الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
التعليم والمعرفة

«أمنية مفقودة».. دعوة للرضا وشكر النعمة قبل فقدانها

«أمنية مفقودة».. دعوة للرضا وشكر النعمة قبل فقدانها
26 ديسمبر 2019 00:05

محمد عبدالسميع (الشارقة)

فجأة وفي الظلام الحالك، تنطلق أصوات صفارة القطار، وتعلو الصرخات لتعم الأرجاء معلنة وقوع حادث رهيب غير حياة بنتيْن هما أمنية وأحلام. تظهر أمنية، بنت في العشرينيات من العمر، وهي تصرخ في أختها الصغيرة وتعنفها، فيتدخل الأبوان وينصحانها باتخاذ أسلوب ليّن مع أختها، لكنها تتهمهما بإهمالها وتفضيل أختها الصغرى عليها. وفي حوار داخلي تحدث به نفسها تظهر أمنية عدم تقبلها لواقعها وواقع أسرتها الفقيرة، فهي تستحق أكثر من هذه الملابس الرثة وهذا المنزل المتهالك، ويتدخل العم سعيد جار الأسرة ليحث الفتاة على قبول الواقع والحمد على النعمة، فالمال وحده لا يصنع السعادة، وإنما الحب والأسرة، وعليها كأخت كبيرة أن تتحلى بروح المسؤولية وتساعد أسرتها، غير أن الفتاة تثور غضباً وتترك الجميع وتدخل غرفتها، وهي تضمر كرهاً شديداً لأختها وحياتها وتتمنى لو كانت صغيرة لتنعم بحياة اللهو واللعب، وتحصل على الاهتمام الذي تحصل عليه أختها.
في المقابل، وفي أسرة أخرى مجاورة، تظهر أحلام، الطفلة الصغيرة التي لا تكاد تبلغ العاشرة من العمر، وهي تكنس منزل أهلها وتحضّر الفطور لوالدها المقعد وأخيها المعاق، فقد أجبرتها ظروف فقد أمها في حادثة القطار على أمومة مبكرة، ورغم حبها الشديد لوالدها وأخيها كانت أحلام ممتعضة من حالتها، فحين طلب منها والدها أن تعيش طفولتها، غضبت غضباً شديداً ودخلت إلى غرفتها وهي تتمنى لو كانت كبيرة حتى ترعى أسرتها العاجزة.
وتخرج كل من أحلام وأمنية في الليل من البيت غاضبتين من أسرتيهما، وتجلسان متقاربتين دون أن تعرف أي منهما الأخرى، وتتمنى كل واحدة منهما أن يتحقق لها مرادها، فيتغير لون السماء وترعد وتبرق، لتنتقل شخصية كل واحدة منهما إلى الأخرى، لكن الفتاتين بعد اكتشافهما لما حدث تصابان بالذعر وتتجه كل واحدة منهما لأسرتها التي كانت تبحث عنها، هنا تكتشفان النعمة التي كانتا تعيشان فيها.
تجري هذه المشاهد في مسرحية «أمنية مفقودة» للمؤلف عثمان الشطي، وإخراج محمد جمعة التي عرضتها فرقة مسرح جمعية دبا الحصن للثقافة والتراث والمسرح، مساء أمس الأول، بقاعة قصر الثقافة بالشارقة، ضمن مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الخامسة عشرة الذي تنظمه جمعية المسرحيين، وهي مسرحية للأطفال تقوم على أن الإنسان مهما كان شكل حياته، يجب أن يتقبلها بحب ورضا، فلعل حياته هذه التي يصفها بالشقاء والبؤس أكثر نعيماً من حياة أشخاص آخرين، وأن لا شيء في الحياة أكثر سعادة من أن تعيش بقرب من تحب وتنعم معهم بلحظات سعيدة.
أبدع المخرج في استغلال عناصر السينوغرافيا، كما كان لكسر الجدار الرابع حين نزلت الأسرة للبحث عن بناتها بين الجماهير دور كبير في إشراك الجمهور في الأحداث وجذب انتباهه أكثر، كما لفتت الموسيقى والأغاني لحالات إنسانية تحتاج الدعم والمساعدة لمواجهة صعوبات الحياة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©