سامي عبد الرؤوف (دبي)
يعد مرض الإكزيما من أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً لدى المراهقين والأطفال، وبالنسبة للمراهقين، يمكن أن تكون الإصابة بمرض الإكزيما تجربة محبطة، ويمكن أن تتسبب الآثار التي تظهر على الجلد بسبب هذا المرض في جعلهم عرضة للتنمر، الأمر الذي قذ يؤثر سلباً على صحتهم النفسية.
وفي كثير من الأحيان، قد نتجاهل الإكزيما، ونعتبرها مجرد حالة جلدية بسيطة، لكن آثارها مثل الأرق والاكتئاب بسبب الحكة والألم يمكن أن تؤثر سلباً على الصحة العقلية للمراهقين.
ووفقاً لدراسة حديثة لعلم الأوبئة للأطفال المصابين بالتهاب الجلد التأتبي «الإكزيما»، فقد بلغ إجمالي انتشار المرض بدولة الإمارات نسبة 24.1% بين المراهقين.
أشارت الدراسة نفسها، إلى أن 56.1% من المصابين في الإمارات، أفادوا بأن حالتهم كانت خفيفة و42.4% قالوا: إن حالتهم متوسطة و1.5% فقط يعانون أعراضاً شديدة.
وقال الدكتور أنور الحمادي، رئيس جمعية الأمراض الجلدية، استشاري الأمراض الجلدية بجامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية: «إن ما يقارب من 30 إلى 40% من المرضى بصفة عامة الذين يزورون طبيب أمراض جلدية يعانون الإكزيما، وهي نسبة كبيرة جداً»، ونصح الآباء أو المراهقين الذين يبحثون عن المساعدة لعلاج الإكزيما، بأن يلتزموا بالخطة العلاجية التي يضعها لهم الطبيب، الأمر الذي سيساهم في تسهيل التعامل مع المرض وعلاجه.
معتقدات خاطئة
ولفت إلى أن هناك العديد من الإشاعات حول مرض الإكزيما والمفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذا المرض، أبرزها أن الإكزيما مرض معد، وهو ليس كذلك، ولا يعد مرضاً خطيراً أيضاً.
وقال: «كما يعتقد البعض أن أطعمة معينة تسبب الإصابة بمرض الإكزيما، ولقد لاحظنا أن الطعام يساهم فقط في حوالي 30% من مسببات الإكزيما، لذلك لا داعي لأن يحرم الآباء أطفالهم من بعض الأطعمة والادعاء بأنهم يعانون الإكزيما بسببها».
وأشار إلى اعتقاد البعض أن الإكزيما ستستمر إلى الأبد، وهو مفهوم خاطئ، وهناك اعتقاد بأن الإكزيما ستختفي في سن الثانية، لكن في الواقع لا يمكننا التنبؤ بالوقت الذي سيشفى منه الشخص تماماً.
وقال: «مع ذلك، فقد كشفت الدراسات أيضاً أن نحو 60% من حالات الإكزيما تشفى قبل سن 12 عاماً، وهناك أيضاً احتمال أن تستمر بعد ذلك، أو قد تختفي قبل سن الثانية».
وأكد الحمادي أن الإكزيما يؤثر على المراهقين فيما يتعلق باختيار الملابس، مشيراً إلى أنه في كثير من الأحيان، يفضل المراهقون ارتداء الملابس الرياضية التي لا ينصح بها لمن يعانون الإكزيما، ويجب أن يختاروا دائماً ارتداء الملابس القطنية لمنع تهيج البشرة».
الوعي ضرورة
من جهته، أكد الدكتور محمد عوض، أخصائي الأمراض الجلدية بالمستشفى الدولي بدبي، أهمية زيادة الوعي بالمرض وأخذ العلاج بالسرعة الممكنة؛ لأن عدم العلاج في بداية المرض يؤدي إلى أخذ الكورتيزون والمضادات الحيوية لفترة طويلة نسيبا، مما يمكن أن ينجم عنه الإصابة بأمراض ومشاكل صحية أخرى.
وشدد على ضرورة الثقة بالنفس لدى المصابين بالإكزيما وعدم استخدام الأشياء التي تتسبب في التحسس، وكذلك عدم تربية أو أصحاب الكلاب أو القطط، بالإضافة إلى ضرورة وضع المرطبات بشكل يومي. ونبه إلى أن الإكزيما قد تؤدي إلى انعزال مجتمعي يقع فيه بعض المصابين بالمرض، وخاصة من يصاب بالمرض ممن هم فوق 18 عاماً، أو في حالة الإصابة في مكان ظاهر في الجسم، مشيراً إلى أنه في حالة حدوث ذلك يفضل أن يذهب الشخص لطبيب نفسي.
ولفت عوض، إلى أن الإكزيما يعد مرضاً مزعجاً، حيث إنه يؤثر على جودة الحياة، لأن المرضى يعانون الحكة وصعوبة النوم. وقال: «مع ذلك، يجب بذل كافة الجهود لزيادة الوعي بالمرض من خلال تمكين الأفراد الذين يعانون منه، وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول المرض، وتشجيع المرضى على طلب المساعدة والتوجيه من المتخصصين في الرعاية الصحية».
