الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

ارتفاع مفاجئ للجنيه المصري أمام الدولار

ارتفاع مفاجئ للجنيه المصري أمام الدولار
29 يناير 2019 01:46

القاهرة (رويترز)

أثار ارتفاع مفاجئ للجنيه المصري أمام الدولار، أمس الأول، حيرة المتعاملين والمستثمرين في ظل تباين آراء المصرفيين ومحللي الاقتصاد بشأن الأسباب، وعدم صدور تصريحات توضيحية من البنك المركزي أو الحكومة. وبحلول الساعة 0730 بتوقيت جرينتش أمس، بلغ متوسط سعر بيع الدولار في البنوك 17.75 جنيه مقابل 17.95 جنيه للدولار صباح الأحد. وهذا أقوى مستوى للجنيه مقابل الدولار منذ مايو 2018، وفقاً لبيانات «رفينيتيف آيكون».
وقال مسؤول مصرفي بأحد البنوك الخاصة في مصر طالباً عدم نشر اسمه: «ارتفاع الجنيه المصري حركة مثيرة للقلق، وليس لها أي علاقة بالعرض والطلب، تصريحات محافظ البنك المركزي نهاية الأسبوع الماضي كانت تمهيداً لما يريد فعله هذا الأسبوع». وكان طارق عامر محافظ البنك المركزي قال لوكالة «بلومبرج» للأنباء الاقتصادية الأسبوع الماضي إن سوق العملة سيشهد «تذبذباً» بعد إنهاء آلية تحويل أموال المستثمرين الأجانب.
وأنهت مصر في ديسمبر العمل بهذه الآلية التي كانت تضمن للمستثمرين الأجانب الراغبين في بيع ما بحوزتهم من أوراق مالية مصرية تحويل أموالهم للخارج بالدولار. وكانت مصر استحدثت هذه الآلية في مارس 2013 لضمان حصول المستثمرين الأجانب على النقد الأجنبي عندما تكون لديهم الرغبة في التخارج من الأوراق المالية المحلية. ويجب على المستثمرين الآن التعامل عبر سوق الصرف بين البنوك. ولم يرد طارق عامر محافظ البنك المركزي حتى الآن على طلبات من «رويترز» للتعليق على الارتفاع المفاجئ لسعر الجنيه.
وقال مصرفي بأحد البنوك الحكومية لـ«رويترز» طالباً عدم نشر اسمه: «إلغاء آلية تحويلات الأجانب ورفع سعر الدولار الجمركي قرارات من شأنها التأثير على سعر الصرف وهو ما لم يحدث. وكان أحد نقاط الخلاف بين مصر وصندوق النقد بأن المركزي يتدخل في سعر الصرف، لذا كان لابد من توجيه رسالة بأن السوق متروك للعرض والطلب وهو ما رأيناه أمس». وأضاف المصرفي: «قد نرى مزيداً من الارتفاع للعملة المحلية لأسبوعين قبل معاودة النزول، وسط توقعات برفع أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية منتصف فبراير».
وقال محمد أبو باشا محلل الاقتصاد المصري في بنك الاستثمار «هيرميس» لـ«رويترز»: «كان متوقعاً حدوث تذبذب في أسعار العملة المحلية مقابل الدولار بعد إنهاء العملة بآلية تحويل أموال الأجانب.. رأينا تدفقات أجنبية كبيرة نهاية الأسبوع الماضي في سوق أدوات الدين». وأضاف: «كان هناك قلق من حائزي الدولار من تراجع الأسعار، ما دفعهم للبيع وسط زيادة العرض عن الطلب.. التذبذب سيستمر وفقاً لحجم التدفقات النقدية. وتوقعاتنا لمتوسط سعر الدولار مقابل الجنيه 17.90-17.95 جنيه هذا العام، لكن قد نغير التوقعات بعد ما حدث» أمس الأول.
وقال عدد من مستوردي الأجهزة الكهربائية في مصر لـ«رويترز»، إن البنوك توفر كل طلباتهم من الدولار دون تأخير، في حين قال بعض الأفراد إنهم يواجهون صعوبات في توفير الدولار من البنوك دون مستندات خاصة بالسفر أو العلاج، في الوقت نفسه قال ثلاثة من المتعاملين في السوق الموازية للعملة في مصر لـ«رويترز»، إن السوق يشهد هدوءاً في التعاملات. وقالت رضوى السويفي رئيس قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس لـ«رويترز»: «هناك معروض من الدولار أكثر من الطلب في البنوك وفقاً للبنوك ذاتها، لكن هذا لن يجعلنا نغير توقعاتنا لمتوسط سعر الدولار عند 18.50 جنيه هذا العام إلى أن نرى استمرار تدفقات الأجانب بقوة».
وقال متعامل في سوق أدوات الدين الحكومية: «هناك تدفقات أجنبية لكن ليس بالقوة التي كانت موجودة عند تحرير سعر العملة في 2016». ورغم نجاح مصر في جذب أموال الأجانب الساخنة في أدوات الدين قصيرة الأجل، فإنها لم تتمكن بعد من جذب استثماراتهم المباشرة بالمستويات نفسها رغم تحرير سعر صرف الجنيه والإصلاحات الاقتصادية. وتراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 1.1 مليار دولار بين يوليو وسبتمبر 2018، مقارنة مع 1.84 مليار دولار قبل عام.
وقال مصرفي آخر لـ«رويترز» طالباً عدم نشر اسمه: «لا تنس أن هناك التزامات على البنوك العاملة بمصر بالعملة الصعبة، وأن السوق السوداء عادت مجدداً خلال الفترة الأخيرة». وبلغ صافي الالتزامات بالعملة الصعبة للبنوك العاملة في مصر نحو 99.282 مليار جنيه بنهاية أكتوبر، وفقاً لبيانات البنك المركزي. وتعتمد مصر على الاقتراض الخارجي والأموال الأجنبية الساخنة في أدوات الدين على المدى القصير في توفير الدولار، بجانب المصادر الأساسية، مثل إيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج والصادرات، التي لم تشهد نمواً يضاهي خطوة تحرير سعر صرف الجنيه في أواخر 2016. وأمام مصر جدول سداد ديون خارجية للعامين القادمين، وهي تحاول توسيع قاعدة مستثمريها وتمديد أجل استحقاق ديونها، والاقتراض بفائدة أقل. وبلغ الدين الخارجي لمصر 92.64 مليار دولار في نهاية يونيو الماضي بزيادة 17.2% على أساس سنوي.
وقال مسؤول مصرفي آخر في أحد البنوك الخاصة: «يمكننا الاعتماد على الأموال الساخنة في الفترة الأولى للإصلاح الاقتصادي، لكن لا يمكننا الاعتماد عليها بعد مرور عامين من الإصلاحات». وأضاف: «من الخطير الاعتماد على الأموال الساخنة كأحد مكونات الاحتياطي النقدي في ظل تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. لابد أن يعي المركزي أن عدم وجود مقومات وموارد مستدامة للدولار سيهبط بالعملة المحلية من جديد».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©