أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)
عقد مجلس السيادة السوداني، أول اجتماع له أمس في القصر الجمهوري بالخرطوم، بحضور كامل أعضائه الـ 11، وذلك بعد أن أدى محمد حسن التعايشي اليمين الدستورية، صباح أمس، بعد وصوله للخرطوم، وقالت مصادر مطلعة لـ«الاتحاد»: إن أعضاء المجلس السيادي تداولوا في مجمل أوضاع السودان التي خلفها سقوط النظام السابق، والوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي، وسبل معالجة ذلك.
وعقب الاجتماع، صرح محمد حسن التعايشي، عضو مجلس السيادة، بأن أعضاء المجلس تعاهدوا خلال الاجتماع على العمل مع بعضهم بعضاً لتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المتعلقة بالاستقرار السياسي والنهضة الاقتصادية.
وأكد التعايشي، أن معالجة قضايا الحرب والسلام تمثل المدخل الصحيح للتسوية السياسية الشاملة في السودان، وتمهد لفتح طريق جديد للتنمية والنهضة، مشيراً إلى أن معالجة الفساد الإداري والاقتصادي الذي يعاني منه السودان لا يمكن أن يتم بالنوايا وحدها، وإنما يحتاج إلى جراحات عميقة في الجوانب الدستورية والهيكلية والإدارية، تفضي إلى معالجات جذرية لقضية الفساد، مؤكداً أن المسؤولية خلال الفترة الانتقالية مسؤولية سياسية وإدارية، وأيضاً أخلاقية بالدرجة الأولى.
ومن ناحية أخرى، أكد البرهان أهمية العلاقات السودانية الإريترية، وذلك خلال استقباله أمس وزير الخارجية الإريتري عثمان صالح، الذي سلم البرهان رسالة خطية من الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، وقال صالح عقب اللقاء: إن الرسالة تتعلق بتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأشار إلى أنه قدم التهنئة للبرهان على تشكيل مجلس السيادة.
يأتي ذلك، في وقت بدأ رئيس الوزراء السوداني الجديد، عبد الله حمدوك، أمس، لقاءات وصفها بالمشاورات الأولية، مع الصادق المهدي وقادة في قوى الحرية والتغيير، وذلك في منزل المهدي آخر رئيس وزراء منتخب بأم درمان، مما اعتبره البعض لمسة وفاء يبدأ بها حمدوك مهمته، وتقديراً للديمقراطية.
وأكد حمدوك، أنه بدأ في مهمة اختيار وزراء الحكومة الانتقالية المقبلة، بحسب المعايير التي تم الإجماع عليها، وهي الكفاءة والقدرة على إحداث التغيير، مع الوضع في الاعتبار القيم التي توافقت عليها قوى الثورة السودانية.
ومن جانبه، أكد الصادق المهدي، الذي يرأس أيضاً كتلة «نداء السودان» المكون الأكبر في قوى الحرية والتغيير، أن قوى الثورة ستدعم الحكومة الجديدة، بقيادة حمدوك لتحقيق الأهداف التي يتوق إليها الشعب السوداني في النهضة والازدهار دون إقصاء لجهة، مع تحقيق العدالة الانتقالية ومحاسبة المفسدين والمسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في حق الناس وفق القانون.
وقالت مصادر مطلعة، لـ«الاتحاد»، إن حمدوك بحث مع قيادات قوى الحرية والتغيير ملامح المرحلة المقبلة ووضع البلاد الاقتصادي والسياسات الجديدة، وقضية السلام باعتبارها أولوية، كما زار حمدوك مقر تجمع المهنيين السودانيين، واجتمع مع قياداته.
يأتي ذلك، في وقت رحب السودانيون على نطاق واسع بالكلمة التي ألقاها حمدوك، بعد أدائه اليمين الدستورية، مساء أمس الأول، أمام رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والتي قال فيها إن شعار الثورة السودانية «حرية سلام وعدالة» سيشكل برنامج الفترة الانتقالية المقبلة.
