فاطمة عطفة (أبوظبي)
أدوات التعبير الفني متقاربة ومتناغمة مع بعضها من أقدم العصور. ويأتي تصميم اللوحة واختيار الألوان ومزجها مع سماع الموسيقى حافزاً لتحريك فرشاة الفنان لإنجاز لوحة تشكيلية تحمل رؤية بصرية تخفي وراءها تأثيرات سمعية تزيد من جمال اللوحة. بهذا التميز الحسي الراقي قام الفنان التشكيلي التونسي نجا المهداوي، يوم الأربعاء الماضي بالإشراف على ورشة عمل فنية نظمتها «مؤسسة خولة للفن والثقافة»، في مقرها بمعسكر آل نهيان بالعاصمة أبوظبي، وهي مؤسسة ثقافية فنية أسستها حرم سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني، سمو الشيخة خولة بنت أحمد خليفة السويدي في أبوظبي، بغرض تفعيل الاهتمام بالفنون الكلاسيكية بأنواعها والتركيز على إحياء فن الخط العربي بجميع مدارسه واتجاهاته، ونشر المعرفة المتعلقة بكافة أنواع الفنون التشكيلية، وصقل المواهب الشابة وإغناء التجربة الفنية ورفدها بكل معرفة جديدة، على صعيد الفكر والفن والثقافة.
شارك في الورشة عدد من الفنانات الشابات اللواتي يرغبن بتعليم فن الرسم على أصوله، وقد شرح الفنان المهداوي عن سماع الموسيقى أثناء الرسم وتأثيرها الجمالي في خيال الفنان، مشيراً إلى العلاقة بين تموجات اللحن وحركة اليد وهي تحرك الفرشاة وتعمل على مزج الألوان واستخدامها في تشكيل اللوحة.
ولمزيد من التواصل والتفاعل بين المشاركات، طلب الفنان منهنَّ أن يتبادلنَ الرسم بحيث تقوم الواحدة باستكمال لوحة زميلتها، وهذا التعاون يغني التجربة الفنية لدى المشاركات ويساعد في التفاهم وإقامة نوع من الحوار بالإبداع والتواصل مع الآخر.
وفي لقاء «الاتحاد» مع الفنان قال، إن «تجربة الموسيقى تجربة علمية، ومن عادة الرسام أن يسمع الموسيقى وهو يرسم. أحببت أن أعرف كيف يكون التجاوب مع وجود الموسيقى؟، وماذا يترك اللقاء مع بعضنا من تأثير؟. واخترت معزوفة تحمل قيمة كبيرة للمزج بين ثقافات ما بين الأندلس وفرنسا أو ألمانيا، لنرى كيف يكون تقبلها والانسجام معها.
وعن تبادل الرسم بين اثنتين على لوحة واحدة، قال: هذا يهدف لمعرفة مدى إمكانية تقبل الفنانة أن تشاركها فنانة أخرى في رسم اللوحة، مبيناً أن العملية إذا نجحت فهذا يعني تقبل التعاون والتفاهم مع الآخر، وبذلك نكتشف من يستجيب لهذا التعاون ومن لا يستجيب. وأكد أن هذه التجارب تبدأ من الطفولة، وهي تشبه اللعب في تبادل الأشياء بين الأطفال.
واختتم الفنان حديثه حول أهمية الدور الثقافي والفني الذي تقوم به المؤسسة في صقل مواهب الجيل الجديد من هؤلاء الفنانات المشاركات وإغناء تجاربهن التشكيلية والثقافية، مؤكداً أن هذه المؤسسات الفنية في أبوظبي ودبي تغني تجارب الفنانين وتسهم في التبادل الثقافي والمعرفي بين الإمارات ودول العالم. ومن بين المشاركات الفنانة كلثم التي قالت: «في مؤسسة خولة للفن والثقافة أجد أشياء فنية جديدة لم تكن عندي. هنا يتم تعليم الفنون على أصولها، واليوم تعرفت على المنمنمات والخطوط. الفنان المهداوي يساعدنا في التشكيل بين الخط وبين الرسم، وهذا شيء مختلف عن التكنيك الذي كنت أتبعه في رسومي. وهذه فرصة لأتعلم أشياء جديدة في فنون التشكيل من خط ورسم وتلوين وأبني على ما عندي. وقد فتحت لنا مؤسسة خولة آفاقاً جديدة لكي نلتقي بفنانين عالميين ولولاها لما أمكن لنا أن نلتقي بهم.
وأشارت كلثم إلى أهمية الاستماع إلى الموسيقى لأنها تساعد في الرسم، وأكدت أنها تستمع إلى مقطوعات هادئة وهي ترسم.