً يأتي الطعام ساخناً وبارداً، وأحياناً تشعر بقوة وحساسية، نتاج البهارات والتوابل التقليدية، ذات النكهة الجريئة، وعلى الرغم من الهشاشة في تشكيلات جانبية لبعض الأطباق، هناك ما هو ثقيل وعميق في مضمونه، وهي مظاهر ثقافية تعكس طبيعة المكونات الفكرية والمعرفية.. وبالنسبة للفنان راشد المُلا، قد تتوصل إلى الحس الجمالي وتناقضاته في كيف أن المرأة في لوحاته مهما بدت هشة وضعيفة في إيماءة معينة، إلا أنها في المقابل تحفل بالقوة في إيماءة موازية في ملامح الوجه ككل. 
الطعام واللوحات، قادانا إلى الطاقة الأنثوية الحاضرة في لوحات الفنان الإماراتي راشد المُلا، حيث يقول إنه يحس باتصال معها بشكل ما عبر اللوحات، معبراً عن ذلك: «أستطيع أن أدرك شعور المرأة، من خلال زوجتي، أفهم كيف تعبر عن حالة معينة تخصها، التقطت التعبير، وأنسجه في خيالي إلى تعابير مختلفة، وأترك دائماً لدفق عفوية الشعور نفسه بأن يرسم».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©