دور الآباء
وحول دور الآباء في تعزيز ثقة الأبناء ودعمهم في التعامل مع المرض، أفادت الدكتورة ديان معلوف، أخصائية طب الأمراض الجلدية بالمستشفى الأميركي في دبي، بأن مرض الإكزيما قد يؤثر سلباً على نمو الطفل ونومه ونفسيته، ومن هنا تأتي أهمية دور الأهل لتشخيص المرض بأسرع وقت واستشارة الطبيب المختص لتقديم العلاج المناسب وطرق الوقاية لتقليل المضاعفات، لافتة إلى أهمية معرفة جميع افرد المجتمع أن مرض الإكزيما ليس مرضاً معدياً. وعن تأثير الطقس الحار والرطب في الإصابة بالإكزيما، أوضحت أن قسم من مشكلة هذا المرض وراثية والقسم الثاني يتعلق بخلل بتركيبة البشرة تمنع الجلد القيام بدوره ضد العوامل الخارجية الموجودة بمحيطنا. وأشارت إلى أن الطقس الحار والرطب وخاصة التعرق، هي أحد العوامل التي تزيد من التهاب الجلد وتسبب تفاقم الإكزيما، موضحة أن هناك عوامل بيئة أخرى مثل الغبار والتدخين والكلور في المسابح وبرة الحيوانات وبعض أزهار الشجر في فصل الربيع.
طرق الوقاية
وقدمت عدة نصائح طبية للتعامل مع المرض في حالة الإصابة، أبرزها أن الشخص المصاب ويعاني من تفاقم المرض، لا بد أن يتوجه لطبيب الأمراض الجلدية لوصف العلاج المناسب، الذي سيوصي بأخذ الكريمات التي تحتوي مادة الكورتيزون، التي تساعد على التخفيف من التهاب الجلد.
وذكرت أن هناك أنواع أخرى من العلاجات للأشخاص الذين لا يستجيبوا للعلاج الموضعي، ويمكن أن يحصل عليها الطفل المصاب من عمر 6 سنوات.
ورداً على سؤال حول أفضل الطرق للوقاية من المرض، أجابت: أن الإكزيما مرض مزمن، وبالتالي الوقاية مهمة للغاية، وتتضمن إعادة ترطيب البشرة والمحافظة على ليونتها من خلال استخدام الكريمات المرطبة يومياً، وأيضاً تفادي العوامل والخارجية التي يمكن أن تزيد من التهاب الجلد.
وقالت: «من المهم استعمال المياه العادية وتفادي واستخدام المياه الساخنة خلال الاستحمام واستخدام الغسول اللطيف على البشرة، وكذلك تجنب الملابس التي تحتوي على مادة النيلون أو الصوف، وتفادي وضع المواد التي تحتوي على روائح على الجلد، مثل البرفان.
وأكدت أهمية دور النظام الغذائي في الوقاية من المرض، مشيرة إلى أنه على الرغم من كون التعرق والحرارة يزيد من الإكزيما، إلا أنه يفضل عدم منع الأطفال والمراهقين من ممارسة الرياضة.
وأوضحت أن نسبة الإصابة بالمرض تختلف من بيئة إلى أخرى وكذلك من منطقة إلى أخرى، بسبب اختلاف الجينات والعوامل البيئة، حيث أظهرت بعض الدراسات المتعلقة بمنطقة الخليج، أن نسبة الإصابة بالإكزيما عالية نسبياً، وتتراوح بين 15 و20% بين الأطفال والمراهقين، وهي أرقام تتشابه مع النسب الموجودة في كندا وبعض الدول الأوربية.
وكشفت أن مرض الإكزيما يصيب ما يتراوح بين 10 و15% من الأطفال الذين أعمارهم اقل من 7 سنوات، 50% من هذه الحالات تظهر تحت عمر عام، وفي معظم الأوقات تتحسن الإكزيما مع زيادة العمر، ولذلك تقل نسبة الإصابة بين المراهقين والشباب.
4 نصائح للتعامل مع المرض
حدد الأطباء، أربع نصائح وإرشادات ستساعد على التعامل مع مرض الإكزيما، أولها تجنب التعرق، فعلى الرغم من أن التعرق يعود بفوائد على الجسم، إلا أن الأملاح في العرق قد تهيج المرض، لذلك، في الأيام الحارة جداً، مارس أنشطة داخلية وتواجد في أماكن ذات درجة حرارة باردة نوعاً ما.
وثانياً: ارتداء ملابس ناعمة وخفيفة، حيث يجب تجنب ارتداء النايلون أو الصوف أو الكتان الخشن أو أي قماش خشن. القطن هو أفضل نوع ألبسة للمصابين بالمرض.
أما ثالث هذه النصائح، فيتعلق بعدم التعرض لأشعة الشمس بشكل مباشر، لأن ذلك قد يسبب الحكة الشديدة وتهيج البشرة، لذلك، يجب على المصابين بمرض الإكزيما ارتداء ملابس تحميهم من أشعة الشمس مثل القبعة.
أخيراً يجب استخدام المرطبات بشكل مستمر، وفقاً لما يصفه الأطباء المتخصصون بشكل متواصل، وتجنب الاستحمام بالماء الحار.