أحمد مراد (القاهرة)
قبل 170 عاماً من الآن، وبالتحديد خلال عام 1851، انطلقت النسخة الأولى من معرض إكسبو الدولي في العاصمة البريطانية «لندن» تحت عنوان «المعرض العظيم لمنتجات الصناعة من دول العالم «بحضور ما يقارب 6 ملايين شخص، واُستخدمت إيراداته لتمويل بناء متحف فيكتوريا وألبرت الشهير».
ومن وقتها تحول معرض إكسبو إلى منصة عالمية لعرض إنجازات البشرية في الإبداع والابتكار بمختلف المجالات، وشهدت النسخ السابقة من المعرض الإصدارات الأولية للهاتف والتلفزيون والموبايل.
وعلى مدى الـ170 عاماً الماضية، كان معرض إكسبو مناسبة وفرصة مهمة لإقامة العديد من المشاريع المعمارية والهندسية الفريدة التي أصبحت فيما بعد رموزاً للبلدان التي استضافت المعرض، وأبرزها برج إيفل الذي بُني خصيصاً ليكون المدخل إلى معرض إكسبو الذي استضافته باريس خلال العام 1889.
وجاءت فكرة إنشاء برج إيفل من منطلق حرص السلطات الفرنسية على إخراج معرض إكسبو 1889 في أبهى صورة، وتقديم أبرز ما لديها من تراث تاريخي يليق بمكانة وأهمية المعرض الدولي. وفيما بعد أصبح البرج الشهير علامة حضارية ورمزاً تاريخياً لباريس التي لم تتوقف منذ ذلك التاريخ عن استضافة معرض إكسبو، حيث استضافته للمرة الثانية في العام 1900، وشهد حضور أكثر من 50 مليون زائر، وعرض ابتكارات متعددة، منها السلالم الكهربائية، ومحركات الديزل، وعجلات الملاهي العملاقة، والأفلام الناطقة، وغيرها.
وبدأت أعمال بناء برج إيفل قبل موعد انعقاد معرض إكسبو 1889 بعامين، وبالتحديد في يناير من العام 1887، وتواصلت أعمال البناء بشكل منتظم على مدى عامين وشهرين، حيث انتهت في 31 مارس من العام 1889، وافتتح البرج رسمياً في مايو من نفس العام مع موعد انطلاق معرض إكسبو 1889.
وبُني برج إيفل على يد المهندس المعماري وخبير المعادن، ألكسندر غوستاف إيفل، وسُمي البرج على اسمه تكريماً له، ويصل ارتفاع البرج إلى 324 متراً، وظل يمثل أطول بناء في العالم حتى بُني برج كرايسلر في مدينة نيويورك الأميركية خلال عام 1930.
ويتكون البرج من 18 ألف قطعة حديد، و2.5 مليون مسمار، ويبلغ وزنه 7300 طن، وهو يرتكز على أربعة أعمدة مكونة فيما بينها قاعدة بمساحة 15,625 متر مربع. ومع بدء فعاليات معرض إكسبو 1889، حظي برج إيفل بإعجاب زوار المعرض الذين اعتبروه «أعجوبة معمارية وهندسية»، وكانت السلطات الفرنسية تتوقع أن يزوره 500 ألف زائر خلال فترة المعرض، ولكن العدد فاق التوقعات بكثير، حيث اقترب عدد الزوار من مليوني زائر.
ومع انتهاء فعاليات معرض إكسبو 1889، خرجت بعض الدعوات لهدم برج إيفل خشية أن يكون به عيوب إنشائية، ولكن السلطات الفرنسية قررت الإبقاء عليه مع زيادة نسبة الإقبال على زيارته سواء من قبل المواطنين الفرنسيين أو السياح الأجانب، ومع مرور الزمن بات البرج أحد أبرز المعالم الفرنسية وأكثرها استقطاباً للزوار سواء من داخل فرنسا أو خارجها، حيث يستقطب حالياً حوالي سبعة ملايين زائر سنوياً. وتُقدر إحدى الإحصاءات عدد زوار برج إيفل منذ افتتاحه في العام 1889 وحتى الآن بنحو أكثر من 250 مليون زائر.