الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
الترفيه

عبير باشراحيل.. ذاكرة الرواة

عبير باشراحيل.. ذاكرة الرواة
25 سبتمبر 2019 02:25

أشرف جمعة (أبوظبي)

شغفها بالتراث الشفهي، ورغبتها في أن تحاور الرواة والسفر معهم عبر أزمنتهم البعيدة، بحثاً عن توثيق الحياة في الماضي، جعل الباحثة عبير محمد باشراحيل عضو جمعية التاريخ الشفهي العالمي، وجمعية التاريخ الشفهي الأميركي، والمجلس العالمي للموسيقى التقليدية، تضيف إلى الذاكرة الشفهية حكايات من عمق الموروث، وهي متكئة على ثقافة تراثية وروح وثابة نحو المشاركة في مشروعات توثيق التاريخ الشفهي، لتربط مرويات كبار المواطنين بالحاضر، وتشرف على مشروع إنشاء أرشيف متكامل ومنصة رقمية للفنون الشعبية والفنانين الإماراتيين ضمن مشروعات هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وحاورت ما يقرب من 200 راوٍ عبر مسيرتها العملية، وشاركت بعشر مقابلات توثيقية بحثية شفهية ضمن كتاب «ذاكرتهم تاريخنا» الصادر عن الأرشيف الوطني، وبخصوص مشروع «ذاكرة الفجيرة»، فقد التقت عبير بعشرات الرواة.

ذاكرة الرواة
تقول عبير باشراحيل: منذ سنوات بعيدة وأنا أجري مقابلات مع المعمرين والرواة الثقات في مختلف إمارات الدولة، بالتعاون مع الأرشيف الوطني في أبوظبي، الذي أتاح لي فرصة العمل ضمن مشروعاته الوطنية وفريق عمله في قسم التاريخ الشفاهي، وهو ما جعلني أرصد الكثير من المخبوء في ذاكرة الرواة الذين استطعت أن أوثق من رواياتهم للعادات والتقاليد في الماضي، وحياة البحر والبحارة، والبيئة البرية والجبلية والصحراء والواحة، لافتة إلى أن أطول محاورة أجرتها كانت على مدار 4 أيام، ووصلت إلى تسجيل صوتي ومرئي نحو 7 ساعات، وتشير إلى أنها جمعت معلومات كانت مجهولة لدى الكثيرين عن الرعيل الأول من الآباء والأجداد والتي تم توثيقها ضمن مشروعات الأرشيف الوطني في أبوظبي في كتابها «ذاكرتهم تاريخنا»، والذي قدمت عبر صفحاته نحو 10 مقابلات توثيقية تعدها من الجهود البحثية التي تعتز بها.

توثيق البدايات
وتذكر عبير أنها تعمل الفترة الحالية مديرة مشروع «ذاكرة الفجيرة»، الذي يوثق تاريخ إمارة الفجيرة بتنوع تضاريسها، بإجراء مقابلات توثيقية لذاكرة الكنوز البشرية من الرواة، ومن ثم حث ذاكرتهم على البوح عن أدق تفاصيل الحياة في الماضي، ليس في البحر والجبال والصحراء والحياة الزراعية ومقومات المعيشة والحياة الاقتصادية فحسب، ولكن يمتد إلى توثيق البدايات في المصالح الحكومية وكل ما شمل الإمارة من تغيرات إبان قيام دولة الاتحاد، من أجل أن تكون الأجيال الجديدة على وعي بالحياة القديمة، مشيرة إلى أنها تقوم بمهمة توثيق هذا التاريخ بمفردها من خلال جهدها البحثي الدؤوب، حيث التقت حتى الآن نحو 50 راوياً منهم 12 امرأة تتراوح أعمارهن ما بين السبعين وما فوق المائة عام، موضحة أنها بدأت الرحلة في هذا المشروع مع الرواة من كبار المواطنين، وهي في طريقها لاستكمال ما بدأته بالروح الدؤوبة نفسها.

تاريخ حي
وتورد باشراحيل، أن طريقة التسجيل مع الرواة تتم بوساطة التسجيل الصوتي والمرئي والتصوير الفوتوغرافي، وأنها تتيح الفرصة للراوي لأن يتحدث عما بداخله من أسرار وكنوز دون قيود، وبعد هذه الرحلة يتم تفريغ محتويات التسجيل ويبدأ البحث الدقيق في المرويات ليخرج لنا بناتج بحث متكامل صالح للنشر، فضلاً عن أن بعض الرواة يسلمونها وثائق أو خرائط أو صورا مهمة ومقتنيات ورسائل قديمة وكتباً عن العمارة القديمة، حتى يكون هذا العمل بمثابة تاريخ حي للجيل الحالي والأجيال القادمة، ودائماً تلمس حالة من السعادة في وجوه هؤلاء الرواة الذين يبوحون بأسرار الموروث، ويلقون بشهادتهم حول العصر الذي عاشوا فيه، معتمدين على ذاكرتهم القوية، كما أن لديهم قدرة على تذكر التواريخ والمسميات والأحداث بشكل مذهل.

أدوار متعددة
وتشير باشراحيل إلى أنها التقت العديد من الراويات المعمرات اللواتي عبرن عن حياة المرأة في الماضي، وكيف أن أدوارها كانت متعددة، حيث كانت تعمل على تربية الأبناء، وتجيد فن الخياطة والطهي والعديد من الحرف اليدوية، وكانت تعالج أيضاً الناس من الأمراض، فضلاً عن أنها كانت تقوم بدور «المولدة» التي تساعد النساء على الوضع، وترعى شؤون أسرتها في حالة غياب الزوج خلال رحلات البر والبحر، واصفة حالة نادرة من التصالح تعيشها أولئك السيدات.

أرشيف متكامل ومنصة رقمية
تؤكد عبير باشراحيل أنها أنجرت نحو 20 بالمائة من رحلتها البحثية، وتشرف الآن على مشروع إنشاء أرشيف متكامل ومنصة رقمية للفنون الشعبية والفنانين الإماراتيين تابعين لهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، وتجري حالياً لقاءات مع العديد من المطربين الشعبيين وغيرهم من الملحنين وشعراء الأغنية وأصحاب الفرق الشعبية، خاصة أن هناك العديد من المطربين والموسيقيين غير معروفين، ومنهم من لقي وجه ربه ولم تدوّن حياته وأعماله، مبينة أن المشروع أيضاً سوف يشمل الفنانين الحاليين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©