شهدت الصين فترة من النمو السريع والتحول من اقتصاد يعتمد على الخطط المركزية، إلى اقتصاد يعتمد على السوق، حيث غدت في الوقت الراهن، من بين بلدان الدخل المتوسط التي تتميز باحتياجات تنموية معقدة، يلعب فيها البنك الدولي دوراً تنموياً مهماً.
ومنذ إطلاق إصلاحات السوق في 1978، تمكنت الصين من التحول إلى اقتصاد يعتمد على السوق وتحقيق نمو اقتصادي واجتماعي سريع، حيث قارب متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي 10%، في أسرع نمو مستمر لواحد من الاقتصادات الكبيرة في التاريخ، مع انتشال نحو 800 مليون شخص من براثن الفقر، بحسب تقرير للبنك الدولي.
وبحلول 2015، تمكنت الصين من تنفيذ خطة «أهداف التنمية الألفية» بكاملها، بجانب المساهمة بقدر كبير في تحقيق هذه الأهداف على الصعيد العالمي. ورغم التراجع التدريجي للناتج المحلي الإجمالي للصين منذ 2012، فإنه لا يزال قوياً قياساً على المعايير العالمية.
وبتعداد سكاني يتجاوز 1.3 مليار نسمة، تملك الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حيث تلعب دوراً متعاظماً في النمو العالمي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في سنة 2008.
ومع كل هذا، لا تزال الصين مصنفة ضمن قائمة الدول النامية، حيث ظل متوسط دخل الفرد يشكل نسبة ضئيلة مقارنة بالدول المتقدمة، بجانب قصور يلازم إصلاحات السوق باستمرار. ووفقاً لمعايير الفقر الحالية في الصين، حيث يقدر دخل الفرد في المناطق الريفية بنحو 2.3 ألف يوان سنوياً بحسب أسعار 2010، ناهز عدد الفقراء في هذه المناطق، 55 مليوناً في 2015.
وصاحب النهضة الاقتصادية السريعة، العديد من التحديات، بما فيها سرعة انتشار المدن، وكذلك التحديات البيئية، كما تواجه الصين أيضاً، ضغوطاً في التوزيع السكاني، ترتبط بارتفاع معدلات الأعمار والهجرة الداخلية للعمالة.
ولأجل استدامة النمو الصيني، يترتب على الحكومة إصلاح بعض السياسات، حيث تعكس الخبرة، أن التحول من الطبقة الوسطى إلى العليا، يكون أكثر صعوبة من التحول من الطبقة الدنيا إلى الوسطى.
وتتصدى الخطة الخمسية الصينية الثانية عشرة (2011 – 2015)، والخطة الجديدة الثالثة عشرة (2016-2020)، بقوة لهذه القضايا.
وتلقي هذه الخطط، الضوء على تطوير الخدمات والمعايير، بُغية التصدي لعدم التوازنات البيئية والاجتماعية، ووضع الأهداف التي ترمي للحد من التلوث، وزيادة كفاءة الطاقة، وتحسين إمكانية الحصول على فرص التعليم والرعاية الصحية، وتوسيع رقعة الحماية الاجتماعية.
وكانت نسبة النمو المستهدفة في الخطة الخمسية السنوية الثانية عشرة 7%، بينما تراجعت هذه النسبة إلى 6.5% في الخطة الخمسية التي تلتها، ما يؤكد إعادة توازن الاقتصاد والتركيز على جودة النمو، في الوقت ذاته الذي تحافظ فيه البلاد على هدف تحقيق مجتمع يتمتع بالرفاهية المعتدلة بحلول 2020، ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للخطة العشرية (2010-2020).