الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

الهجرة الاقتصادية

الهجرة الاقتصادية
18 أغسطس 2021 00:04

د. يحيى الشحي

من بين تواتر الفيضانات والانهيارات الأرضية وحروق الغابات، وارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وارتفاع المحيطات والظواهر المناخية المتطرفة الأخرى، التي تتقاطع مع مسارات العالم المتباينة لتقليل الانبعاثات والتكيف معها. 
جاء تقرير المناخ ليطفئ حالة من الرهبة وخيبة الأمل والحماس من جهة نتيجة للتنبؤات والعواقب المناخية التي وصفت بأنها «لا لبس فيها».
في المقالات السابقة، وصفنا المسارات والجهود الدولية المتسقة مع اتفاقية باريس للمناخ بأنها غير قادرة طوعاً على استباق التخفيف من آثار الطقس بحيادها الكربوني. 
وهكذا، في إطار هذه الجهود، ظهرت تيارات من الظواهر المناخية المتطرفة بشكل حاد وفي أجزاء من معظم قارات العالم، لتظهر بوضوح خطورة الوضع والجهود الضئيلة التي تُبذل لتعزيز الانتقال إلى الحد من الانبعاثات.
في هذا السياق، يتنبأ الوضع بتفاقم ظاهرة الهجرة المناخية القسرية، والتي ستزيد بشكل كبير وتخلق ظاهرة تغيير الخريطة الاقتصادية على المستوى العالمي. 
وهذا يزيد من جاذبية بعض المناطق بالمقارنة مع المناطق والتضاريس الأخرى في نفس الوقت الذي نسميه الهجرة الاقتصادية، والتي تحدث نتيجة لهجرة الناس والحركة المصاحبة للثروة وتوزيع رأس المال.
هناك أدلة تاريخية كثيرة على أن العوامل المناخية لعبت دوراً مهماً في الحركات البشرية. لذلك فإن التطرف المناخي هو التحدي الأكبر، وسيؤدي شبحه إلى هجرة جماعية، من خلال آثاره المتصاعدة على الزراعة والموارد المائية والبنية التحتية، ليس فقط العالم النامي ولكن العالم المتقدم لن يكون محصناً ضده ودليل على التغيرات المناخية الأخيرة. 
لذلك، من المرجح أن تكون آثاره عميقة. وبالتالي، فإن الاستجابة للأحداث المتطرفة وعدم التكيف معها سيكون النزوح، سواء كان مؤقتاً أو دائماً أو انتقائياً.
من المتوقع أن يصل عدد النازحين بسبب الكوارث المناخية إلى 1.2 مليار بحلول عام 2050. ويحتل مليار شخص الآن أراضٍ أقل من 10 أمتار فوق خطوط المد المرتفعة، منها 230 مليون شخص أقل من متر واحد. هذا ينبئ بمخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر، وماذا عن ارتفاع درجات الحرارة، وتراجع الأراضي الرطبة وغيرها من الكوارث.
في الواقع، المناخ هو الغلاف الذي تتم فيه جميع الأنشطة الاقتصادية في المجتمع المعاصر، وبالتالي فإن أي تغيير سيؤدي إلى اضطرابات مدفوعة بالدوافع الاقتصادية التي تهيمن عليه. تصف الدراسات، على مستوى المهاجرين الذين يتطلعون إلى بناء مستقبل، دورهم الإيجابي في تعزيز الإنتاجية الإجمالية والمساهمة في المالية العامة والنمو الاقتصادي. ماذا لو كانوا مهاجرين بالمعرفة والخبرة والمال وما إلى ذلك؟ لذا، فإن التغيير الديموغرافي يقترن بالتأكيد بتغيير في الخريطة الاقتصادية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©