(الشارقة) على مدار السنوات العشر الماضية، أصدرت دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عشرين كتاباً ضمن سلسلتها النشرية “إشراقات” لكتّاب وكاتبات من الجيل الجديد وحققت بعض هذه الكتب حضورها في الساحة الأدبية سواء عبر الأمسيات الثقافية التي تنظم في أندية القصة والشعر أو عبر المتابعات النقدية في الصحف والمجلات.
إضاءات
طرحت الدائرة هذه السلسلة منذ عام 2002 لتشجيع وتحفيز الكتاب الإماراتيين الشباب على نشر نتاجاتهم في الشعر والقصة والرواية ومع مرور نحو عقد من الزمان على التجربة يمكن القول إنها أضافت كثيراً إلى المشهد الأدبي، خاصة أن الدائرة لم تكتف بنشر هذه العناوين، بل إضاءات عليها بعرضها أو إشراك كتّابها في المناسبات الثقافية المتعددة التي تنظمها مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب وملتقى الشارقة للسرد. وبمراجعة سريعة لذاكرة الأنشطة الثقافية التي نُظمت في السنوات الأخيرة يمكن أن نلحظ بسهولة أسماء هؤلاء الكتاب حاضرة هنا وهناك.
وتعمل هذه السلسلة الواعدة بموازاة برامج ثقافية عدة تنظمها الدائرة وتهدف من خلالها إلى رفد الساحة الأدبية بالنتاجات الجديدة مثل “مسابقة الشارقة للإبداع العربي - الإصدار الأول” التي قدمت منذ إطلاقها نحو 300 كتاب كانت بمثابة شهادة ميلاد أدبي لعشرات من الكتاب الشباب في الوطن العربي مثل الروائية السعودية ليلى الجهني 1997 والمسرحي التونسي محمد الغزي 1999 والشاعر المغربي طه عدنان 2003 والقاصة الأردنية سناء شعلان 2006 وغيرهم كثر.
العناية بالمبدعين
لا يعاني المشهد الأدبي الإماراتي أي مشكلات في مجال النشر فثمة العديد من المطابع التي ترفد الساحة بعشرات المنشورات أسبوعياً وشهرياً ولكن ما يميز سلسلة “إشراقات” عنايتها الخاصة بالمبدعين الشباب، هذا ما قاله لـ “الاتحاد” القاص المصري عبد الفتاح صبري الذي يشرف على نتاجات هذه السلسلة.
ويلفت صبري إلى أن بعض الكتّاب الشباب يتردد ويخشى من تقديم إبداعاته إلى النشر لأسباب مختلفة ويقول “لكن الأمسيات الثقافية التي تنظمها مؤسسات أدبية مثل اتحاد الكتاب ونادي الشعر ونادي القصة تتيح لنا أن نتعرف إلى بعضهم فنحثهم على التقدم بإنتاجهم إلى النشر”. ويشير صبري إلى أن النصوص المرسلة للنشر في السلسلة تخضع لمعاينة من قبل لجنة مختصة ولا تنشر إلا أن توافرت على شروط الكتابة الابداعية ومن هنا فإن معظم ما نُشر يعتبر إضافة حقيقية إلى ذاكرة الإبداع المحلي.
وعن الطريقة التي على الكاتب أن يتبعها لو رغب في النشر في السلسلة يقول عبد الفتاح صبري انهم يعلنون بصفة دورية في الصحف، إضافة إلى أن مجلة “الرافد” الشهرية تفرد مساحة واسعة في أعداد متفرقة منها للفت النظر إلى النصوص التي تنشرها السلسلة ويضيف “يمكن لأي كاتب إماراتي شاب أن يرسل كتابه إلى الدائرة سوى عبر البريد الإلكتروني أو عن طريق اليد أو بأي طريقة وسنتواصل معه مباشرة”. ويشير صبري إلى أن إصدارات السلسلة تتوافر على كل ما يوفر لبقية إصدارات دائرة الثقافة والإعلام فهي توزع عبر القنوات ذاتها، كما تعرض في معارض الكتب التي تشارك بها الشارقة عربياً أو دولياً.
حضور المرأة
نشرت السلسلة لغاية الآن لكل من هدى أمين الزرعوني، هاشم المعلم، فاطمة المزرعي، ريا مهنا البوسعيدي،عائشة عبد الله، فاطمة عبد الله، رحاب الكيلاني، ليلى سالم، هدى السعدي، هدى الزرعوني، أحمد عبيد المطروشي، شمسة السويدي، فتحية النمر، العنود النقبي، عائشة الغيص، آمنة الشامسي، لطيفة الحاج.
وكما هو واضح، فان مجمل ما نُشر هو لكتابات “اناث”، وعلى ذلك يعلق صبري قائلاً “هذه ظاهرة تستوجب دارسة (ثقافية/ اجتماعية)، فحضور المرأة هو الأبرز ليس فقط في هذه السلسلة بل في سائر المشهد الإبداعي الإماراتي، بل الخليجي ومن هنا يحتاج الأمر لمؤتمر أو ندوة علمية لتفسير هذه الظاهرة التي باتت ملحوظة خصوصاً في السنوات الأخيرة”.
نافذه للكتاب الشباب
من جانبها، تقول القاصة فتحية النمر التي دخلت إلى المشهد الأدبي عبر إشراقات “إن التجربة مهمة جداً وتمثل نافذة للكتاب الشباب تمكّنهم من تقديم أنفسهم إلى الساحة”. وتؤكد النمر أن روايتها التي أصدرتها السلسلة وهي بعنوان “السقوط إلى أعلى” وجدت أصداء جيدة حفزتها على المتابعة في المشوار إذ أصدرت بعدها رواية بعنوان “الجانب الآخر للقمر” وتعد الآن لإصدار رواية ثالثة.
والشيء ذاته تقوله القاصة لطيفة الحاج صاحبة “هداك الله إلى قلب لا يشبه قلبي”، وتضيف “ما أعجبني هو أن إجراءات التقديم للنشر في السلسلة سهلة وسريعة، ولكن أتمنى أن يكون التوزيع أكبر خصوصاً خارج الدولة”.
من ذلك، يمكن القول بعد مرور عشر سنوات، إن لسلسلة إشراقات إسهامها البارز في المشهد الأدبي الإماراتي الجديد وبالتحديد مشهد جيل الألفية الثالثة، كما يمكن القول إن السلسلة تمثل ذاكرة لمنظورات هؤلاء الكتاب الجدد نحو قضايا المجتمع والعالم والحب والحياة والجمال وسواها من الشواغل الاجتماعية والإنسانية والجمالية.
ولكن، لا بد من انتباهة نقدية إلى هذه النتاجات فهو ما تحتاج إليه الآن دعماً لحضورها وفرزاً لمزاياها واسئلتها وجمالياتها.