الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة

التحفيز الأميركي لصادرات النسيج الباكستانية

26 ديسمبر 2010 20:47
تنفق الولايات المتحدة مليارات الدولارات من المساعدات على باكستان؛ ولكن بعد أكثر من تسع سنوات على انضمام إسلام آباد إلى الجهود العالمية لمحاربة الإرهاب، ما زالت الحكومة الأميركية غير قادرة على منح حليفها الاستراتيجي شيئاً يتوق إليه بشدة: سهولة أكبر في الوصول إلى الأسواق الأميركية بالنسبة للقمصان والفوط والجوارب المصنوعة في باكستان. والواقع أنه لطالما سعى الزعماء الباكستانيون للحصول على تنازلات تجارية من نظرائهم الأميركيين اعترافاً بالجهود التي تبذلها باكستان لاستئصال الجماعات المقاتلة على أراضيها، ولكن الدعوات إلى خفض الرسوم الجمركية تكثفت بشكل خاص منذ الفيضانات التي اجتاحت البلاد هذا الصيف، وتسببت في نزوح ملايين الأشخاص وتدمير جزء كبير من محصول البلاد من القطن. ومما لاشك فيه أن رفع الرسوم الجمركية على صادرات النسيج الباكستانية من شأنه أن يقوي اقتصاد البلاد، وذلك على اعتبار أن قطاع النسيج يشغِّل قرابة 40 في المئة من العمالة الصناعية في باكستان ويمثل 60 في المئة من صادراتها، وتعد الولايات المتحدة أحد أكبر أسواق هذا القطاع. ويعتقد الأميركيون الذين يدعون إلى تحرير التجارة مع باكستان أن من شأن ذلك أيضاً أن يساهم كثيراً في الدفع بالمصالح الاستراتيجية الأميركية، وذلك عبر تشجيع النشاط الاقتصادي في معاقل التطرف الإسلامي وتوفير الوظائف للأشخاص الذين قد ينجذبون إلى حركة التمرد. ولهذا السبب أعلن بوش خلال زيارة إلى باكستان في 2006 عن إعفاء المنتجات المصنعة في مناطق معينة من البلاد من الرسوم الجمركية في الولايات المتحدة، وهي سياسة أعاد التأكيد عليها أوباما عندما قدم استراتيجيته الجديدة الخاصة بأفغانستان وباكستان في مارس 2009. وكان مجلس النواب الأميركي قد مرر العام الماضي مشروع قانون يروم تشجيع قطاع الصادرات في أفغانستان ومناطق معينة من باكستان، وخاصة في منطقة الحدود الشمالية الغربية الباكستانية؛ ولكن قانوناً مرتبطاً به مازال عالقاً في مجلس الشيوخ. يذكر هنا أن قطاع النسيج الأميركي أعلن أنه سيعارض بقوة أي تشريع أكثر طموحاً من مشروع القانون المعروض على أنظار المجلس حاليّاً بدعوى أنه سيُعرِّض الوظائف الأميركية للخطر. غير أن المسؤولين الباكستانيين ومديري الشركات يقولون إنهم يفهمون أن المشرعين الأميركيين مطالَبون بتقديم أجوبة لناخبيهم، ولكنهم يشددون على أن من شأن زيادة التجارة الثنائية أن تفيد كلا البلدين. وفي هذا السياق، يقول سلامات علي، رئيس "توسيف إنتربرايزز"، وهي شركة أقمشة يوجد مقرها هنا في هذه المدينة بإقليم البنجاب التي تحتضن مئات الآلاف من عمال النسيج و300 ألف آلة نسج: "إننا لا نريد مساعدات، بل نريد تجارة"، مضيفاً أن "من مصلحة أميركا وحلفاء آخرين أن يتم إرساء الاستقرار في باكستان". وتصِّدر باكستان عادة حوالي 10 مليارات دولار من منتجات النسيج كل عام -يذهب نحو ربع هذا المبلغ إلى بائعي التجزئة الأميركيين- ولكن قار مسعود خان، وكيل وزارة صناعة النسيج الباكستانية، يرى أن من شأن رفع الولايات المتحدة وأوروبا للقيود التجارية أن تنتج عنه زيادة قدرها 3 مليارات دولار من الصادرات على المدى القصير. وقد نجحت باكستان مؤخراً في الحصول على تخفيضات جمركية من الاتحاد الأوروبي، الذي وافق على إعفاء بعض منتجات النسيج الباكستانية من الرسوم الجمركية لفترة ثلاث سنوات اعتباراً من يناير المقبل. خطوة رحب بها الباكستانيون، ولكنهم يقولون إن الإعفاء، الذي يستثني بعض البضائع الجاهزة، من المستبعد أن تنتج عنه أي زيادة مهمة في التجارة. وباعتبارها مستفيدة من برنامج "نظام التفضيلات" الأميركي، تتمتع باكستان بإعفاء من الرسوم الجمركية يشمل حوالي 200 مليون دولار من صادراتها، ولكن هذه الأخيرة لا تشمل منتجات النسيج. وفي هذا السياق، يقول إيد جريسر، رئيس مجلس الزعامة الديمقراطية ومحلل السياسات التجارية، إن الولايات المتحدة فرضت عقوبة جمركية قدرها 315 مليون دولار على الصادرات الباكستانية العام الماضي -أو حوالي 10 في المئة من قيمتها الإجمالية. ويقول جريسر: "بشكل عام، يمكن القول إن السياسة التجارية الأميركية تعامل باكستان على نحو سيئ" ، مضيفاً "علينا أن نحاول تشجيع الاقتصاد الباكستاني برمته". والجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من المساعدات التي تقدمها واشنطن لباكستان يأتي على شكل مساعدات نقدية. وفي هذا الإطار، أذن الكونجرس بإنفاق حزمة مساعدات غير عسكرية لباكستان بقيمة 7.5 مليار دولار على مدى خمس سنوات. غير أن "جريسر" يرى أنه إذا كان الكونجرس يستطيع إنفاق 1.5 مليار دولار من المساعدات على باكستان كل عام، فعليه ألا يتردد في التنازل عن أقل من نصف مليار دولار من الرسوم الجمركية، وذلك نظراً للفائدة الممكنة التي سيجنيها الاقتصاد الباكستاني. والواقع أن "جريسر" ليس الوحيد الذي يدعو إلى اتفاقية تجارية أوسع من تلك التي يبحثها الكونجرس حاليّاً. فبعد الفيضانات، دعت غرفة التجارة الأميركية إدارة أوباما إلى الدفع في اتجاه مشروع قانون يشمل تلك المناطق "التي من المرجح أكثر أن تجذب استثمارات" في باكستان مقارنة مع تلك المدرجة ضمن التشريع الحالي، ولاسيما في المناطق المضطربة بالقرب من الحدود الأفغانية. كما دعا تقرير صدر عن مجلس العلاقات الخارجية الشهر الماضي الإدارة إلى رفع الرسوم الجمركية على واردات النسيج القادمة من باكستان، مضيفاً أن من شأن اتفاق من هذا النوع "أن يوفر فرص عمل للملايين من الشباب الباكستاني، وهو ما من شأنه أن يثنيهم عن سلوك دروب قد تفضي بهم إلى التطرف". نيكولاس بروليارد - باكستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©