الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
اقتصاد

لعنة نظام المكابح الآلية في السيارات العصرية

لعنة نظام المكابح الآلية في السيارات العصرية
15 سبتمبر 2019 00:13

تقدم التكنولوجيا الحديثة ميزة القدرة على الحد من حوادث السيارات، بفضل ما يعرف بنظام مكابح الطوارئ الآلية، وبطبيعة الحال، فلكل ابتكار مزاياه وعيوبه. وفي الحالة التي نحن بصددها، قد تنقلب الميزة إلى لعنة حقيقية وقاتلة!
وتسوق شركات السيارات أحدث نظم مكابح الطوارئ باعتبارها عنصراً إضافياً من عوامل الأمان في المركبات المنتجة. وبالتجربة العملية بعد فترة كافية من القيادة، جأر السائقون بالشكوى، فهذا النظام يعمل أحياناً في ظروف مخالفة لما وضع من أجله وهو الحالات الطارئة. والنتيجة.. حادث مميت.
وفجر هذه المشكلة تلقي الوكالات الحكومية المعنية بمراقبة أداء السيارات في الولايات المتحدة، مئات البلاغات خلال الأعوام الأخيرة، بشأن أعطال عارضة بنظام المكابح الآلية أو قصور في التشغيل المتوقع منها. وعكست شكاوى السائقين الجانب المظلم لصناعة السيارات الحديثة، فكل الشركات تقريباً باتت تتوسع في إضافة تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة وتكرسها لتشغيل مزيد من مهام القيادة آلياً.
ويتألف نظام المكابح الآلية من كاميرات، ومستشعرات، وأجهزة إصدار أشعة لاسلكية لرصد الأجسام أمام السيارة. ويبرمج هذا النظام للضغط على المكابح تلقائياً إذا شعر أن قائد السيارة لا يتصرف بالسرعة المنشودة تجاه خطر محتمل. ويرى خبراء نظم الأمان في السيارات أن هذه التكنولوجيا حدت فعلياً من الحوادث، وأنقذت بالتالي أرواح أبرياء كثيرين، لهذا يعتبر صناع السيارات نظم تجنب الحوادث جزءاً مهماً من خطط تطوير السيارات ذاتية القيادة.
وفي المقابل، بدأت الإدارة الوطنية الأميركية لسلامة القيادة على الطرق السريعة في بحث أكثر من 400 شكوى فردية رفعها سائقون خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ويطعنون فيها في نظم المكابح الآلية المثبتة في سيارات من إنتاج شركات نيسان، وفولكس فاجن، وهوندا وغيرها. وفي تحليل لقاعدة بيانات الإدارة المعلنة للجمهور، رصدت صحيفة وول ستريت جورنال تركز الجانب الأكبر من هذه الشكاوى على مسألة تشغيل المكابح تلقائياً وبصورة مفاجئة، رغم عدم وجود خطر ظاهر يتطلب مثل هذا التدخل الآلي، واللافت في الأمر أن تشغيل النظام وقع عند قيادة السائقين على طرق سريعة وبسرعات عالية أحياناً. كما أكد سائقون آخرون أن النظام أخفق في التدخل المنتظر لدى وجود مخاطر فعلية أمام السيارة، ما أثار دهشتهم.
وأوردت الشكاوى ارتباط هذه الأعطال بوقوع 14 حادثة، وقال غالبية السائقين إن إيقاف المركبة تلقائياً حدث في أثناء القيادة على سرعة كبيرة، لدرجة تعريض السيارة للارتطام من السيارة الخلفية على الطريق، وأكد أحد السائقين أنه فقد السيطرة على السيارة وهو على سرعة عالية، نتيجة لتشغيل النظام تلقائياً بقوة، ما أدى إلى دورانها حول نفسها، ثم الارتطام بحائط الأمان الجانبي للطريق.
ومن حسن الحظ أن هذه الحوادث لم تتسبب في سقوط ضحايا، وإن كان بعضها أدى إلى إصابات، وقال 18 سائقاً إنهم أصيبوا بسبب تشغيل نظام المكابح فجأة من دون وقوع تصادم. أما أغرب الحالات التي سجلها بعض السائقين، تشكوا من توقف السيارة تماماً ودونما سبب، لدى مرورها فوق معبر للمشاة والسيارات على خط للسكك الحديدية!
نتيجة لهذا، أمرت الإدارة الوطنية بفتح تحقيقات في 87 شكوى جدية تخص سيارات من نوع «نيسان روج» على سبيل المثال، وكان أصحابها أكدوا أن نظام المكابح الآلية عمل تلقائياً من دون داعٍ، وأوصى ما يعرف بمركز سلامة المركبات بسحب هذه السيارات واستبدالها من دون إبطاء.

تقديرات مضادة
من جهة أخرى، ذكر تقرير أصدره معهد التأمين لسلامة الطرق السريعة وهو مركز للدراسات والأبحاث تشرف عليه شركات التأمين على السيارات، ذكر أن حوادث تصادم السيارات بمؤخرة السيارة الأمامية انخفضت بنسبة 50% في حالة السيارات المزودة بنظام المكابح الآلية، ورأت دراسة المعهد الصادرة في يونيو الماضي، أن هذه الميزة ستمنع وقوع نحو 28 ألف حادث واحتمالات إصابة 12 ألف شخص بحلول عام 2025.
وفي رد ضمني على هذا التقرير، قالت الإدارة الوطنية إن هذا النظام يمكنه الحد من الحوادث المرورية القاتلة فعلياً، وإن كانت التكنولوجيا المستخدمة لتشغيله ما زالت في حاجة إلى مزيد من التطوير مع توحيد المعايير المستخدمة لدى صناع السيارات جميعاً، وهو ما يعرف صناعياً باسم «التكويد».
وقال خبير في نظم الأمان بالسيارات: إن ثمة 40 نظاماً إلكترونياً تقريباً تحت اسم نظام المكابح الآلية وهو عدد سخيف في حد ذاته، ويوضح أن هذا ما يتسبب في حالة من الارتباك لدى السائقين. وكانت شركات صناعة السيارات الأميركية قد سحبت بالفعل نحو 180 ألف سيارة، منذ عام 2015، بهدف إصلاح أعطال هذه النظم.

بقلم: بن فولدي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©