حسام عبدالنبي (دبي)
تشكل المشاريع والمهام التي يتضمنها برنامج الفضاء الوطني، فرصاً استثمارية تستفيد منها القطاعات الاقتصادية المختلفة، لاسيما القطاع المالي والمصرفي، حيث يمكن للبنوك المشاركة في تمويل المشاريع الخاصة بغزو الفضاء، وكذلك يمكن إطلاق صناديق استثمارية متخصصة لهذا الغرض.
وعلى الرغم من أن دولة الإمارات خصصت استثمارات تقدر بنحو 22 مليار درهم من أجل دعم المشاريع والمهام التي يتضمنها برنامج الفضاء الوطني، إلا أن البنوك والشركات الاستثمارية المختلفة يمكن أن تستفيد عبر المشاركة بفعالية في المشاريع المرتبطة بتأسيس البنية التحتية المرتبطة بمستهدفات البرنامج خلال الفترة المقبلة، خاصة أن الصناعات الفضائية تشهد تسارعاً غير مسبوق، نظراً لتوجه العالم نحو إدراج المفاهيم الاقتصادية للاستفادة من مخرجات البرامج الفضائية.
ويؤكد أمجد نصر، الخبير المصرفي، أن البنوك والمؤسسات المالية المختلفة يجب أن تستفيد وتشارك بفعالية في خطة تعزيز الاستثمار الفضائي، التي أطلقتها الدولة خاصة وأنها تزخر بفرص فريدة، حيث ينمو اقتصاد الفضاء بنسب لافتة وتجاوز إجمالي الاقتصاد الفضائي العالمي 400 مليار دولار في نهاية العام الماضي، مقارنة مع نحو 50 مليار دولار في عام 2010، مشيراً إلى أن التقديرات العالمية تتوقع دخول استثمارات طائلة من القطاع الخاص إلى القطاع، خلال السنوات المقبلة ليصل حجم اقتصاد الفضاء إلى 1.1 تريليون دولار في عام 2040، ثم 2.7 تريليون دولار بحلول عام 2050.
وطالب نصر، البنوك والمؤسسات الاستثمارية في الدولة بتغيير الموروث الذي اعتادت عليه، وهو توفير التمويل وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات التقليدية بحثاً عن الضمانات وتقليل المخاطر.
وأوضح أن نجاح مشروع واحد في الصناعات المرتبطة بالبرنامج الفضائي كفيل بتحقيق عوائد تفوق بمراحل عوائد التمويل أو الاستثمار في القطاعات النمطية الحالية، منوهاً بأن مشاركة البنوك في التمويل والاستثمار إلى جانب أنه يمثل فرصاً للربحية، فإنه يعد ضرورة وطنية في إطار السياسة الوطنية لقطاع الفضاء والتي تستهدف تنمية دور صناعة الفضاء في توسيع اقتصاد دولة الإمارات القائم على المعرفة والمهارات العالية، وتعزيز مساهمة صناعة الفضاء في تنويع اقتصاد الإمارات، إضافة إلى تطوير أساليب فعالة لجذب شركات الفضاء وزيادة الاستثمار في صناعة الفضاء الإماراتية.
واقترح نصر، مشاركة البنوك والمؤسسات المالية في إطلاق صناديق استثمارية متخصصة لتعزيز البحث العلمي في مجال الفضاء، خصوصاً في أبحاث الفضاء وتطوير المركبات الفضائية وحلول الذكاء الاصطناعي والروبوتات وغير ذلك الكثير، مشدداً على أن التمكن من تحقيق اكتشاف علمي واحد كفيل بتحقيق عوائد تفوق أضعاف عوائد المشاريع التقليدية، وهذا ما تنبهت له الشركات العالمية المختلفة، حيث خصصت مبالغ ضخمة للمشاركة في برامج غزو الفضاء.
تعزيز الاستثمار
ومن جهتها قالت عواطف الهرمودي، الخبيرة المصرفية، إن تعزيز الاستثمار والمشاركة في دعم قطاع الفضاء بات ضرورة وواجباً وطنياً، ويجب أن يشارك القطاع المالي بصورة عامة في أي مبادرة تتبناها الدولة لأن تلك المبادرات أصبحت تتوافق مع المستويات العالمية وليست المحلية أو الإقليمية، منبهة إلى أهمية أن يتم إعداد مبادرات الدعم المالي للمشاريع في قطاع الفضاء بإشراف كوادر إماراتية حتى يكون لأبناء دولة الإمارات دور الريادة في هذا المجال أيضاً.
