الإثنين 11 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
علوم الدار

دليل افتراضي يوثق مقبرة غير المسلمين بأبوظبي

دليل افتراضي يوثق مقبرة غير المسلمين بأبوظبي
28 يناير 2020 00:48

إبراهيم سليم (أبوظبي)

شهد معالي الدكتور مغير خميس الخييلي، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، أمس، عرض جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا أول دليل افتراضي حول مقبرة غير المسلمين في أبوظبي، والذي يحوي مخزن معلومات لمقبرة أبوظبي الأولى لغير المسلمين، وهو عبارة عن شاشات لمس إلكترونية تقدم تفاصيل مهمة حول الشخصيات الدينية المختلفة المدفونة في مقبرة «ساس النخل» لغير المسلمين، الأمر الذي يعكس التنوع الديني المتميز وقيم التسامح في دولة الإمارات، ونظمت الفعالية الجامعة في حرمها الرئيس بأبوظبي، وبحضور قيادات دينية تمثل الكنائس الكاثوليكية والأنجيليكانية والأرثوذوكسية وغيرها من الطوائف المسيحية، بالإضافة إلى قيادات دينية من الديانات الهندوسية والسيخية والبوذية التي أشادت جميعها بالجهود المبذولة لإنجاز هذا المشروع.
وتوفر الشاشات الإلكترونية التي تعمل باللمس تفاصيل عن الشخصيات المتوفاة خلال الفترة من أوائل الستينيات وحتى عام 2012. وبحسب السجلات المتاحة، فقد تم دفن حوالي 450 شخصية معروفة من 15 ديانة مختلفة في المقبرة بين عام 1963 و2012، حيث تم تحويل جميع عمليات الدفن لغير المسلمين إلى مقبرة بني ياس في عام 2012.

حضور الفعالية
حضر الفعالية مع معاليه عدد من رجال الدين، وهم: الأب جاندولف وايلد، نائب أمين سعادة المطران بول هندر، والأب أبيشاي فازي من كاتدرائية القديس يوسف في أبوظبي، والأب أندرو تومسون، من كنيسة القديس أندرو في أبوظبي، والأب ماركس دونالد من كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الأخير في أبوظبي، والقس الأب ميخائيل هاني يوسف من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في العين.

تعزيز التسامح
وقال الدكتور عارف سلطان الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي لجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: «تفخر جامعة خليفة بمشاركتها في هذا المشروع التاريخي، ومساهمة طلبتها في تطوير الشاشات الإلكترونية التي تعمل باللمس، وتؤكد نهج التسامح الديني الذي يميز دولة الإمارات واحتضانها للأديان المختلفة، تحقيقاً لرؤى وتوجيهات قيادتنا الرشيدة. ويُجسّد هذا المشروع مثالاً واضحاً على التنوع الثقافي الشامل لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقيم التعايش والسلام التي شكلت الركائز الرئيسة لدولتنا منذ نشأتها.. من جانبنا، تسهم جامعة خليفة بهذه المبادرة للحفاظ على التسامح الديني وتعزيزه كإرث أساسي مهم لدولة الإمارات».

الطلاب الباحثون
ويأتي هذا المشروع تتويجاً لجهود حثيثة قام بها عدد من الطلبة الجامعيين، بمن فيهم 10 طلاب من طلبة جامعة خليفة على مدى أشهر، حيث قاموا بالجمع الدقيق للمعلومات حول مقبرة ساس النخل «أم النار» لغير المسلمين. وترأس المشروع الدكتور أثول ييتس، الأستاذ المساعد للعلوم الإنسانية والاجتماعية في الجامعة وبدعم من شرطة أبوظبي. وصُمّم تطبيق شاشات اللمس كأول دليل افتراضي حول مقبرة غير المسلمين في أبوظبي.
واعتماداً على شهادات الوفاة المسجلة، فقد تم جمع البيانات حول الشخصيات المدفونة في المقبرة من الطوائف الكاثوليكية الرومانية والأنجليكانية والأرمينية والمسيحية الرسولية والأرثوذوكسية والأرثوذوكسية الهندية واليونانية، وكنيسة مالانكارا مار توما السورية، والبروتستانتية والإنجيلية، وغيرها من الطوائف المسيحية، بالإضافة إلى الهندوسية والسيخية والبوذية.
وتقدم شاشات اللمس تفاصيل عن شخصية المتوفى، مثل الاسم والانتماء الديني، وغيرها من المعلومات التي جُمعت من شهادات الوفاة. وسيتمكن مستخدمو الشاشات الإلكترونية من مشاهدة صور جوية للمقبرة توضح مواقع المدافن، بالإضافة إلى معلومات أساسية حول المقبرة، والتفاصيل الإحصائية والمعلومات ذات الصلة.
من جهة أخرى، تسهل شاشات اللمس الوصول إلى قائمة كاملة بالشخصيات التي يعرف أنها دفنت في مقبرة ساس النخل لغير المسلمين، مع صور مواقع المدافن الفردية وشواهد القبور.

