الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

محمد كركوتي: السلع المُقلدة.. «اقتصاد» مدمر

محمد كركوتي: السلع المُقلدة.. «اقتصاد» مدمر
10 مايو 2021 01:12

«الأدوية والعقاقير المقلدة أكثر خطورة من الإرهاب»  رونالد نوبل، رئيس سابق للمنظمة الأميركية لمكافحة الجريمة

يعتقد البعض أن تجارة السلع المقلدة، ليس إلا وحشاً اقتصادياً غير قابل للترويض. وقد توصل هؤلاء لهذا الاستنتاج، لأن هذه التجارة تزدهر يوماً بعد يوم، وباتت تشمل كل المنتجات تقريباً، بما في ذلك تلك الحساسة التي تمثل خطورة مباشرة قاتلة لمستخدميها. وفي السنوات الماضية، ساهم تنامي التجارة الإلكترونية في إضافة توسع آخر للمنتجات المقلدة، على الرغم من الإجراءات الرقابية التي تفرضها الحكومات هنا وهناك على المنصات الإلكترونية. واللافت أيضاً أن تجارة السلع المقلدة ازدهرت بقوة في فترة جائحة «كورونا». فنسبة كبيرة من المستهلكين، اعتمدوا على المنصات التجارية الإلكترونية التي تمكنت من مزاولة نشاطاتها بعيداً عن الرقابة الحكومية. وحتى على صعيد المنصات المعروفة، تم تمرير بضائع مقلدة تحمل معها مخاطرها العالية.
 في الشهر الماضي، قامت السلطات البريطانية بتدمير كميات ضخمة من البضائع المقلدة، تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات. وتقوم حكومات حول العالم بخطوات مماثلة بصورة دورية، لكن الأمر ليس بهذه السهولة، إذا ما عرفنا أن حجم هذه التجارة غير المشروعة يبلغ 1.82 تريليون دولار سنوياً، تصل (على سبيل المثال) قيمة الأدوية والعقاقير فيها إلى 80 مليار دولار، ناهيك عن المنتجات التي تخص الأطفال ومواد التجميل والإلكترونيات وقطع السيارات والتبغ وحتى مشروبات الطاقة وبعض المعدات العسكرية، وغيرها من المنتجات التي صارت جزءاً أصيلاً من الأسواق في غالبية البلدان. المثير أن قيمة السلع المقلدة ارتفعت من 1.2 تريليون دولار في العام 2017 إلى مستواها الهائل الحالي. أي أنها زادت أكثر من 600 مليون دولار في أقل من ثلاث سنوات.
 ووفق التقرير العالمي حول تزييف العلامات التجارية، فإن تجارة البضائع المقلدة لن تنتهي قريباً، ولا بد من اتخاذ إجراءات أقوى من تلك التي تُتخذ حالياً، ولا يمكن محاصرة هذه التجارة إلا بتعاون دولي كامل. والمصيبة الأكبر، أن بعض العوائد المالية الآتية من بيع السلع المقلدة لا يمكن متابعتها، ما يفسح المجال للاعتقاد أنها ربما تذهب في ممرات غسيل الأموال وتصل إلى عصابات المخدرات ومهربي الأسلحة والبشر، أي أنها تشكل رافداً للجريمة المنظمة، ناهيك عن الأضرار الفادحة التي تصيب العلامات التجارية الحقيقية منها. وهذا ليس غريباً إذا ما عرفنا، أن حجم تجارة البضائع المقلدة يصل إلى 3.3% من إجمالي التجارة الدولية. أي أن العوائد هائلة وأضرارها كبيرة.
 ويعترف الاتحاد الأوروبي، بأنه رغم تعاون المنصات الإلكترونية الشرعية في القضاء على هذه التجارة السوداء، إلا أن الأمر لا يزال خارج السيطرة، خصوصاً بوجود أسواق فيزيائية حقيقية في مناطق لا تصل إليها الإجراءات الدولية المعمول بها. وأمام هذه الحقائق المرعبة، يبقى التحرك الدولي المشترك هو الأمل الوحيد للحد من تجارة تنشر المخاطر والأضرار في كل الميادين، دون أن ننسى دور المستهلكين المشجع لها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©