يجب ألا يشغل «الأبيض»، نفسه بشيء آخر وهو يفتتح اليوم «الدرب العسير» نحو تحقيق الحلم الكبير بالتأهل للمرة الثانية في تاريخه إلى كأس العالم، غير الظفر بالنقاط الثلاث من المباراة التي ستضعه في مواجهة شقيقه اللبناني، لطالما أن للفوز في أول جولة من ثماني جولات حارقة مثل «البركان»، فوائد كثيرة، نفسية على وجه الخصوص، فالفوز يولد الثقة ويشحن الطاقة الإيجابية ويقوي الأمل بالآتي..
خرج «الأبيض» من مخاض الدور الأول سالماً من صدمات «البدايات المرتعشة»، فقد أنجز في جولات الإياب أرقاماً مثيرة أسدلت الستارة على مشهد مخيف ومرتبك في مرحلة الذهاب، بل إن «الأبيض» نجح في تصحيح عديد الاختلالات على مستوى الأداء الجماعي، وقدم نفسه عند مواجهته لمنتخبات ماليزيا، فيتنام، تايلاند وإندونيسيا في جولة الإياب المجمعة بالإمارات، بصورة تجعلنا نحلم معه بمسار بطولي في الفاصل الأخير والمثير للتصفيات المونديالية.
مؤكد أن ما ينتظر «الأبيض» في الفاصل الإقصائي الحاسم، مباريات شاهقة مثل الجبال وحارقة مثل الحمم البركانية، الفوز بنقاطها والوصول إلى الرصيد الذي يكفي للقبض على واحدة من البطاقتين اللتين تصعدان بصاحبيهما إلى نهائيات كأس العالم، يحتاج إلى براعة في تدبير المباريات الثمانية، بل وإلى عبقرية لكي يرتقي الأداء الجماعي إلى مستويات مبهرة، لطالما أن صدارة أو حتى وصافة المجموعة الأولى لن تتأتى لـ «الأبيض»، إلا إذا ارتقى بمنظومة اللعب لمستويات مبهرة..
وأسأل كما تسألون، هل يملك «الأبيض» تلقائياً هذه الطاقة المولدة للإبداع الجماعي، ليتمكن من جمع ما يكفيه من النقاط التي تعطيه الصدارة أو الوصافة؟
طبعاً، من منظور ما شاهدته في جولة الإياب للدور الأول، والتي اقترنت بعودة الهولندي مارفيك للإشراف الفني، وما صاحب ذلك من طفرة نوعية على بنية الأداء الجماعي، أستطيع الجزم بأن «الأبيض» يستطيع التمرد على منطق الترشيحات، بل ويملك القدرة على خلط أوراق المجموعة، خاصة أنه أمن لنفسه انطلاقة جيدة. وجودة، بل ومثالية هذه الانطلاقة، ستكون طبعاً بجمع أكبر عدد من النقاط في المباراتين الأوليين لـ «الأبيض» أمام لبنان وسوريا.
لا خلاف على أن القياس على المرجعية المونديالية، سيجعلنا نرشح المنتخبين الكوري الجنوبي والإيراني لكي يتقاسما البطاقتين الموصلتين رأساً إلى كأس العالم، وسيجعلنا نتوقع أن تتنافس منتخبات الإمارات، العراق وسوريا وبدرجة أقل لبنان على المركز الثالث الذي يمنح صاحبه قبساً من أمل للتأهل إلى المونديال، لطالما أن الوصول إلى الهدف سيتطلب عبور سدود شائكة، إلا أن «الأبيض» سيحاول جاهداً كسر هذا التصنيف النمطي، بأن يفرض نفسه من البداية رقماً صعباً في معادلات هذه المجموعة، وبأن يكتب لنفسه تاريخاً جديداً، وقد تكون القرعة رتبت له المدخل الجميل لتحقيق الحلم المونديالي، عندما وضعت في طريقه منتخبين يشاركانه الطموح نفسه، طموح قلب التوقعات.