الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

هل يتعرض الأميركيون لعملية نصب عقاري في الدول اللاتينية؟

هل يتعرض الأميركيون لعملية نصب عقاري في الدول اللاتينية؟
21 ديسمبر 2018 02:04

على ما يبدو، فقد تعرض آلاف الأميركيين الحالمين بقضاء وقت ممتع في هدوء عقب التقاعد بالقرب من شواطئ بعض الدول اللاتينية لعملية نصب واسعة ليتبدد الحلم ويخسروا أكثر من 100 مليون دولار. فقد باعت شركات التطوير العقاري الكثير من المنازل على الورق فقط في منطقة للغابات في دولة بليز الساحلية، بعدما أغرت المشترين في الولايات المتحدة بأنها ستبني منتجعاً فاخراً يضم وسائل الراحة والترفيه والخدمات كافة وسط الغابة، ولكن في الواقع لم يتم بناء سوى القليل جداً.
ويسلط إقفال الحكومة الأميركية لما أسمته عملية استثمارية عقارية بقيمة 100 مليون دولار في «بليز» الضوء على قلق متزايد من استهداف الأميركيين الذين يبحثون عن فرص التقاعد في الخارج.
وكان المطورون يبيعون الكثير في منطقة غابة نائية قالوا: «إنها ستصبح منتجعاً فاخراً شاملاً». وبدلاً من ذلك، استولوا على أموال المستثمرين ولم يبنوا سوى القليل، حسبما قالت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية.
وقد رفعت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية دعوى قضائية في الشهر الماضي ضد شركات التطوير العقاري في بليز، وكذلك ضد بنك بليز الأطلسي الدولي، لما أسمته اللجنة تيسير الاحتيال المزعوم. وكانت هذه هي المرة الأولى التي ترفع فيها لجنة التجارة الفيدرالية دعوى على بنك أجنبي. ومن خلال أمر محكمة، جمّدت لجنة التجارة الفيدرالية مبلغ 10 ملايين دولار من أصول البنك. وبالإضافة إلى ذلك، في خطوة نادرة لمسألة مدنية، جمدت محكمة فيدرالية في ولاية مريلاند الأرصدة المالية لأربعة متهمين يعيشون في كاليفورنيا.
ويمتلك بارو ووليامز، مكتب محاماة كان يمثل شركات التطوير العقاري التي تتركز حولها التحقيقات منذ سنوات، ويذكر أن رئيس وزراء بليز، دين بار، يملك حصة في مكتب المحاماة الدولي الشهير ذلك.
وقال بارو: «إنه لم يتم إبلاغه أبداً بأي شكاوى حول التطوير العقاري». وقال: «إن مكتب المحاماة لا يعد شريكاً لشركات التطوير العقاري التي يمثلها قانونياً فقط»، وقال: «لا علاقة لنا بالتواطؤ المزعوم أو في أي أشياء أخرى يُزعم أنها قد تكون عملية احتيال».
وبدوره قال ريكاردو بيلايو، الرئيس التنفيذي لبنك بليز الأطلسي الدولي في بيان: «لم يلعب البنك أي دور في أي غش مزعوم فيما يتعلق بتطوير منطقة غابات في بليز وتحويلها إلى منتجع سكن فاخر».
وقال جوناثان كوهين، المحامي الرئيس في لجنة التجارة الفيدرالية الذي يتولى تلك القضية: «إن المشروع، الذي تم تسويقه تحت أسماء مختلفة، بما في ذلك ملاذ بليز، امتد 13 عاماً كاملة، وشارك فيه أكثر من ألف مستثمر. وفي ملفاتها، تشير لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية بشكل جماعي إلى سبعة أفراد و17 شركة تم تسميتهم كمتهمين، لأنهم من المؤسسين لشركة تحمل اسم ملاذ بليز».

التقاعد في الخارج
وقد برزت القضية مع تزايد عدد الأميركيين الذين يتقاعدون في الخارج في البلدان التي قد توفر لهم قوانينها حماية مالية لتفادي أو تقليص قيمة الضرائب التي تفرضها الولايات المتحدة. وقد ارتفع عدد المتقاعدين الذين يحصلون على الضمان الاجتماعي من الحكومة الأميركية أثناء إقامتهم في الخارج إلى أكثر من 413 ألف شخص، وذلك في عام 2017، بزيادة تقارب 40% عن العقد السابق، وفقاً لبيانات إدارة الضمان الاجتماعي، وتشير البيانات الرسمية إلى أن بلدان منطقة أميركا تعد نقطة الجذب الرئيسة للأميركيين الراغبين في التقاعد خارج الولايات المتحدة.
ويعيش حوالي 120 ألف أميركي في دولة كوستاريكا، بزيادة كبيرة للغاية مقارنة بعام 2006 حيث كان عددهم حوالي 20 ألفاً فقط، وذلك وفقاً لتقديرات نُشرت على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الأميركية. كما اتخذت بنما ونيكاراغوا خطوات لتسهيل انتقال المتقاعدين، الذين يتطلعون إلى جذب المزيد من الأميركيين الذين يساهمون في دعم اقتصاد تلك الدول، وضمان تدفق الدولارات إلى أسواقها المحلية.
وقال بارو إن بليز، وهي بلد يبلغ عدد سكانه 375 ألف نسمة على طول منطقة البحر الكاريبي، شهدت نمواً مرتفعاً في السياحة، التي يهيمن عليها الأميركيون، بينما يأتي سوق العقارات في المرتبة الثانية بعد السياحة في دعم اقتصاد هذا البلد الصغير الذي يتميز بمناخ دافئ وشواطئ مميزة وأعشاب مرجانية في قاع البحر الذي تطل عليه. ومن الأمور المهمة الأخرى التي تجعل من بليز وجهة للأميركيين سواء للإقامة أو السياحة أن سكانها ناطقون باللغة الإنجليزية.