تجسيد لمعاني الإنسانية
ثمن معالي الدكتور مغير الخييلي، رئيس دائرة تنمية المجتمع، جهود جامعة خليفة وفريق العمل الذي أنتج هذه الفكرة الإنسانية، المجسدة لواقع دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة التي عززت معاني الإنسانية والتعايش والتسامح في أبهى صوره، مؤكداً أن مقبرة ساس النخل للوافدين من غير المسلمين، وما وثقه أبناؤنا في جامعة خليفة وما بذلوه من جهد، والتي ثبتت عدد القبور ومن هو مدفون بها، خاصة أن هنالك شخصيات محلية وعالمية موجودة بهذه المقبرة، وهذا النظام يدل على مدى اهتمام جامعة خليفة بخدمة المجتمع، وارتباطها بذلك، وهذا التطوير باستخدام التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، في التعريف بالقبور، ما يسهل عملية التعرف على القبور وتواريخها ومن فيها وتاريخهم وصورهم، ويعد ملفاً لهذا المعلم الموجود بأبوظبي.
وقال معاليه: «أتمنى أن يتسع هذا العمل ليشمل جميع المقابر للمسلمين وغير المسلمين في دولة الإمارات»، معرباً عن شكره للقائمين على هذا العمل من أبنائنا الباحثين في جامعة خليفة.
وأوضح أن هذا العمل يدل على وجود انفتاح للقيادة ودولة الإمارات، منذ زمن طويل، ووجود هذه المقبرة منذ عام 1963 والتي أمر بها الشيخ شخبوط، رحمه الله، حتى اليوم يدل على مدى اهتمام وتسامح قيادتنا الرشيدة عبر التاريخ لاحترام وإكرام الموتى في دولة الإمارات، وما يحدث اليوم هو امتداد لإرث تاريخي، جيلاً بعد جيل.

منهج وأسلوب حياة
أعرب القس أندرو تومسون، راعي كنيسة القديس أندرو في أبوظبي، عن تقديره لدولة الإمارات، وأكد أن هذا العمل يعبر عن روح الإمارات وتقبلهم للآخرين، ويثبت أن التعايش والتسامح وقبول الآخر، منهج وأسلوب حياة لدولة الإمارات منذ القدم، وهذا العمل يؤرخ لظروف الموتى من الجنسيات المختلفة، خاصة أن هناك كثيرين يأتون إلي الكنيسة ويسألون عن آبائهم أو أجدادهم. ويوفر هذا التطبيق معلومات قيمة للأجيال هذه، مؤكداً أن هذا ليس غريباً على دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة، ونشكر المهتمين بهذا الأمر والفريق الذي قدم للإنسانية وذوي الموتى هذه الخدمة العظيمة.

جهود بحثية
قالت الباحثة أميرة العامري، من جامعة خليفة: «إن المشروع عبارة عن عمل تم بالتعاون بين شرطة أبوظبي والجامعة، وتم تشكيل فرق بحثية لجمع المعلومات حول الأشخاص بالمقبرة وصورهم والربط بين الشخص والقبر أيضاً، ووضع المعلومات المرتبطة بكل قبر من قبور الموتى، بحيث يتيح الضغط على الشخص تفاصيل كاملة عنه، وهي جهود تطلبت وقتاً وجهداً طويلاً لجمع المعلومات والرجوع إلى عوائلهم للتزود بالمعلومات الناقصة، واستمر إعداد التطبيق 6 أشهر بخلاف فترة الإعداد للمشروع منذ أكثر من سنة».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©