يوسف البستنجي (أبوظبي)
يعرف الناتج المحلي الإجمالي باعتباره القيمة الإجمالية لكافة السلع والخدمات التي يتم إنتاجها في دولة معينة خلال فترة زمنية محددة.
وتقاس قيمة السلع والخدمات المنتجة في دولة محددة، إما بسعر السوق ويسمى في هذه الحالة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، وإما بالقيمة الحقيقية للسلع والخدمات التي تحسب على أساس سعر السوق ناقصاً نسبة التضخم، وفي هذه الحالة يسمى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
ويكون الناتج المحلي الإجمالي الاسمي أعلى من الحقيقي إذا كان معدل التضخم موجباً، في حين يكون أقل إذا كان معدل التضخم سالباً، أي إذا كان هناك انكماش وتراجع في الأسعار.
ويختلف الناتج المحلي الإجمالي عن الناتج الإجمالي القومي من حيث مكان الإنتاج الجغرافي، فكل ما هو منتج داخل الدولة وعلى أرضها يعتبر ضمن الناتج المحلي الإجمالي، أما الناتج القومي الإجمالي، فهو كل ما أنتجته الشركات والأفراد من جنسية محددة داخل الدولة أو خارجها بغض النظر عن موقعهم الجغرافي.
ويحسب معدل نمو الاقتصاد الوطني من خلال حساب نسبة الزيادة أو الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بين سنة وأخرى، أو فترة وأخرى. ويعتبر الناتج المحلي الإجمالي مقياساً لحجم وقوة الاقتصاد الوطني لأي دولة، فيما تقاس أهمية مكونات الناتج المحلي الإجمالي نسبة إلى حصتها فيه، وتعتبر تركيبة الناتج المحلي الإجمالي مؤشراً على طبيعة الاقتصاد ومستوى تطور الدولة والمجتمع.
فهناك على سبيل المثال الدول الصناعية، حيث يستحوذ قطاع الصناعة على الحصة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، فيما تشكل حصة الصناعة في اقتصادات الدول النامية حصة محدودة جداً، وغالباً تعتمد هذه الدول على الزراعة والموارد الطبيعية.
ومع أن هذا المقياس بدأ العمل به في ثلاثينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأميركية، وتم تعميمه في الأربعينات من القرن العشرين ليصبح مؤشراً دولياً، إلا أنه بدأ يظهر في السنوات القليلة الماضية خلافات وآراء متعددة حول دقة هذا المقياس وحيادية استخدامه.
ولما كان الدولار غالباً هو العملة المستخدمة في قياس أسعار السلع ومعادلتها وفقاً لأسعار الصرف الرسمية، فقد ظهرت فروقات واسعة جداً بين دولة، وأخرى في القيمة الحقيقية للسلع والخدمات، وبناء عليه أصبح هذا المؤشر لا يعكس حقيقة قوة وحجم اقتصاد معين مقابل الاقتصادات الأخرى.
وعلى سبيل المثال، تظهر تقديرات صندوق النقد الدولي لعام 2019 أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للولايات المتحدة بلغ 21.4 تريليون دولار، في حين تقدر قيمة الناتج المحلي الإجمالي للصين بنحو 14.14 تريليون دولار، وذلك وفقاً لمعادلة أسعار الصرف الرسمية لسعر اليوان الصيني مقابل الدولار الأميركي. لكن هذا المقياس لا يقدم قيمة حقيقية متساوية لقيم السلع والخدمات في البلدين؛ ولذا أصبحت دقة هذا المؤشر موضع شك.
وعلى سبيل المثال، يبلغ سعر «الهامبورغر» في الصين دولاراً واحداً، بينما المنتج نفسه في أميركا سعره يساوي 10 دولارات، وبالتالي فإن هذا المنتج يشارك في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة بعشرة أضعاف حصته في الناتج المحلي الإجمالي بالصين، رغم أنه نفس المنتج ونفس القيمة الحقيقية، وهذا ينطبق على غالبية الأسعار للسلع والخدمات، ولذا وفقاً لهذا المقياس يقدر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للصين بما يقارب 30 تريليون دولار، آي أكثر بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
وهذا ينطبق على العديد من الدول في آسيا وأفريقيا، ولذا فإن مؤشر الناتج المحلي الإجمالي لا يعكس مستوى الحياة الحقيقي للأفراد والأسر في المجتمعات المختلفة.