عبدالله أبو ضيف وشعبان بلال (القاهرة)
«ببساطة إن مصر، أقدم وأعرق دولة في الجغرافيا السياسية للعالم، غير قابلة للقسمة على اثنين أو أكثر مهما كانت قوة الضغط والحرارة.. مصر هي (قدس أقداس) السياسة العالمية والجغرافيا السياسية»، «إنها علم بمادتها، فن بمعالجتها، وفلسفة بنظرتها».
وصف مبسط لـ«شخصية مصر» من خلال رائعة عالم الجغرافيا السياسية المصري جمال حمدان، التي تصدرت قمة المبيعات في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي انطلق يوم 22 من يناير الجاري حيث تم بيع أكثر من 2000 نسخة في فترة قصيرة.
أحمد المقدامي المدير الفني للمعرض، يقول لـ«الاتحاد»: إن «شخصية مصر»، مجموعة علمية وأدبية قادرة على أن تستمر وتعيش كل هذه السنين بنفس القوة، وهي تحتوي على أهم التوصيفات للمكان والزمان المصري، قادرة في نفس الوقت أن تصبح رائجة بين جيل لم تتح له الفرصة لرؤية جمال حمدان نفسه، لتصبح المجموعة الأكثر مبيعًا في معرض القاهرة للكتاب.
جمال حمدان لمن لا يعرفه
ولد جمال حمدان، في قرية «ناي» بمحافظة القليوبية في 4 فبراير 1928، كان والده أزهرياً ومعلماً للغة العربية، والتحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالباً متفوقاً ومتميزاً خلال مرحلة الدراسة في الجامعة، حيث كان منكباً على البحث والدراسة، متفرغا للعلم والتحصيل. وفي العام 1948 تخرج في الكلية، وتم تعيينه معيداً بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا سنة 1949، حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من «جامعة ريدنج» العام 1953.
وموسوعة «شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان»، كتاب حول جغرافية مصر من أربعة مجلدات بصياغة جمال حمدان الأولى العام 1967، في نحو 300 صفحة تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، ثم صدر منقحاً في أربعة مجلدات بين العامين 1981 و1984.
بأسلوب متميز يقوم على منهج شامل معلوماتي وتجريبي وتاريخي، يمزج حمدان في دراسته بين الجغرافيا والتاريخ والسياسة والعلوم الطبيعية والإنسانية والتطبيقية، ويقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء: الأول شخصية مصر الطبيعية، والثاني شخصية مصر البشرية، والثالث شخصية مصر التكاملية، والرابع شخصية مصر الحضارية. قال الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل: أنا لست المفكر الأول لثورة يوليو إنما جمال حمدان المفكر الأهم لمصر، ولا شك أن حمدان استفاد جداً من اختصاصه في علم الجغرافيا الذي درسه في جامعات بريطانيا، ليُخرج لنا سفره الأهم عربياً وعالمياً، «شخصية مصر: عبقرية المكان».
الإبداع الأعظم
التعبير في الجمل عن شخصية جمال حمدان وتجربته كأستاذ في جامعة القاهرة ليست بعيدة عن وصفه لمصر وشخصيتها في كتابه، فيقول وائل حمدان نجل شقيق المبدع المصري لـ«الاتحاد» إن كتاب شخصية مصر هو الأعظم لعمه وأكثر الكتب التي عمل عليها على مدار 10 سنوات، وأيضاً كتب جغرافيا الدلتا والمدن، مطالباً بمتحف لجمع أعماله.
وأشار وائل إلى اختفاء بعض أعمال عمه في مكان مجهول، وفشل في العثور عليها، موضحاً أنه عندما عاد من السفر من خارج مصر اكتشف أن عمه اللواء عبد العظيم حمدان أعطى لدكتور بمكتبة الإسكندرية أوراق الدكتور جمال حمدان لجمعها وإنتاج كتاب تذكاري بها، لكن هذه الأعمال اختفت حتى الآن والأهم منها أوراقه الشخصية.
وطالب وائل وهو فنان تشكيلي بضرورة استعادة هذه الأوراق والكتب ووضعها في مكان لائق بها وأن تكون متاحة لكافة الناس ونقلها للأجيال المختلفة. وأشار المدير الفني لمعرض الكتاب إلى أن نفاد مجموعة بأهمية «شخصية مصر» من المعرض بسبب تصدرها عمليات البيع، لا ينفصل عن اختيار جمال حمدان كواحد من أهم الكتّاب في الجغرافيا السياسية في العالم كشخصية للمعرض.
ويهتم جمال حمدان بكل شيء -حسب وائل نجل شقيقه- والذي يقول إن هناك كتباً أخرى متوقفة لم تُطبع منذ سنوات وتحتاج أيضاً إلى إعادة طباعة فاخرة لتوريث علمه للأجيال الجديدة باعتبار أن أفضل شيء يُمكن أن يقدم للعالِم الراحل هو طباعة أعماله.
