بسام عبد السميع (أبوظبي)
قال جمال سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية تتشابهان في الرؤى من منظور المشروعات القومية التي تنفذها مصر، فهي تمثل تلك المشاريع التي أنشأتها أو تقوم بتنفيذها الإمارات في مصر التي توصف بأنها «أرض بكر» للاستثمارات الإماراتية».
وتابع في حوار مع «الاتحاد» أمس: «إن المتأمل في العلاقات الإماراتية المصرية يرى أنها تقوم على تكامل في الرؤى والأهداف الاستراتيجية، فالعلاقات المصرية الإماراتية تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراسخة، حيث تتسم العلاقات الإماراتية- المصرية بأنها نموذج يحتذى به من حيث قوتها ومتانتها».
وأضاف الجروان: «بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر 7 مليارات دولار حتى الآن، وهو رقم محدود بالنظر إلى طبيعة العلاقة بين البلدين، ومجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج يعمل على مضاعفة حجم الاستثمار ليصل إلى 14 مليار دولار خلال 2024».
وأشار جمال سيف الجروان إلى أن العالم يدرك أن جمهورية مصر العربية تشهد مرحلة جديدة في تاريخها، وأن ملامح «مصر الجديدة» قد تكونت وفق رؤية اقتصادية شاملة تواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين في ظل قيادة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، مثمناً ما تقوم به الحكومة المصرية من جهود ملموسة في صياغة مشهد الاستثمار على أرض الواقع لتحسين مناخ الاستثمار في مصر، وتقديم المزايا والفرص الاستثمارية الواعدة.
وقد شهد الاقتصاد المصري نمواً سريعاً وصل إلى 5.6% خلال الربع الثالث لعام 2019، وتسعى الحكومة المصرية لأن يصل هذا النمو إلى 6% خلال العام المقبل 2020.
ونوه إلى أن مصر تعتبر إحدى الدول القادرة على جذب المزيد من الاستثمارات إليها، خاصة في ظل نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، والتعديلات التشريعية الأخيرة التي ساهمت في تحسين مناخ الاستثمار بمصر، وتلك هي عوامل النجاح لوضع الاقتصاد المصري على طريق النمو المستدام وهي موجودة جميعها، مؤكداً تفاعل هذه العوامل بالطريقة الصحيحة لتؤتي نتائجها المرجوة، فمِصر لديها موارد طبيعية وفيرة، وكوادر بشرية مؤهلة، ورؤوس أموال كبيرة، فهي القلب النابض للوطن العربي.
أبرز المشاريع
وقال الجروان: «تصدرت دولة الإمارات قائمة أكثر الدول استثماراً في القطاع العقاري المصري، فقد وصل إجمالي الاستثمارات الإماراتية العقارية بمصر إلى 5.3 مليار، دولار ما يعادل 94 مليار جنيه مصري، في 8 مشاريع متنوعة». واستعرض الجروان عدداً من الاستثمارات العقارية الإماراتية الناجحة في مصر، ومن أبرزها شركة إعمار مصر، وتمتلك 5 مشروعات أبرزها مدينة الشيخ زايد بالسادس من أكتوبر، وأكبرها مشروع مراسي بقيمة استثمارية تصل إلى 22.5 مليار جنيه وعلى مساحة 6.5 مليون متر مربع، و«أب تاون كايرو» بقيمة استثمارية 13.5 مليار جنيه على مساحة 4.5 مليون متر مربع، وعلى ارتفاع 200 متر فوق سطح البحر، و«ميفيدا» بقيمة استثمارية تصل إلى 17.5 مليار جنيه مصري وعلى مساحة 3.8 مليون متر مربع، ومشروع آخر قيد التخطيط.
وطورت ماجد الفطيم في مصر أضخم مشروع تسوق «مول مصر» باستثمارات بلغت 722 مليون دولار، وهو وجهة تسوق على طريق الواحات بمدينة السادس من أكتوبر، وتبلغ المساحة التأجيرية الإجمالية فيه 165,000 متر مربع.
كما تخطط مجموعة الفطيم لاستثمار أكثر من 600 مليون دولار أخرى في مركز تجاري جديد في العاصمة المصرية القاهرة يفوق «مول مصر» بخمسة أضعاف، حيث سيقام بشراكات مع شركات عالمية مثل نستله ومارس وبي أي إم، لتوسيع أعمالها في مصر، بالإضافة لمشروع إنشاء 100 متجر كارفور للتجزئة بنظام المناطق الاستثمارية في مصر.
مشروع البروج
كما أعلنت مجموعة أبوظبي المالية من خلال ذراعها شركة كابيتال جروب بروبرتيز، عن مشروع البروج لتشييد 30 ألف وحدة سكنية شرق القاهرة على مساحة 1212 فداناً، بين طريقي السويس والإسماعيلية، بتكلفة استثمارية قدرها 40 مليار جنيه، بما يعادل 2.5 مليار دولار. واتفقت الشركة مع الحكومة المصرية على تغيير نشاط الأرض من سياحي إلى عمراني متكامل، وقدمت 100 مليون دولار دفعة أولى من المبلغ المتفق عليه مع الجانب المصري على أن يجري تنفيذ المشروع في مدة تستغرق نحو 4 سنوات.
