يدخل بقلم: تس رسكي
يدخل الزجاج المسطح بمختلف أنواعه في استخداماتنا الحياتية بصورة متزايدة، ولعله قد حان الوقت لتطوير هذه الصناعة جذريا، بدمج مكوناتها التقليدية المتوارثة مع أحدث صيحات العصر، الذكاء الصناعي.
وقررت شركة «فيو» ومقرها وادي السليكون الأميركي، أن تحدث انقلاباً حقيقياً في هذه الصناعة ونحن على عتبة العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين. وستكون الإمارات من أوائل مستخدمي الابتكار الجديد في منشآتها العصرية المتميزة. ولكن كيف ولماذا؟
لاحظ مختصو قسم الأبحاث والتطوير في شركة «فيو» أن صناعة الزجاج المسطح بشتى أنواعه لم يطرأ عليها تطور يذكر منذ خمسينيات القرن العشرين. أما المستهلكون فلم يلمسوا تغيراً يذكر باستثناء ابتكار الواجهات الملونة مزدوجة الألواح الزجاجية لخفض مستوى الضوضاء، والحد من الحرارة الخارجية. من جهة أخرى، أصبح الهاتف الذكي يستأثر بتطبيقات التكنولوجيا المتقدمة، وبإمكانية التحكم في الأجهزة المنزلية والمكتبية عن بعد، من خلال قائمة تفضيلات المستخدم. وهنا مربط الفرس.
فقد زودت الشركة ألواح الزجاج بشرائح إلكترونية مشابهة للمستخدمة في الهواتف الذكية، مع تحديد هوية رقمية وعنوان لكل نوع، بالطريقة نفسها المتبعة مع الحواسيب. وبرمجت الشريحة للاستجابة لمجموعة تعليمات أبرزها، تعديل درجة اللون للتحكم في مستوى السطوع والإعتام آليا، وبالتالي خفض درجة الحرارة الناتجة عن ضوء الشمس الخارجي، والاتصال آليا بنظم الأمن في المنشأة، أو حتى بأقرب قسم للشرطة إذا تعرض الزجاج للكسر بغرض السطو مثلاً. وتعتزم الشركة تثبيت وحدات تصوير دقيقة في الألواح مستقبلاً لتسجيل الصوت والصورة في المحيطين الخارجي والداخلي للواجهات، فتوفر بذلك قدرات تأمينية إضافية للمنشآت.
ويوفر هذا الجيل الجديد من الزجاج الذكي مزايا عدة رغم ارتفاع كلفته التي تصل إلى خمسة أضعاف كلفة الزجاج المعتاد في المتوسط، مع زيادة لا تقل عن 50% أخرى في التكلفة النهائية مقابل التركيب ونظم التشغيل. رغم هذا، أغرت مزاياه 450 منشأة في أنحاء الولايات المتحدة على تركيبه حتى الآن. ويقول راو مالبوري رئيس مجلس إدارة شركة فيو إن الواجهات الزجاجية الجديدة توفر على مالك المنشأة قيمة ألواح حجب الشمس الإضافية والستائر الداخلية بشتى أنواعها، وتزيد المساحة الداخلية القابلة للاستغلال فترفع من عدد الأفراد الذين يمكنهم شغل المساحة المطلوبة. علاوة على هذا، توفر هذه الألواح الذكية الطاقة المستخدمة في المنشأة بالحد من استهلاك الكهرباء لغرضي الإضاءة، وتكييف الهواء.
وكانت «فيو» فازت بعقد تغيير واجهات مبنى شركة «تيا» الشهير للخدمات المالية في قلب مدينة نيويورك بقيمة 200 مليون دولار. وبدأ العمل فعلياً بنهاية الشهر الماضي في تغيير واجهة المبنى بألواح زجاج فيو الديناميكية المبتكرة. وبانتهاء المشروع، ستتمكن الشركة من تأجير ثلثي الطوابق العليا من المبنى فتحقق إيرادات إضافية، مع تسكين جميع العاملين الحاليين في الثلث المتبقي فقط بعد إعادة استخدام مختلف المساحات غير المستغلة حالياً. ومن المتوقع انتهاء المشروع بحلول نهاية العام المقبل.
ويتميز الزجاج الجديد بإمكانية تثبيته في واجهات المباني القائمة دونما حاجة لتركيب سقالات خارجية، إذ يقتصر العمل على سحب الألواح القديمة واستبدالها بالجديدة من داخل المبنى، طابقاً وراء آخر. وتأسست شركة «فيو» قبل 12 عاماً وتتخذ من مدينة ميلبيتاس بولاية كاليفورنيا مقراً لها.
وشجعها الابتكار الجديد على جمع 1.8 مليار دولار في صورة رأسمال مخاطر منها 1.1 مليار دولار في صورة استثمارات قدمها ما يعرف بصندوق الرؤية التابع لمجموعة «سوفت بنك» في نوفمبر الماضي. وتعد هذه الشركة الأكبر في الولايات المتحدة التي تعمل في مجال الزجاج الذكي، وإن كانت هناك عدة شركات أخرى أقل حجماً. وقد نجحت هذه الشركات في الفوز بعقود في سويسرا وأستراليا والإمارات لتغيير واجهات مبان قائمة، وأخرى تحت الإنشاء.
