الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

«قمة طاقة المستقبل» ترسخ الموقع القيادي لأبوظبي باعتبارها مركزاً عالمياً للحوار والمبادرات العملية

«قمة طاقة المستقبل» ترسخ الموقع القيادي لأبوظبي باعتبارها مركزاً عالمياً للحوار والمبادرات العملية
29 يناير 2012
بقلم الدكتور سلطان أحمد الجابر ? كان الأسبوع الممتد بين 15 و19 يناير حافلاً بالأحداث المهمة التي استضافتها العاصمة أبوظبي، ففي الرابع عشر والخامس عشر منه، عقدت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” الاجتماع الثاني لجمعيتها العامة بمشاركة مجموعة كبيرة من الدول الأعضاء. وحضر معالي بان كي – مون أمين عام الأمم المتحدة الجلسة الختامية للجمعية، وألقى كلمة أمام نحو 1000 مشارك في الاجتماع. وتضم “آيرينا” حالياً 149 دولة وقعت على نظامها الأساسي صدقت 87 منها عليه. ويعكس مضي الوكالة في أعمالها انطلاقاً من أبوظبي، قدرة الدبلوماسية الإماراتية على التعامل بجدارة مع المهام والمسؤوليات التي تنطوي عليها استضافة منظمة دولية كبيرة، فضلاً عن مشاركة الدولة عضواً فاعلاً في نقاشات وأعمال الوكالة التي تهدف إلى دعم تطبيق حلول الطاقة المتجددة واستخدامها لتحقيق التنمية المستدامة. وقبل انطلاق أعمال القمة العالمية لطاقة المستقبل، شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة الإعلان عن استراتيجية التنمية الخضراء، وذلك في مبادرة ترسخ التوجه نحو تحقيق التنمية المستدامة في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، مع التركيز على ست مسارات تشمل الطاقة المتجددة، وصياغة السياسات الهادفة لتشجيع الاستثمارات في الاقتصاد الأخضر، وسياسات التخطيط العمراني لتطوير المدن الصديقة للبيئة، والتعامل مع تداعيات تغير المناخ من خلال برامج خفض الانبعاثات الكربونية، وترشيد استهلاك المياه والكهرباء والموارد الطبيعية في مختلف جوانب الحياة، إضافة إلى التكنولوجيا الخضراء مثل برامج التقاط الكربون وتخزينه، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة، واستخدام النفايات لتوليد الطاقة. وفي السادس عشر من يناير، افتتح الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الدورة الخامسة من القمة العالمية لطاقة المستقبل التي حظيت بحضور دولي رفيع المستوى بفضل سياسة مد جسور التعاون والصداقة التي تنتهجها دولة الإمارات العربية المتحدة في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. وشارك رئيس مجلس الدولة الصيني، في أول زيارة له إلى دولة الإمارات، في القمة بكلمة رئيسية استقطبت اهتماماً عالمياً كبيراً، كما شارك الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ورئيس وزراء كوريا الجنوبية بكلمات رئيسية، فضلاً عن حضور العديد من قادة الدول ورؤساء الحكومات والوزراء والأكاديميين وكبار المسؤولين في القطاعين الحكومي والخاص من مختلف أنحاء العالم. ومع أن الهدف الأساسي للقمة التي تستضيفها “مصدر” هو مناقشة سياسات الطاقة المتجددة والاطلاع على أحدث المستجدات في مجال التقنيات النظيفة، إلا أن دورها لا يقتصر على ذلك، إذ كانت بحق مركزاً لنشاط كبير، حيث ساهم استقطاب هذه القيادات العالمية إلى الدولة في إبرام اتفاقيات مهمة والإعلان عن مبادرات طموحة، منها ما هو عالمي وما هو محلي. فقد أعلن الأمين العام للأمم المتحدة 2012 عام الطاقة المستدامة للجميع، كما أطلقت الأمم المتحدة تقرير التنمية الصناعية لعام 2011، وذلك في مؤشر يدل أن المنظمات الدولية أصبحت تأتي إلى أبوظبي للإعلان عن مبادراتها المهمة لتستفيد من الأضواء التي تستقطبها القمة العالمية لطاقة المستقبل. وعلى المستوى المحلي، وفرت القمة