بينما الاضطرابات والأزمات تشتد في العالم، وصناعة السياحة العالمية لا تستطيع التنبؤ بما يمكن أن يحدث في القطاع، ومع إلغاء عدد كبير من السياح رحلاتهم السياحية السنوية، بسبب ما يحدث حالياً في كثير من الوجهات، وشعور عام بعدم الأمان، أجد من خلال متابعتي للتدفق السياحي إلى تايلاند والإحصائيات لحجم الأشغال تدهشني!
فخلال هذه الفترة هناك تدفق من الخليجيين من الإمارات والسعودية وسلطنة عمان والعديد من الدول الخليجية، حيث بلغ عدد السائحين من منطقه الشرق الأوسط والدول العربية خلال العام الماضي إلى تايلاند نصف مليون سائح، نصفهم على الأقل يتلقون العلاج في مستشفيات تايلاند المتخصصة الشهيرة.
وأيضاً هناك إحصائيات أخرى تأتي إلينا من تايلاند تؤكد أن السياحة العلاجية هناك تشهد رواجاً غير مسبوق رغم كل ما يحدث في العالم، وأن القدرة الاستيعابية للمستشفيات تفوق الطلب عليها، وأن هناك مشروعات لزيادة الطاقة الاستيعابية لهذه المستشفيات أو إنشاء مستشفيات جديدة.
وبحسبة بسيطة لو ضربنا هذه الأعداد في ألف أو ألفي دولار ثم تكرارها على مدار السنة، سيكون الحاصل هو مليارات الدولارات.
تايلاند الدولة الشهيرة سياحياً والتي نعرفها بأنها أحد أهم وجهات السياحة الترفيهية في العالم، والتي تملك الجزر والشواطئ والمنتجعات والطبيعية الخلابة، كان يمكنها ببساطة أن تكتفي بمنتجعاتها وشواطئها وجزرها وغاباتها وتاريخها، وتجلس هادئة تنتظر دون جهد، ليأتي إليها السياح من كل دول العالم، ولكنها اختارت أن تزيد من مقوماتها السياحية وأن تسعى لتكوين قاعدة للسياحة العلاجية، ونجحت في اجتذاب مئات الآلاف من المنطقة الخليجية ومن العالم للعلاج هناك. وطبعاً سبب النجاح الرئيسي هو الخدمة الجيدة والأطباء المهرة والأسعار التي تنافس دول العالم.
وتوفير المناخ والمتطلبات التي تتلاءم مع طبيعة السائح الخليجي والعربي من مأكولات ومطاعم وأسواق واستقبال رائع.
ولنسأل أنفسنا.. كيف يفكر هؤلاء الناس في خلق قواعد سياحية متعددة ومتنوعة لتقديم مجموعة خدمات مختلفة، إذا تعثرت واحدة حملتها الأخرى.
وسألت نفسي هل من بين مئات المشروعات السياحية المتشابهة التي تكالبنا عليها، ألم يفكر أحد في مشروع واحد للسياحة العلاجية؟ بدلاً من أن نقدم جميعاً منتجاً واحداً.
السؤال الثاني .. لماذا لم يفرح القائمون على مشروعات السياحة العلاجية في بانكوك بهذا الإقبال الكبير على مشاريعهم ويقرروا رفع الأسعار، بحجة أن العرض والطلب هما أساس تحديد السعر..؟ ولماذا لم يرفعوا أسعارهم كما نرفعها نحن دائماً عندما تجد مشروعاتنا الإقبال والرواج..؟
قد تبدو الأسئلة بلا إجابات، ولكنها على الأقل دروس لا يكفي أن نقف أمامها ونتساءل، وأنما يجب أن نقف أمامها ونتعلم.. ونحاول ونبدأ !
وحياكم الله..
رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية