يوسف العربي (أبوظبي)
أكد خبراء ومسؤولون تنفيذيون بشركات عقارية أنهم يعكفون حالياً على تنفيذ عدد من المباني بتكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد لتلبية الاحتياجات العاجلة وانطلاقاً من أهمية هذه التكنولوجيا في رسم ملامح جديدة للقطاع العقارى على مدار العقود المقبلة.
وتقنياً، أوضح هؤلاء أنه باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية للمباني يمكن استكمال مبنى مكون من طابقين أرضي وأول على مساحة 150 متراًمربعاً في غضون 5 أيام، ومن خلال وجود نحو ثمانية عمال في موقع الإنشاءات ومن خلال استخدام آلة طباعة عملاقة بطول 30 متراً، وارتفاع يناهز 15 متراً.
دخلت الإمارات رسمياً عصر المباني المطبوعة مع إنشاء أول منشأة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد عام 2015 وأول منشاة حكومية على مساحة 6889 قدماً مربعة، فيما أعلنت دبي عن خطتها لطباعة 25% من مكونات أي مبنى جديد بحلول 2025 وهو الأمر الذي يمهد لتحول الدولة إلى مركز عالمي لهذه الصناعة الواعدة خلال الخمسين عاماً المقبلة، وشهدت دبي إطلاق استراتيجية «دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد»، في مبادرة عالمية فريدة من نوعها تهدف لتسخير هذه التكنولوجيا الواعدة لخدمة الإنسان وتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة ودبي بصفتها مركزًا رائدًا على مستوى المنطقة والعالم في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2030.
وتركز هذه الاستراتيجية على تعزيز مكانة الإمارات بوصفها مركزًا رائدًا للطباعة ثلاثية الأبعاد على مستوى العالم، حيث تقوم بتطبيق تقنية حديثة تسهم في خفض التكاليف في العديد من قطاع، قطاع التشييد والبناء وثلاثة قطاعات أخرى.
وتهدف الاستراتيجية إلى طباعة نسبة 25% من كل المباني الجديدة في دبي بحلول عام 2025 بالاعتماد على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.
ومن المتوقع أن تسهم استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد في تقليل العمالة بنسبة 70%، وتقليل الفترة الزمنية اللازمة للإنتاج بنسبة 80% في مختلف القطاعات المعنية.
مشاريع قائمة
واستكملت دبي أول مكتب مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في العالم منتصف العام 2016 بعد أقل من شهر من إطلاق استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد ليشكل أنموذجاً عصرياً في تصميمه وتجربة نوثقها للعالم في كيفية تطبيق تكنولوجيا المستقبل وتوظيفها في حياتنا كما يشكل المبنى إنجازاً جديداً يضاف لسجل إنجازات دولة الإمارات في تحقيق الأسبقية العالمية ضمن قطاعات استراتيجية وذات أهمية عالمياً.
وتصل مساحة المكتب إلى 250 متراً مربعاً، ويعكس تصميمه الخارجي أحدث الأشكال المبتكرة لبيئة العمل المستقبلية وتم استخدام طابعة بارتفاع 20 قدماً وطول 120 قدماً وعرض 40 قدماً..
كما تم استخدم ذراع آلية «روبوت» لتنفيذ عمليات الطباعة.
من جانبها، أعلنت بلدية دبي عن استكمال أكبر وأول مبنى مطبوع في العالم ويتكون من طابقين وتُغطي مساحة المبنى الإجمالية 640 متراً مربعاً، أما ارتفاعه فيصل إلى 9.5 متر.
يمتاز المبنى بأنظمة عزل فعّالة تعمل على عزل المبنى حرارياً، وبالتالي التقليل من استهلاك الطاقة.
وتم تشييد المبنى حسب متطلبات الاستدامة ومعايير المباني الخضراء واستغرق بناؤه 3 أشهر بتكلفة إجمالية وصلت إلى 800 ألف درهم مقارنة بمبلغ نحو 2.5 مليون درهم في حال تم إنشاؤه بالطرق التقليدية.
من جهتها، أعلنت إحدى كبرى الشركات العقارية في الدولة عن خطتها لبناء أول منزل لها باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في دبي، في إطار طموحها في اعتماد أحدث الحلول التقنية وأكثرها تطوراً في مجال الإنشاءات مع منح هامش أكبر للمرونة على صعيدي التصميم والهندسة المعمارية ويقع المبنى في «المرابع العربية III»، ويتم تنفيذ الأعمال الإنشائية بالتعاون مع مقاول محلي، بهدف المساهمة في تطوير الإمكانات الوطنية لاستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في القطاع العقاري.
وكشف مسؤولون ببرنامج الشيخ زايد للإسكان أنه يتم العمل مع مختلف المؤسسات الأكاديمية لدراسة تطوير مشروع تجريبي للبناء بتقنية المباني ثلاثية الأبعاد المطبوعة ضمن مشروع بحثي يهدف لاستشراف شكل المباني في المستقبل بما يعزز جودة الحياة واستدامة البيئة.
تقنية المستقبل
من جانبه، أكد الدكتور علاء عشماوي، عميد كلية الهندسة بالجامعة الأميركية، رئيس الاتحاد العالمي لمنظمات التعليم الهندسي ل «الاتحاد» إن دولة الإمارات العربية المتحدة دخلت الإمارات رسمياً عصر تقنيات طباعة الخرسانة الثلاثية الأبعاد، وتقنيات الإنشاء الرقمية متوقعاً تحولها لمركز عالمي لتطوير وتطبيق هذه التكنولوجيا الحديثة التي اثبتت كفاءتها وقدرتها على رسم ملامح القطاع خلال العقود المقبلة.