وعند رفع الدعوى أمام محكمة ميريلاند، قالت لجنة التجارة الفيدرالية: إن مخاوف المستثمرين من مشروع ملاذ بليز دفعتهم إلى رفع دعاوى قضائية متعددة في بليز نفسها، إلا أن تلك الدعاوى لم تسفر عن أي إجراء عملي يهدئ من مخاوف المستثمرين الأميركيين الذين أشاروا في مقابلات إعلامية إلى أن ظروف نظر تلك الدعاوى في بليز كان مشكوكاً فيها.
وفي عام 2016، رفعت مجموعة من المستثمرين دعوى قضائية ضد شركات للتطوير العقاري في بليز. ولكن محامي المستثمرين الذي يتولى القضية في بليز، مايكل يونغ، «أصيب بطلق ناري في منزله خلال إجراءات ما قبل المحاكمة، برغم أن السلطات المحلية زعمت أن هذا كان انتحاراً»، حسبما أشارت مصادر مقربة من المستثمرين المتضررين من المشروع. ثم قامت شركات التطوير العقاري بعد ذلك بمقاضاة بعض المستثمرين بتهمة التشهير بسمعتها والأضرار باستثماراتها، وظلت تلك الدعاوى لفترة حتى تمت تسويتها بعدما دفعت شركات التطوير العقاري أموالاً للمستثمرين من الولايات المتحدة لتهدئة الأوضاع، حسبما قالت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية.
وفيما يتعلق بالمحامي يونغ «تم التحقيق في الأمر وخلصت الشرطة إلى أنه كان انتحاراً»، وقال أودري والاس، الرئيس التنفيذي في مكتب رئيس الوزراء في بليز: «أي تشكيك في نتيجة تلك التحقيقات سيكون أمراً مؤسفاً».

احتيال مزعوم
وقالت تريشا نيلسون (47 عاماً) في أونتاريو بكندا إنها كانت «ضحية لعملية احتيال» مزعومة. في أوائل عام 2014، وقامت هي وزوجها في ذلك الوقت بدفع مبلغ 500 ألف دولار نقداً إلى شركتين للتطوير العقاري في بليز من أجل الحصول على منزل. وبرغم أن العقد يقضي بحصول المشترين على المنزل بعد أشهر قليلة إلا أنه بعد عامين من المماطلات لم يحصل أحد على شيء، ولم يستطع أحد استرداد أمواله، على حد قولها.
وقالت تريشا نيلسون: «إنها جمعت المستثمرين الساخطين الآخرين لإطلاق شكاوى إلى المسؤولين في كندا والولايات المتحدة وبليز، بما في ذلك بارو».
وفي أغسطس وسبتمبر 2017، قام اثنان من وكلاء لجنة التجارة الفيدرالية بالتخفي كمشترين محتملين، وقاما بتسجيل محادثات مع مندوبي مبيعات شركة ملاذ بليز، وحصلوا على مواد تسويقية حول المشروع. وقالت شكوى لجنة التجارة الفيدرالية: «إن المستثمرين المحتملين تم إخبارهم بأن العقود «منخفضة المخاطر»، وبأن المشروع سينتهي بسرعة». وفي الواقع، تشير التحقيقات التي تجريها لجنة التجارة الفيدرالية أن «من غير المرجح أن يتم الانتهاء من إقامة المشروع قريباً».
وتشير تحقيقات لجنة التجارة الفيدرالية إلى أن المشروع محل الخلاف من إدارة أندريس بوكيه، وهو شخص قد تمت إدانته أكثر من مرة في الولايات المتحدة، وأنه معروف لدى لجنة التجارة الفيدرالية. وقد اعترف بوكيه بأنه مذنب في عام 1996 بتهمة ارتكاب جرائم الاحتيال بالبريد وحكم عليه. ثم تعرض للتحقيقات والإدانة في دعوى قضائية نظرتها لجنة الممارسات التجارية الفيدرالية لقيامه بممارسات مالية خادعة في عام 2003، ومرة أخرى أدين عندما كان يدير شركتين لتقديم المشورة للتخلص من الديون، وهما ديتوركس وأميريديت في عام 2010، وأقر بأنه مذنب بعرقلة العدالة في قضية تتعلق بتحقيقات لجنة التجارة الفيدرالية في إجراءات إفلاس شخصية. وقضى السيد بوكيه 15 شهراً من 18 شهراً في السجن الفيدرالي في عامي 2011 و2012.
وحاولت صحيفة «وول ستريت جورنال» الوصول إلى بوكيه، من خلال محامٍ كان يتولى تمثيله أمام المحاكم والإدلاء بالتصريحات الصحفية نيابة عن موكله، ولكن لم يستجب المحامي لطلب الصحيفة.
وفي 7 نوفمبر، قام محامي لجنة التجارة الفيدرالية بزيارة غير معلنة إلى مكاتب مؤسسة ملاذ بليز في مدينة إيرفين بولاية كاليفورنيا الأميركية، حيث تم تقديم أوامر قضائية أولية، مما أدى إلى وقف المبيعات، وتجميد الأصول، والسماح لفريق الحكومة بجمع الأدلة. وقالت مصادر لجنة التجارة الفيدرالية: «إن اللجنة تسعى حالياً إلى إصدار أمر قضائي دائم، بعدما تبين لها أن هناك الكثير من الأمور الغامضة فيما يتعلق بإدارة استثمارات شركة ملاذ بليز».

بقلم: كيتي ماكلوكلين

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©