الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
التعليم والمعرفة

أوبرا الروبوت.. الجمال المخيف

أوبرا الروبوت.. الجمال المخيف
2 فبراير 2020 01:42

عصام أبو القاسم (الشارقة)

يثير العرض الذي قدمه الياباني كييتشيرو شيبويا مساء أمس الأول في مسرح أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، تحت عنوان «أوبرا الروبوت: جمال مخيف»، أسئلة حول مستقبل الإبداع الموسيقي مع التطور المذهل الذي يشهده المجال التكنولوجي، فالعرض الذي مزج بين الأوركسترا والفيديو والموسيقى الإلكترونية، بدا كما لو أنه اختبار أولي لإمكانية أن يحل «الروبوت» محل الإنسان لا في قيادة الفرقة الموسيقية فحسب ولكن في الغناء أيضا، وفي تشخيص وتجسيد الحالات الشعورية، حركياً وإشارياً.
«الروبوت» الذي صنعه هيروشي إيشيجورو، وطوّع حركته بحيث تتماثل مع حركة الإنسان، مع تاكاشي إيكيجامي، وهما مختصان في هذا النوع من المعارف التكنولوجية بجامعة أوساكا في اليابان، بدا لا في هيئة بشرية ولكن في حالة هجينة بين الإنسان والآلة، وربما هنا يكمن مصدر الإحساس بالغرابة في هذا العرض الذي جاء في إطار فعاليات معرض تراكيب الرنين: فن الصوت والأداء الياباني الذي تنظمه مؤسسة الشارقة للفنون كجزء من تعاون يمتد لأربع سنوات مع القيّمة يوكو هاسيكاوا، المديرة الفنية لمتحف الفن المعاصر في طوكيو، وقيمة بينالي الشارقة 11.
وبرغم العدد الكبير للعازفين من الأوركسترا الوطنية (نحو 40 عازفاً) إلا أن مساحة جلوسهم في منصة العرض غُمرت بالعتمة تقريباً بينما سلطت المزيد من الأضواء وكاميرات الفيديو لإبراز وتجسيم حركات «الروبوت» (الترا 2)، وهو يحاكي «المايسترو» في توجيهه الفرقة الموسيقية، ثم وهو يغني بصوته الالكتروني الذي يبدو كمزيج من التنغيم الموسيقي والصوت البشري، وصولاً إلى تأديته التحية للجمهور.
وقد تمت الاستعانة بشاشة عرض ضخمة، وضعت في خلفية المنصة وانعكست على سطحها صورة الروبوت في حركته المتفاعلة والمتناغمة مع الموسيقى، وقد برزت تكويناته الجسمية، ومن كل الزوايا: الوجه والرأس والأصابع على يديه، وبدا كما لو أن ثمة العشرات من كاميرات الفيديو زرعت لتصوير وتكبير وتعزيز حضوره الحيوي المدهش على الشاشة.
وقد جاء العرض في أربعة مقاطع ألفها موسيقياً كييتشيرو شيبويا، وقدمت بصحبة الفرقة الموسيقية مجتمعة، كما قدمت بشكل ثنائي بين الربوت والبيانو. وقد بدا لافتاً اختيار شيبويا للنصوص المصاحبة لهذه المقاطع، فمعظم النصوص التي انتقاها سردية لا شعرية، وهي ذات طابع فلسفي تقارب أسئلة ومفاهيم كالحياة والموت والصدق وطبيعة الإنسان، فالمقطع الأول الذي قدم للجمهور تحت عنوان «العقل الثالث» عن نص بالعنوان ذاته للكاتب ويليام بوروز، والثاني «جمال مخيف» عن رواية «احتمال جزيرة» للكاتب ميشيل ويلبيك، والثالث «سقوط الملاك» عن رواية بالعنوان ذاته ليوكيو ميشيما، والرابع «عن اليقين» واستعاره شيبويا عن نص بالعنوان ذاته من تأليف الفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين.
كان العمل اشبه بعرض أدائي من تجسيد الروبوت الذي يوّلد حركته من دون برمجة مسبقة بل بالتفاعل المباشر مع الفرقة الموسيقية. لم يتضمن العرض الكثير من الكلمات ولكن ثمة مقاطع نصية كان يرددها «الروبوت» بصوته الاصطناعي، وكانت تمرر على الشاشة بالتزامن مع ترديده، وعبر هذه الكلمات أو من خلال الشكل العام للعمل بدا كأن العرض محاورة فنية وفلسفية بين الآلة والبشر حول الحدود الفاصلة بينهم وإمكانية تخطيها.
وفي نص التقديم الإعلامي للبرنامج الذي طرحته مؤسسة الشارقة للفنون ورد «إن الفلسفة الروحانية اليابانية الفريدة تفرض احتراماً متبادلاً في العلاقات بين الكائنات البشرية وغير البشرية». وكييتشيرو شيبويا، صانع العرض، من مواليد 1973، درس التأليف الموسيقى في جامعة طوكيو للفنون، ودشن سنة 2002 مشروعه الموسيقي الذي يستكشف هذا اللون من الصناعة الموسيقية، وقدم عرض «أوبرا جمال مخيف» للمرة الأولى في أستراليا 2017.
أما معرض «تراكيب الرنين: فن الصوت والأداء الياباني»، فانطلق في 20 ديسمبر الماضي ويستمر حتى 15 فبراير الجاري.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©