وأما شركة العروبة الإماراتية للاستثمار العقاري والسياحي، فتقيم مشروع استثمار سياحي فندقي يشمل إقامة مجموعة من الفنادق السياحية والمولات التجارية والشقق والفيلات السياحية بمنطقة أبومرقيق بمركز مرسى مطروح على مساحة 172 فداناً وبتكلفة استثمارية بقيمة 1.2 مليار جنيه، ومشروعاً آخر لتشغيل مصنع التمور بواحة سيوة كحق انتفاع لمدة 15 عاماً بقيمة مالية سنوية 3.2 مليون جنيه.
واستحوذت الاتحاد العقارية بداية العام 2018 من خلال ذراعها الاستثمارية يو بي بي كابيتال للاستثمار على 5.68% من أسهم شركة بالم هيلز للتعمير التي تمتلك محفظة أراض جاهزة للاستثمار في مصر، وتصل مساحتها إلى 41 مليون متر مربع.
توسعة السخنة
ووقعت شركة موانئ دبي العالمية السخنة في مصر، عقد توسعة للميناء في مشروعها الجديد «الحوض الثاني» مع شركة المقاولات المصرية «رواد الهندسة الحديثة» RME بقيمة 1.6 مليار جنيه (89.3 مليون دولار)، وهذا هو ثالث عقد تنفيذي في مشروع توسعة الميناء الذي تقدر إجمالي قيمة الاستثمارات فيه بأكثر من 8.9 مليار جنيه (500 مليون دولار). وتسعى شركة الخليج للصناعات الدوائية «جلفار»، التي تستحوذ الهيئة العربية للتصنيع على 9% من حصتها، لإنشاء مصنع للدواء بمدينة بدر بتكلفة تتجاوز 1.27 مليار جنيه. وأبرمت شركة أبوظبي للمستلزمات الطبية عقد شراكة مع وزارتي الصحة والإنتاج الحربي بجمهورية مصر العربية، من خلال الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات «فاكسيرا»، لإنشاء مصنع يُعد الأول في مصر والثاني في الشرق الأوسط لإنتاج السرنجات ذاتية التدمير بمدينة السادس من أكتوبر يستهدف إنتاج 100 مليون سرنجة سنوياً بتكلفة 16.5 مليون دولار، وعبر المنحة الإماراتية تم تجديد وافتتاح مصنع الأمصال «إيجفاك» بقيمة 700 مليون جنيه. وتسعى شركة جيمس الإماراتية، وهي إحدى أكبر المؤسسات التعليمية في الخليج لاستثمار 300 مليون دولار لمدة خمس سنوات ابتداء من 2019، وتستهدف شراء أربع أو خمس مدارس خاصة وصولاً إلى 30 مدرسة. وترغب مجموعة ثومباي الإماراتية، في استثمار ما يقارب 5 مليارات جنيه لإنشاء جامعة متخصصة في العلوم الطبية، وهي جامعة الخليج الطبية.
عوامل استقطاب الاستثمار
أكد جمال سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، وجود عوامل عدة عملت على استقطاب الاستثمارات إلى مصر وتتضمن الأمن والأمان، وتحرير سعر الصرف والذي كان له أثر إيجابي، وقانون الاستثمار الجديد، وطرح المشروعات التنموية العملاقة سواء في محور قناة السويس والمرافق اللوجستية، أو إنشاء المناطق الحرة والمدن الصناعية الكبرى في المحافظات المصرية كافة، والعاصمة الإدارية وقطاع تطوير المدن والمجمعات العمرانية.
كما تتضمن هذه العوامل مشاريع التجزئة الضخمة من خلال إنشاء مجمعات تجارية كبيرة «مولات» في أكثر من مدينة مصرية، وحرص الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي على تذليل العقبات أمام المستثمرين، بالإضافة إلى الإصلاح الإداري والاتجاه إلى الميكنة الشاملة وتأسيس الشركات إلكترونياً، وكل هذا يشجع المستثمرين ويعطيهم الأمل والثقة في الاستثمار بشكل آمن بمصر.
ومن جهة أخرى، وبحكم موقع البلدين، فإن هذه الاستثمارات ستكون الجسر الأسرع الرابط بين الاقتصاد الإماراتي والجناح الغربي من العالم العربي من جهة وجنوبه في اتجاه شرق أفريقيا وجنوبها، وذلك بعد أن أحرزت المبادلات التجارية والاستثمارات مع شرق آسيا، قفزة عملاقة وضعت الإمارات في فئة كبار اللاعبين الأساسيين في التجارتين العالمية والإقليمية.