وأشاد السودانيون، بتأكيد حمدوك أن أهم الأولويات في برنامج الفترة المقبلة هي إيقاف الحرب وبناء السلام المستدام، وقوله إنه سيعمل على وقف معاناة السودانيين في معسكرات اللجوء والنزوح، وعلى معالجة الأزمة الاقتصادية، وبناء اقتصاد وطني يقوم على الإنتاج، وليس الهبات والمعونات، حيث إن السودان بلد غني يستطيع الاعتماد على موارده الذاتية، كما رحب السودانيون بتأكيد حمدوك على أنه سيعمل من أجل إصلاح مؤسسات الدولة السودانية، ومحاربة الفساد وبناء دولة القانون والشفافية والعدل، وأنه سيعمل على وضع سياسة خارجية معتدلة تأخذ المصالح العليا للسودان بعين الاعتبار، وتشديده على دور المرأة في المرحلة المقبلة، وعلى العمل من أجل وطن ونظام ديمقراطي تعددي.
وفي غضون ذلك، أكد الاتحاد الأوروبي، أمس، أن السودان بدأ العمل لبناء دولة حرة ومستقرة ومزدهرة وديمقراطية لجميع الشعب، وأبدى ترحيبه بأداء المجلس السيادي ورئيس الوزراء الجديد، وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في السودان، جان ميشيل دوموند، أمس: نحن في الاتحاد الأوروبي سعداء برؤية أعضاء المجلس السيادي ورئيس الوزراء السوداني الجديد يؤدون القسم، إنه يوم سعيد للسودان، أهنئ الشعب السوداني على نجاحه في التغلب على خلافاته، وأكد أن الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى الدخول في مناقشات مع الحكومة الانتقالية، التي يقودها المدنيون بشأن أولوياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى الدعم الذي يمكن أن يقدمه الاتحاد الأوروبي في هذا السياق في الفترة المقبلة.
كما أعلنت دول الترويكا ( المملكة المتحدة والولايات المتحدة والنرويج) ترحيبها ودعمها للحكومة المدنية في السودان، وهنأت حمدوك على تعيينه رئيساً للوزراء من قبل المجلس السيادي، ورحبت بتجربته المهنية الواسعة، وقالت الترويكا، في بيان لها، إنها تتطلع إلى العمل مع المؤسسات السودانية الجديدة، وأن السودان في هذه اللحظة التاريخية يتمتع بفرصة فريدة لإقامة السلام داخل حدوده، ووضع دستور يضمن حماية حقوق الإنسان، وإنشاء البنية التحتية لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، ونحن نشجع جميع الأطراف على الانخراط بحسن نية لتحقيق هذه الأهداف، ولا سيما الحركات المسلحة التي نحثها على المشاركة بشكل بناء مع الحكومة الجديدة، وأكدت دول الترويكا أنها ستستمر في دعم الحكومة الانتقالية لبناء اقتصاد مستقر وإنشاء حكومة تحترم حقوق الإنسان والحريات الشخصية، وكان مجلس الأمن قد أعلن دعمه للفترة الانتقالية، والتأكيد على وحدة السودان والانتقال لنظام ديمقراطي، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات وتحقيق السلام.
وتوالت في هذه الأثناء، ردود أفعال السودانيين على التطورات الإيجابية لبناء العهد الجديد في بلدهم، وقال القيادي الاتحادي، إبراهيم الميرغني، لـ«الاتحاد»، إن رؤية حمدوك السياسية والاجتماعية مهمة، لكن الأهم هو خبراته في مجال اقتصاديات الزراعة في السودان بلد الـ200 مليون فدان، التي ظلت صالحة للزراعة، ولم تجد من يصلحها. فيما قال الحقوقي السوداني، نزار عبد القادر، هنيئاً للشعب السوداني بالحياة الديمقراطية، وأعرب الأديب السوداني، المعز عمر بخيت، عن تفاؤله بخطاب حمدوك، وقال: إنه محفز، وبه صدق ورؤية وتواضع.