منصة ممتازة للهيئات المحلية كي تسلط الضوء على إنجازاتها، ومن الأمثلة على ذلك قيام دائرة الشؤون البلدية في أبوظبي بتقديم عرض حول استراتيجية الإنارة العامة التي تسعى من خلالها إلى تخفيض استهلاك الطاقة وتقليص الانبعاثات الكربونية. كما قدمت بلدية العين عرضاً حول تدوير مخلفات مشروع توسعة طريق العين - دبي، إضافة إلى استخدام المزارعين الألواح الشمسية لإمداد أنظمة الري بالطاقة اللازمة لضخ المياه وري المزروعات عوضاً عن وقود الديزل. كما أعلنت هيئة البيئة - أبوظبي عن تشغيل محطات لتحلية المياه الجوفية المالحة باستخدام الطاقة الشمسية. وشاركت إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ التابعة لوزارة خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة بجناح خاص، وسلطت الضوء على مهمتها في أن تكون نقطة الارتباط والتنسيق الرئيسية مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة وتمثيل موقف الدولة في المفاوضات الدولية بشأن تغير المناخ. وكان دور القمة العالمية لطاقة المستقبل كمنصة لإبرام الشراكات ناجحاً، حيث تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية لتطوير ونشر حلول ومشاريع الطاقة المتجددة على نطاق المرافق الخدمية الكبيرة، وتبادل الخبرات في مجال السياسات والشؤون التنظيمية، وإجراء البحوث المشتركة في مجال مشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. كما تم التوقيع على اتفاقية إطارية بين أسكتلندا ومصدر للتعاون في إعداد برنامج شامل لتطوير مصادر الطاقة المتجددة. وتم الاتفاق بين شركة تويوتا للسيارات ومعهد مصدر على تأسيس برنامج مشترك للمنح الدراسية، بهدف إجراء الدراسات والبحوث الهادفة إلى تطوير تقنيات لخفض الانبعاثات الكربونية للمركبات. وقام معهد مصدر أيضاً بالتوقيع على اتفاقية للتعاون في مجال أبحاث وتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية مع شركة سيمنز. وما هذه إلا أمثلة عن الشراكات التي أبرمت بفضل المنصة التي توفرها القمة. وفي ضوء الأهمية المتنامية لقطاع وسوق الطاقة المتجددة في آسيا، أطلقت “مصدر” بالتعاون مع شركائها منتدى آسيا لطاقة المستقبل الذي سيعقد خلال أسبوع الطاقة الدولي في سنغافورة خلال الفترة 22 إلى 25 أكتوبر 2012، وذلك لتعزيز العلاقات مع أسواق آسيا التي تشهد نمواً كبيراً في قطاع الطاقة المتجددة. وفي السابع عشر من يناير، أقيم حفل توزيع جائزة زايد لطاقة المستقبل خلال القمة العالمية لطاقة المستقبل، وكان الحدث هذا العام مميزاً، فهي المرة الأولى التي تُمنح فيها الجائزة ضمن ثلاث فئات وذلك بعد أن صدرت توجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة العام الماضي بتطوير أداء الجائزة؛ لتمكينها من تحقيق أهدافها في تقديم الدعم للعلماء والمبدعين والمفكرين ممن أحرزوا تقدماً ملموساً على صعيد نشر حلول الطاقة المتجددة وساهموا في تحقيق التنمية المستدامة. وفي اليوم التالي لتوزيع الجوائز، تم تنظيم ورشة عمل لأصحاب العلاقة بغرض مناقشة سبل التطوير المستمر لأداء الجائزة، وتم تحديد خطوات رئيسية سيتم الإعلان عنها بعد وضع اللمسات النهائية عليها. ولعل من أهم الأحداث التي شهدتها الدورة الخامسة من القمة العالمية لطاقة المستقبل هو إطلاق الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “القمة العالمية للمياه”، حيث يكتسب هذا الموضوع أهمية استراتيجية قصوى بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة نظراً لموقعها الجغرافي في منطقة مدارية قاحلة تتسم بشح هطول الأمطار وتخلو من مصادر المياه السطحية. والاهتمام بموضوع المياه ليس بجديد على دولة الإمارات، إذ كان الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أول من شدد على ضرورة الحرص على موارد المياه العذبة وتنميتها وتطويرها وتعزيز مخزونها من خلال تطبيق أحدث وأنجع النظم في إدارتها وأساليب الري الحديثة في جميع أنحاء الدولة. وعندما استضافت الإمارات الدورة الحادية والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في ديسمبر 2010، صدر “إعلان أبوظبي” الذي شدد على ضرورة الربط بين ضمان أمن المياه وتنويع مصادر الطاقة والأمن الغذائي كضرورة حيوية وأولوية إستراتيجية، فضلاً عن تشجيع الجهود الهادفة إلى تنويع مصادر الطاقة ودعم البحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة وإنتاج المياه. وقبل ما يزيد على شهر، استضاف مجلس الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، محاضرة ألقاها بيتر غليك، رئيس معهد المحيط الهادئ والخبير العالمي في قطاع المياه، حيث أوضح فيها مختلف الجوانب الإنسانية والبيئية والاقتصادية والسياسية والعلمية المرتبطة بموضوع ندرة المياه. ودعا سمو ولي عهد أبوظبي إلى “إجراء الدراسات والبحوث ووضع الخطط والاستراتيجيات والحلول الملائمة والتي من شأنها إيجاد السبل الكفيلة بتلبية احتياجات المستقبل وحفظ الموارد الطبيعية وصونها لأجيالنا القادمة”. واستجابة لهذه الدعوة، وفي ضوء الأهمية الاستراتيجية للمياه وارتباطها مع الطاقة، حيث إن 70% من تكاليف المياه تأتي نتيجة الطاقة المطلوبة للضخ والنقل والتوزيع، تم تأسيس “القمة العالمية للمياه”، حيث ستقام في البداية بالتوازي مع القمة العالمية لطاقة المستقبل لإعطائها انطلاقة قوية. ويجري حالياً التعاون والإعداد مع الهيئات والجهات الوطنية والعالمية، حيث تسهم هذه القمة في تحقيق الأهداف المرجوة منها في حشد الاهتمام العالمي وإيجاد الحلول التي تستجيب لاحتياجات منطقتنا والعالم على صعيد المياه. وجدير بالذكر هنا استجابة الهيئات الوطنية مثل وزارة البيئة والمياه، وهيئة مياه وكهرباء أبوظبي، وهيئة البيئة - أبوظبي، والتي بادرت إلى التعاون بهذا الشأن منذ اليوم الأول. وأكد قادة الشركات والأعمال في جلسات القمة أهمية الاستثمار في الابتكار والتعليم لما له من دور محوري في بناء رأس المال البشري اللازم لتطوير حلول ومشاريع الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. وكانت “مصدر” قد وجهت الدعوة إلى عدد كبير من المدارس والكليات والجامعات ليزور طلابها القمة ويطلعوا على أحدث الابتكارات ومستجدات القطاع، وقام ما يزيد على 4500 طالب وطالبة من مختلف أنحاء الدولة بزيارة المعرض المصاحب للقمة وكانت أسئلتهم للمشاركين والعارضين تنمُّ عن وعي وذكاء كبيرين يدفعان للتفاؤل بالمستقبل. وشهد اليوم الأخير من القمة تخريج 40 طالباً وطالبة من أعضاء برنامج القادة الشباب لطاقة المستقبل الذي يهدف إلى تمكين الجيل المقبل من العلماء، حيث يساعد الطلاب والمهنيين المتميزين على التواصل مع قادة الشركات والمسؤولين الحكوميين وقادة الأعمال، عدا عن تنظيم الندوات والمؤتمرات لإكسابهم الخبرات الكفيلة بتعزيز مساراتهم المهنية والعلمية. إن النجاح الكبير الذي حققته الدورة الخامسة من “القمة العالمية لطاقة المستقبل” ما هو إلا نتيجة مباشرة لدعم القيادة الحكيمة وسياستها الرشيدة بتعزيز جسور التواصل والتعاون وإبرام الشراكات مع المجتمع الدولي. لقد كانت أنظار العالم مركزة على دولة الإمارات وأبوظبي طيلة ذاك الأسبوع الحافل بالأحداث والفعاليات المهمة. وبطبيعة الحال، فإن هذا النجاح يلقي مسؤوليات إضافية على عاتق “مصدر” من أجل مواصلة مسيرة النجاح وتحقيق المزيد من الإنجازات في المستقبل. الرئيس التنفيذي لـ”مصدر”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©