وأكد عشماوي أن تقنية المباني المطبوعة ستحدث تغييرات جذرية في شكل وتصميم المباني التي نعرفها منذ عقود حيث تفتح هذه التكنولوجيا افاقاً غير محدودة لتنفيذ تصميمات وأشكال لم يكن تنفيذها ممكناً من قبل.
وقال، إنه تم تشكيل لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الجهات البلدية المختصة والمنظمات البحثية وشركات الإنشاءات لهذه المباني الجديدة لإعداد كود بناء للمباني ثلاثية الأبعاد المطبوعة الذي سيكون الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، ما يؤسس لتحول الدولة لمركز عالمي وإقليمي لهذه التكنولوجيا المتقدمة.
وأشار إلى وجود أربع شركات متخصصة في تكنولوجيات المباني ثلاثية الأبعاد المطبوعة منها شركتان وطنيتان وشركتان أجنبيتان تتوسع جميعها باطراد لتلبية النمو المتسارع في الطلب على هذا النوع من المباني لاسيما في تلبية الاحتياجات العاجلة لبعض المؤسسات والجهات.
وكشف عشماوي، أن الجامعة الأميركية في دبي قامت بتأسيس مركز متخصص بالتعاون مع الشركات المنخرطة في هذه العملية في السوق المحلية حيث يتم تطوير مواد البناء المستخدمة لتقليص التكلفة، ولتكون أكثر تناسباً مع الطقس، مضيفاً أنه تم إحراز تقدم ونتائج ملموسة على هذا الصعيد.
وأشار إلى أهمية التركيز في الوقت الحاضر على بناء الطاقات البشرية المستقبلية المتخصصة في مثل هذه التقنيات الهندسية الواعدة حيث سيتزايد الطلب على هذا النوع من التخصصات خلال المستقبل القريب، حيث يتم العمل على خلق بيئة تعلم جاذبة ومبدعه من أجل تأهيل شباب المستقبل لسوق العمل، وخلق فرص وظيفية وصناعات جديدة مواكبة للتطور التكنولوجي.
دانا سلباق: تحقق وفرات مالية كبيرة لمطوري العقارات المتوسطة
أكدت دانا سلباق، رئيس قسم البحوث في شركة «جيه إل إل» لـ «الاتحاد» أن القطاع العقاري سيشهد على مدار العقود المقبلة تغيرات جذرية نتيجة انخراط شركات التطوير العقاري أكثر في تطوير المباني ثلاثية الآبعاد المطبوعة وإنترنت الأشياء والبلوك تشين.
وقالت إن الشركات ستنحاز إلى تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في تنفيذ المباني نظراً للمرونة التي توفرها هذه التقنية على صعيد التصميمات الداخلية والخارجية وكذلك السرعة المذهلة في تنفيذ عملية الانشاءات وهو أمر بالغ الحيوية في العديد من مشاريع التطوير، فضلاً عن دعم هذه التقنيات لجعل المبنى أكثر اتساقاً مع معايير الاستدامة الصحة والسلامة. وتوقعت سلباق أن تتركز عمليات تطوير المباني المطبوعة على المدى الطويل على عمليات تنفيذ المباني متوسطة التكلفة، حيث تتمكن هذه التقنية مع اتساع نطاق انتشارها من تقليص نحو %30 من تكلفة العملية الإنشائية.
إدوارد بعقليني: تتميز بسرعة التنفيذ واختصار الأيدي العاملة
قال المهندس إدوارد بعقليني، المدير التنفيذي لشركة ثري دي فينشش«3D Vinci» المتخصصة تكنولوجيات المباني ثلاثية الأبعاد إن الشركة تقوم حالياً بتنفيذ عدد من المشاريع في الإمارات لصالح شركات تطوير عقاري وجهات أخرى.
وأوضح بعقليني أن أهم ما يميز المباني المنفذة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد هو سرعة التنفيذ، واختصار الأيدي العاملة اللازمة، وفتح المجال أمام تنفيذ تصميمات هندسية داخلية وخارجية جديدة حيث إنها قادرة على إتاحة تصميم وتصنيع عناصر معقدة للغاية غير قابلة للتحقيق مع منهجية صب الخرسانة القياسية كما تتميز هذه المباني بإمكانية تطبيق أعلى معايير الاستدامة عند تشغيلها.
ولفت إلى أن تقنية المباني ثلاثية الأبعاد المطبوعة ستشكل مستقبل القطاع خلال العقود المقبلة، مشيراً إلى أن انتشارها يتوقف على تنامي الوعي العام للأفراد والمطورين بالمزايا التي توفرها هذه المباني الجديدة، لاسيما على صعيد الاستدامة، واختصار التكاليف التي ستتحسن على نحو ملحوظ مع زيادة الانتشار. وأوضح أنه باستخدام تقنية الطباعة الثلاثية للمباني يمكن استكمال مبنى مكون من طابقين أرضي وأول على مساحة 150 متراً مربعاً في غضون 5 أيام ومن خلال وجود نحو ثمانية عمال في موقع الإنشاءات من خلال استخدام آلة طباعة عملاقة بطول 30 متراً وارتفاع يناهز 15 متراً.