وأكدت الهرمودي، أن توجه المؤسسات المالية المحلية لهذا القطاع سيكون متواكباً مع التوجه العالمي للاستثمار في هذا القطاع، حيث تتوقع دراسات الشركات المتخصصة في مجال توفير بيانات اقتصاد الفضاء، تضاعف عدد الشركات المتخصصة في مجال الفضاء مرات عدة، خلال الأعوام المقبلة، مقارنة بعددها الحالي المقدر بنحو 450 شركة، مشددة على أن الفوائد من المشاركة في اقتصاد الفضاء لا تقتصر على الفوائد العلمية الكبيرة، وإنما تمتد لتشمل فوائد اقتصادية متعددة، ولذلك فإن شركات الفضاء تتلقى استثمارات في الوقت الحالي من نحو 600 صندوق استثماري.
وذكرت الهرمودي، أنه على المستوى المحلي فإن الأرقام التي تم الكشف عنها فيما يخص خطة تعزيز الاستثمار الفضائي، تمثل أيضاً فرصاً في جميع القطاعات ويجب العمل على المشاركة فيها حيث تهدف إلى تسهيل المزيد من الاستثمارات في صناعة الفضاء بالدولة.
وأضافت أن الخطة تتضمن مجموعة من الأهداف التي يجب الاستفادة منها خاصة أن الدولة ستعمل على استدامة نمو شركات وقطاع الفضاء في الدولة، وزيادة مساهمة القطاع الفضائي الإماراتي في تنويع الاقتصاد الوطني وتوسيع الاقتصاد المعرفي، منوهة إلى أن ذلك سيتم عبر ركيزتين أساسيتين، هما تطوير بيئة مواتية جاذبة لقطاع الفضاء، وتطوير محرك الاستثمار الفضائي والكيانات الداعمة عبر إنشاء محفز ومنصة الاستثمار الفضائي، إضافة إلى تشكيل مجموعة الاستثمار الملائكي الإماراتية للاستثمار في الشركات الناشئة وعبر برنامج المسرعات لدعم رواد الأعمال للمشاريع والشركات الفضائية الناشئة.
اقتصاد الفضاء
وبدوره دعا محمد شاكر، الخبير المالي، المؤسسات الاستثمارية المحلية إلى إطلاق صناديق استثمارية متخصصة في تمويل برامج ومستهدفات خطة تعزيز الاستثمار الفضائي، ومواكبة التوجه العالمي للاستفادة من نمو اقتصاد الفضاء، لاسيما بعد أن وصل إجمالي الاقتصاد الفضائي العالمي إلى نحو 420 مليار دولار، ووجود 59 دولة تدير عمليات للأقمار الاصطناعية منها 14 دولة تعمل على برامج الاستكشاف الفضائي، محدداً عدداً من الأنشطة التي يمكن البدء في تمويلها، وهي دعم الشركات الفضائية الناشئة وريادة الأعمال في القطاع الفضائي، ودعم شركات وتطبيقات وخدمات وتقنيات القطاع الفضائي، إلى جانب المشاركة في عروض المشاريع وفرص الاستثمار في قطاع الفضاء، وإنشاء شركات متخصصة في الترويج للفرص في القطاع الفضائي عالمياً، وتوفير احتياجات السوق ومتطلبات الصناعات الأخرى المرتبطة بقطاع الفضاء. وطالب شاكر، المؤسسات المالية والبنوك بالتواصل بشكل فوري مع وكالة الإمارات للفضاء لفهم المزيد من التفاصيل عن برامج الاستثمار في الفضاء من أجل وضع إطار لعملية الاستثمار وتسهيل الحصول على التمويل، وتعزيز العلاقات والشراكات مع الشركات العالمية الكبرى، فضلاً عن ترويج الفرص المتاحة للمستثمرين وشركات القطاع الخاص، مشيراً إلى أن المراكز المالية العاملة في الدولة مثل مركز دبي المالي العالمي، يمكن أن تلعب دوراً مهماً في هذا المجال من خلال الحلول المهيكلة المرنة المتاحة لديها مثل الشركات والكيانات ذات الغرض الخاص والنظم الخاصة المبسطة «للشركات المحددة»، والتي تجعل عمليات الهيكلة والتمويل أسرع وأكثر مرونة وكفاءة من حيث التكلفة.